\r\n فقد عبر تقرير وكالات الاستخبارات الأميركية عن شكوك كبيرة في قدرة الساسة العراقيين على الحفاظ على تماسك بلد يخضع للبلقنة بشكل متزايد، وفي ما إذا كانت القوات العراقية قادرة على مواجهة المليشيات القوية خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة وتحمل مزيد من المسؤوليات الأمنية. وقد وصف التقرير، وهو الأول من نوعه حول العراق منذ أزيد من عامين، بلغة واضحة وصريحة، العراق كبلد تتدهور أوضاعه الأمنية وتتردى بشكل مريع، رغم أربع سنوات من الجهود الأميركية فيه. \r\n \r\n وإذا كان الرئيس بوش قد اعترف الشهر الماضي بأن استراتيجيته فشلت حتى الآن، فإن التقرير أشار إلى أن الولاياتالمتحدة تواجه اليوم قراراً صعباً يتمثل في أن انسحاباً سريعاً للقوات الأميركية من العراق لن يعمل إلا على الدفع باتجاه انهيار العراق، كما أن حظوظ نجاح العراق في إخماد العنف والتغلب على الانقسامات الطائفية ضعيفة وضئيلة بغض النظر عن عدد القوات الأميركية التي تسهر على حفظ الأمن فيه. \r\n \r\n وقد صدر التقرير بعد أسبوع على تفنيد نائب الرئيس ديك تشيني لما تردد من أن العراق أضحى في وضع خطير، وذلك بقوله: \"الحقيقة على الميدان هي أننا أحرزنا تقدماً كبيراً\"! \r\n \r\n وفي الآونة الأخيرة كثفت الإدارة الأميركية انتقاداتها لإيران، حيث اتهمتها بتغذية العنف الطائفي في العراق ومد المليشيات الشيعية بالمواد اللازمة لصنع القنابل التي تقول واشنطن إنها استُعملت في هجمات على القوات الأميركية. غير أن البيت الأبيض لم يُظهر حتى الآن أدلة كثيرة تدعم اتهاماته. وقد خلص التقرير الاستخباراتي إلى أن إيران توفر \"دعماً عسكرياً\" للمجموعات الشيعية التي تكثف العنف، غير أنه وصف العنف الدائر هناك عموماً بالقول إنه \"قادر على الاستمرار بشكل ذاتي\"، مستبعداً أن تكون مشاركة أطراف خارجية، مثل إيران أو غيرها، \"المحرك الرئيسي للعنف أو آفاق الاستقرار\". \r\n \r\n وإذا كان مسؤولو إدارة بوش قد اختاروا الإقدام على هذه الخطوة النادرة والمتمثلة في تقديم ثلاث صفحات ونصف الصفحة من \"الخلاصات الرئيسية\" من التقرير السري للرأي العام، فلأنهم يرغبون في الاستفادة من خلاصة واحدة- تعتبر أن القوات الأميركية تظل \"عنصر استقرار أساسي في العراق\"- وذلك دعماً لوجهة نظرهم القائلة بضرورة توفير مزيد من القوات من أجل تأمين بغداد ومنح الزعماء العراقيين فرصة إنضاج تسوية سياسية، لاسيما بين السنة والشيعة. وبالمقابل، اعتبر بعض كبار المشرعين \"الديمقراطيين\" أن خلاصات التقرير إنما تدعم رأيهم القائل بأن أفضل وأنجع سبيل لمحاربة العنف في بغداد، يمر عبر برامج دبلوماسية وسياسية جديدة. \r\n \r\n وتتمثل أجزاء التقرير التي رُفع عنها طابع السرية في تحليل يخلص إلى أن الجيش العراقي المعاق بسبب الانقسامات الطائفية \"سيواجه صعوبات جمة\" خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة ل\"النهوض بمسؤوليات أمنية أكبر وأهم، لاسيما العمل على مواجهة المليشيات الشيعية\". كما ذهب التقرير إلى أن تدهور الأوضاع الأمنية في العراق سيستمر بالمعدلات الحالية ما لم يتحقق \"تقدم هام\" في الجهود الرامية لتغيير الظروف التي تغذي العنف. \r\n \r\n وحسب مسؤولين في الإدارة الأميركية، فإن التقرير الذي ساهمت في إعداده الوكالات الاستخباراتية الست عشرة، يقع في نحو 90 صفحة، وقد قُدمت نسخ منه للبيت الأبيض وأعضاء الكونجرس. ويرى \"ديمقراطيون\" كبار أن من شأن صدور التقرير الاستخباراتي أن يدعم موقفهم في وقت يستعد فيه مجلس الشيوخ لتصويت محتمل الأسبوع المقبل على قرار غير ملزم مناوئ لاستراتيجية الرئيس بوش الجديدة في العراق. وفي هذا السياق، يقول السيناتور الديمقراطي \"جون روكفيلار\" من ويست فيرجينيا ورئيس لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ: \"إن التقرير يؤكد وجهة نظري، ذلك أن الأمل في التقدم وإرساء الاستقرار في العراق، يكمن في الشعب العراقي وزعمائه السياسيين\"، مضيفاً: \"أما الخطوات التي حددتها وكالات الاستخبارات القومية باعتبارها أفضل فرصة لوقف الفوضى وسفك الدماء في العراق، فجميعها في الواقع، تطورات سياسية وليست عسكرية\". \r\n \r\n في غضون ذلك، أعلن مستشار الأمن القومي \"ستيفن هادلي\" أن التقرير \"يمنحنا دليلا\" على وجاهة الاستخلاص الذي انتهى إليه بوش من أن \"انسحاباً أميركياً اليوم من شأنه أن يشكل وصفة لمزيد من الفشل والفوضى اللذين لن يقتصرا على العراق، وإنما قد يشملان المنطقة برمتها\"، مستنتجاً أن التقرير يدعم استراتيجية البيت الأبيض القائلة بضرورة إرسال أزيد من 20000 جندي إضافي إلى العراق. \r\n \r\n وكان تقرير \"تقديرات الاستخبارات القومية\" السابق، الذي صدر عام 2004، قد أشار إلى ثلاثة سيناريوهات ممكنة بالنسبة للعراق خلال الأشهر الثمانية عشر التالية، يتمثل أسوؤها في انزلاق العراق إلى حرب أهلية. أما التقرير الجديد الذي حاول تحديد طبيعة العنف الدائر هناك، فقد رأى أن وصفه ب\"حرب أهلية\" غير دقيق تماماً، حيث ترى وكالات الاستخبارات القومية أن مصطلح \"الحرب الأهلية\" لا يعكس بدقة الطابع المعقد للصراع في العراق، والذي يضم عنفاً شيعياً- شيعياً، وهجمات \"القاعدة\" والمتمردين السنة على قوات التحالف، والعنف الإجرامي المنتشر على نطاق واسع. \r\n \r\n \r\n \r\n مارك مازيتي \r\n \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n