شهدت هذه الأيام تجاهلا تاما من قبل القوات المسلحة للذكرى الأولى لوفاة الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق. فقد مرت الذكرى الأولى لرحيل الشاذلى أمس الجمعة ومضت دون أن يتذكره أحد أو يقوم المجلس العسكرى بتركيز الضوء عليه أو الاحتفال بالسنوية الخاصة به. وكان الشاذلى قد توفى فى العاشر من فبراير من العام الماضى أى قبل تنحى الرئيس السابق مبارك بيوم واحد، وشيعت جنازته العسكرية من مسجد أبوبكر الصديق بمصر الجديدة فى وداع حزين، حضره عدد من قادة القوات المسلحة. ويوصف الشاذلى بأنه العقل المدبر لحرب أكتوبر 1973، حيث إنه تولى رئاسة أركان الجيش المصري في الفترة من مايو 1971 وحتى ديسمبر 1973. وللشاذلي تاريخ عسكري مشرف حيث أسس أول فرقة للمظلات في الجيش المصري عام 1954 واستمر في قيادتها حتى عام 1959، كما تولى قيادة أول قوات عربية موحدة في الكونغو كجزء من قوات الأممالمتحدة (1960-1961) وانتقل بعدها إلى العاصمة البريطانية لندن حيث عين ملحقا عسكريا في السفارة المصرية هناك في الفترة (1961-1963) وعاد ليتولى قيادة لواء المشاة بالجيش عامي 1965 و1966. وفي الفترة من 1967 إلى 1969 تولى قيادة القوات الخاصة (المظلات والصاعقة) ثم عين قائدا لمنطقة البحر الأحمر العسكرية من عام 1970 وحتى 1971. وفي 16 مايو 1971، وبعد يوم واحد من إطاحة الرئيس السادات بأقطاب النظام الناصري، فيما سماه ب"ثورة التصحيح" عين الشاذلي رئيسا للأركان بالقوات المسلحة باعتباره لم يكن محسوبا على أي من المتصارعين على الساحة، واستمر في هذا المنصب حتى 13 ديسمبر 1973.. وذلك قبل أن ينتقل إلى العمل الدبلوماسي، حين عين سفيرا لدى بريطانيا (1974-1975)، ثم سفيرا لدى البرتغال (1975-1978). وفي عام 1978 انتقد الشاذلي بشدة معاهدة "كامب ديفيد" وعارضها علانية مما جعله يتخذ القرار بترك منصبه والذهاب إلى الجزائر كلاجئ سياسي، حيث كتب الفريق مذكراته عن الحرب، التي اتهم فيها السادات باتخاذ قرارات خاطئة رغم جميع النصائح من المحيطين. كما اتهم في تلك المذكرات السادات بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة، في مفاوضات فض الاشتباك الأولى. وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه السادات بإساءة استعمال سلطاته، وهو الكتاب الذي أدى إلى محاكمته غيابيا بتهمة إفشاء أسرار عسكرية.. وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة، ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانوني وتجريده من حقوقه السياسية. وحين عاد إلى مصر عام 1992 بعد 14 عاما قضاها في المنفى، قبض عليه فور وصوله المطار وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن دون محاكمة، رغم أن القانون ينص على أن الأحكام القضائية الصادرة غيابيا لا بد أن تخضع لمحاكمة أخرى. وأثناء وجوده بالسجن، نجح فريق المحامين المدافع عنه في الحصول على حكم قضائي صادر من أعلى محكمة مدنية، وينص على أن الإدانة العسكرية السابقة غير قانونية، وأن الحكم العسكري الصادر ضده يعتبر مخالفا للدستور، وأمرت المحكمة بالإفراج الفوري عنه .. ورغم ذلك، لم ينفذ هذا الحكم الأخير، وقضى بقية مدة عقوبته في السجن، وخرج بعدها ليعيش بعيدا عن أي ظهور رسمي.