\r\n واستقر الفرنسيون يوم الأحد الماضي على الديغولي الجديد نيكولاس ساركوزي، والاشتراكية سيغولين رويال، ليواجها بعضهما بعضا في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي تجري يوم السادس من مايو المقبل. وقد مهد إبعاد 10 مرشحين آخرين يمثلون اليسار المتطرف واليمين المتطرف، وفي حالة فرانسوا بايرو أقصى الوسط، مهد المسرح لمنافسة سياسية أفضل لفترة أسبوعين حول حدود التغيير في فرنسا. \r\n \r\n وإذا ما أخذنا بالحسبان الحجج المرة بين باريس وواشنطن حول العراق فان الأميركيين قد يشعرون بنوع من الارتياح لسماعهم أنها ستكون منافسة لن تلعب فيها السياسة الخارجية دورا كبيرا. ولكن الأجانب سيلعبون دورا كبيرا. ويواجه ساركوزي، الذي خاض حملة شديدة كمرشح للقانون والنظام يمكن أن يضع ضوابط صارمة على الهجرة، يواجه هجوما من اليسار باعتباره «من المحافظين الجدد الأميركيين بجواز سفر فرنسي» و«مدلل بوش». \r\n \r\n ومن غير المحتمل أن يعارض الاشتراكيون وحلفاؤهم الإشارة حتى في إطار أكثر مباشرة من أن ساركوزي، وهو حفيد مهاجر هنغاري، هو بمعنى ما غير فرنسي، وغير مستقر المزاج كذلك لمواجهة عرضه. \r\n \r\n وهناك الآن كثافة عاطفية في الحملة الفرنسية تحمل أصداء قوية من التصعيد، ومعارك الاستقطاب في إطار الترشيحات الجارية في الولاياتالمتحدة. فكلا البلدين يعانيان من حكومتين غير شعبيتين وغير فعالتين. ويبحث الناخبون الساخطون عن اتجاهات جديدة ومخارج سياسية جديدة، وفي حالة فرنسا عن جيل جديد من الزعماء. فساركوزي ورويال في أوائل الخمسين من العمر. \r\n \r\n وفي المرحلة الأولى بدا أن الناخبين الفرنسيين تحت تأثير تشابه مع الحملة الأميركية، حيث رويال هي المرأة المنافسة الأولى الجدية على الرئاسة. ولكن الحملة غير مناسبة الإدارة في الجولة الأولى أضعفت بريقها وجعلت من كفاءتها وليس من كونها امرأة قضية مهيمنة. \r\n \r\n لكن الجولة الثانية ستكون اقتراعا على ساركوزي ووعوده بقطع الأواصر مع سياسات فرنسا شديدة الآيديولوجية والتدخل الإداري الواسع للدولة في الاقتصاد الذي ظل مستمرا في التدهور. \r\n \r\n ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة سواء يسارية أو يمينية من تقليص الأعباء المفروضة على سوق العمل جنبا إلى جنب مع امتيازات الضمان الاجتماعي الكثيرة. ونتيجة لذلك فإن هناك ما يقرب من نصف عدد السكان ضمن سن العمل معتمدون على دعم الحكومة الاقتصادي بشكل أجور أو مساعدات وهذا ما ظل يستنزف الخزينة الوطنية. \r\n \r\n وراهن ساركوزي على إخبار الناخبين بأن هذا النمط لا يمكن الاستمرار فيه، وطرح عددا من الإجراءات الإصلاحية التي سيتخذها. ولتأكيد أن هذه الوعود ذات ثقل، راح ينتقد حكومة وسط اليمين التي خدم فيها تحت رئاسة جاك شيراك. \r\n \r\n سيرغب أي من المرشحين الجمهوريين مثل جون ماكين ورودي جولياني لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة في دراسة ما قام به ساركوزي وفريق مساعديه خلال الأسابيع الأخيرة. ويوم الجمعة الماضية استمعت إلى فرانسوا فيلون الذي سيصبح على الأكثر رئيسا للوزراء في حكومة ساركوزي، حيث ذكّر بفشل الحكومة الحالية في تحقيق الإصلاحات المطلوبة من دون ذكر اسم الرئيس الفرنسي الحالي. \r\n \r\n ورويال لم تكن راغبة في أن تكون محددة فيما إذا كانت هناك حاجة لتحقيق أي من الإصلاحات الاقتصادية. وهي قد عملت عن قرب مع الرئيس السابق فرانسوا ميتران، الذي جاء انتخابه عام 1981 ليكرس فترة طويلة من التشوش الآيديولوجي الذي سيكون ممكنا لفرنسا التحرر منه الآن. \r\n \r\n مع ذلك فإن الاشتراكي ميتران قد حكم انطلاقا من الوسط حيث تمكن ببراعة أن يقضي على الحزب الشيوعي. وجاء شيراك بعده عام 1995 ليصبح هو الآخر «ميتران بوسائل أخرى» حسب وصف مساعد سابق لشيراك، وصف خيبة أمل من فترة حكمه بسبب حالة الجمود. \r\n \r\n أما بايرو الذي صعد نجمه في استطلاعات الرأي الأولية على أساس وعوده بتحقيق سلام ما بين اليسار واليمين وتطوير وسط يحمل قلبا طيبا ولا يعتمد على الأحزاب الراسخة. لكنه اختفى بسرعة بعد انتخابات يوم الأحد الماضي. \r\n \r\n تشير نتائج الدورة الأولى من الانتخابات إلى أن الناخب الفرنسي يشعر حقا بالقلق على مستقبل الاقتصاد كي يكافئ من يمتلك رؤية واضحة حوله، ويمتلك طموحا وجرأة لإصلاحه. لكن كل ذلك سيعتمد على الأسبوعين المقبلين والطريقة التي سيسير فيها مجرى الانتخابات. \r\n \r\n * خدمة «واشنطن بوست» خاص ب«الشرق الأوسط» \r\n