لقد قدّم القرآن الكريم أفضل النماذج الهادية لنقتدى بها، فنكون ممن رضى الله عنهم وتولاهم بعنايته، فقدم لنا نموذجًا للعفة والطهارة نقتدى به فلا نسقط فى الفتنة، ولا تزيغ قلوبنا مع الهوى، يتجلى هذا النموذج واضحًا فى نبى الله يوسف عليه السلام وقصته مع امرأة العزيز، واستعصامه بربه، فنجاه الله عز وجل، وفى ذلك يقول الله تعالى: «قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ» (يوسف/33). كما قدم لنا القرآن نموذجًا للقوة مع الأمانة، وتجلى هذا النموذج واضحًا فى نبى الله موسى عليه السلام وذلك حين سقى لابنتىّ شعيب عليه السلام وإلى ذلك تشير الآيات الكريمة: «وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ» (القصص: 23- 26). ويقدم القرآن الكريم نموذجًا هاديًا للبحث المنهجى والتفكير العلمى وعدم التبعية لروح القبلية والتقليد الأعمى، وقد تجلى هذا النموذج فى نبى الله إبراهيم فى قصة إيمانه وإعراضه عن عبادة الشمس والقمر حتى هداه الله لعبادة الحق الواحد الأحد: «وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِين» (الأنعام:75- 79). كما لفت القرآن الكريم أنظارنا إلى نموذج فريد فى الصبر على البلاء وتجلى هذا النموذج واضحًا فى نبى الله أيوب عليه السلام الذى صبر ابتغاء مرضاة الله وكان دعاؤه فى أدب جم وإيمان عميق ويقين ثابت، يظهر ذلك فى قوله تعالى: «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» (الأنبياء/83). ثم أجمل الله فى القرآن الكريم كمالات الأسوة ومعالى القدوة فى سيدنا محمد فدعانا إلى التأسى به، كما فى قوله تعالى: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً» (الأحزاب/21). [email protected]