\r\n وهذا لا يقلل من قيمة النصر الذي تمثله هذه الانتخابات بالنسبة لساركوزي وبالنسبة لفرنسا ذاتها. فقد اتجه الناخبون على نطاق واسع في انتخابات يوم اول من أمس لرفض رؤية السلبية والارتياب الذاتي التي اثرت على السياسة والتفكير الفرنسيين في السنوات الأخيرة وإقرار دعوة ساركوزي للعمل وتحمل المسؤولية. \r\n \r\n كما أن النتائج تكشف عن انتكاسات للمتطرفين من اليمين ومن اليسار ممن بدا أنهم يهددون وظيفة الديمقراطية الفرنسية في الانتخابات الرئاسية الاخيرة قبل خمس سنوات. وعلى المدى القصير، على الأقل، عادت فرنسا الى عهدها الطبيعي. ولكن هامش انتصار ساركوزي بست نقاط لا يعني على وجه التحديد ان الفرنسيين سيتبعونه بدلا من الصراع معه وهو يسعى الى اصلاحات في مجالات العمل والضريبة. وعليه الآن أن يظهر تلك الحصيلة بنفسه عبر الفوز بأغلبية برلمانية لحزبه الديغولي الجديد في انتخابات الشهر المقبل وعبر العمل للتغلب على المرارات والمخاوف التي خلقتها هذه الحملة الانتخابية. \r\n \r\n وقد استفاد ساركوزي الى حد كبير من أخطاء سيغولين رويال خصمه الاشتراكية. فقد راح ناخبون كانوا يفضلونها في البداية ينظرون اليها باعتبارها غير كفوءة وعصبية المزاج. وفي مناظرتهما التلفزيونية الأربعاء الماضي تبنى ساركوزي على نحو متألق استراتيجية محمد علي كلاي عبر التراجع الى الخلف والتعبير عن هدوئه بينما راحت رويال تهاجمه بحدة. \r\n \r\n وهي قد لا تفقد زعامة الحزب الاشتراكي الذي فشل في استخدام هذه الحملة لطرح تصور لمعالجة التغييرات البنيوية لقضايا الهجرة والعولمة والعجز المالي الذي استمر لربع قرن والنمو الاقتصادي البطيء الذي ينتجه المجتمع الفرنسي.فعن طريق الاعتماد الجديد على اسم امرأة أصبح هذا الأسلوب هو قضيتهم الأساسية في الحملة الانتخابية، وهذا جعل الاشتراكيين «يخسرون فرصة ذهبية عما يجب أن نقوم به لتحديث حزبنا وبرامجنا والتعبير عنها بصياغات ذات معنى للناخب» حسبما قال لي فرانسوا فيلون في باريس خلال أوج الحملة الانتخابية التي صممها وأدارها لصالح ساركوزي. \r\n \r\n ومن المتوقع أن يسمى فيلون رئيسا للوزراء حينما يسلم الرئيس شيراك السلطة لساركوزي في حوالي 16 مايو. وظل شيراك خلال فترة حكمه التي استمرت 12 سنة يغذي ويعاقب بالتناوب فيلون وساركوزي وإصلاحيين شبابا آخرين بعد أن دفعوه كي يقوم بإجراء تغييرات أسرع مما أراد. \r\n \r\n وقال فيلون: «نحن مدينون بالكثير لشيراك في تغيير حزبنا. وهو عزلنا، وأقصانا وهذا ما منحنا الفرصة كي ننتقد حكومته لما لم تكن تقوم به. فأنا تعرضت للطرد من الحكومة قبل عامين لأنني لم أكن شعبيا» في ما يخص إصلاح نظام التقاعد القومي حسبما قال فيلون. \r\n \r\n يجب عدم توقع قيام ساركوزي بإجراء مباشر لتفكيك سياسة شيراك الخارجية، والتي كانت تهدف إلى جعل أوروبا كطرف يوازن النفوذ الأميركي في الخارج. فساركوزي مهتم أكثر بكثير بما يتعلق بالداخل منه بالخارج. وهو يريد أن تقلد فرنساالولاياتالمتحدة في مجال الديناميكية المحلية من دون طموح إدارة بوش في اجراء تغييرات في الخارج. \r\n \r\n ويقول جنرال فرنسي انه لا يأمل كثيرا، حسب قوله، في إنفاق دفاعي جديد او مبادرة في هذا الشأن، ان خبرة ساركوزي في المجال الأمني قائمة على أساس عمله كوزير للداخلية في مجال مكافحة الجريمة والعنف على الصعيد الداخلي، ويتوقع هذا الجنرال ان يحدد ساركوزي خطواته على هذا الأساس. \r\n \r\n ويرى فيلون انه يجب على الاميركيين الترحيب بالنصر الذي حققه ساركوزي لأن هذا الانتصار سينعكس ايجابا على الاقتصاد الفرنسي وسيعزز من موقف اوروبا كشريك يمكن الوثوق فيه بالنسبة للولايات المتحدة. إلا ان تعاطف ساركوزي الصريح مع اسرائيل سيؤدي الى تغيير في نهج فرنسا تجاه الشرق الاوسط. \r\n \r\n انتخاب ساركوزي، وهو ابن مهاجر هنغاري، رئيسا لفرنسا فاجأ كثيرا من الفرنسيين. إلا ان قوة شخصيته ظهرت من خلال مواجهات عرضية، وبوسعه ان يصبح متحدثا جاذبا للانتباه. ويعتبر ان تصميمه على معالجة القضايا التي تشوبها ظاهرة الصورة النمطية السياسية، مثل انتشار الجريمة والعنف في الأحياء التي يقطنها المهاجرون، من أعظم انجازات الحملة الانتخابية. \r\n \r\n ويبقى القول ان الناخبين الذين ادلوا بأصواتهم لصالح ساركوزي تظهر انتفاء الشك ومقدرته على التمسك بالرسالة التي أكد على اهميتها وطريقته المباشرة في الحديث. علما بأن تجارب السنوات السابقة في الولاياتالمتحدة تشير الى ان قوة الحملة لا تضمن بالضرورة النجاح في الحكم. \r\n \r\n * خدمة «واشنطن بوست» \r\n \r\n (خاص ب«الشرق الأوسط») \r\n \r\n