\r\n ويوم الأحد الماضي على سبيل المثال لقي 30 شخصا مصرعهم في سلسلة انفجارات وحوادث إطلاق نار هزت العاصمة العراقية وأكثر من هذا العدد لحقت بهم إصابات مختلفة وبمقاييس بغداد فإن ذلك لم يكن يوما استثنائيا في حين أنه لو حدث ذلك في أي مدينة في دولة أخرى لما كان الأمر كذلك وإذا ما عقدنا مقارنة نجد لوس انجلوس التي يقطنها 10 ملايين نسمة كان متوسط حوادث القتل فيها عام 2005 هو 1.4 يوميا . \r\n ويقول مؤيدو الحرب إن معظم مظاهر العنف في العراق تنحصر في أربعة من إجمالي 18 محافظة ومع أن ذلك حقيقي إلا أن أحدا لا يسعه أن يتجاهل حالة عدم الاستقرار التي تعيشها العاصمة، فبغداد أهم للعراق من واشنطن للولايات المتحدة. وبمجموع سكانها البالغ 6 ملايين نسمة تضم بغداد ربع إجمالي سكان العراق وهي ليست العاصمة السياسية فقط ولكن مركز الإعلام والتجارة والثقافة . \r\n تلك هي الأسباب التي تقرع أجراس خطر عالية على أسماع أي شخص يشغله الاهتمام بمستقبل العراق ومن بين أجراس الإنذار الأخرى ما نقرأه في إحدى المدونات على شبكة المعلومات لمدون أشار الى اسمه ب علاء \"الوضع في بغداد يزداد تدهورا يوما بعد يوم ، وإذا ما استمر الوضع على ذلك سوف ينتهي الأمر بإصابة المدينة بحالة من الشلل التام وبالفعل فقد سقطت قطاعات بأكملها من بغداد في أيدي عصابات وإرهابيين\" . \r\n ومدون آخر اسمه عمر فاضل من مؤيدي الديموقراطية وهو من سكان بغداد أيضا يناشد قوات الأمن العراقية أن تبذل مزيدا من الجهود لكي تسيطر على الأوضاع داخل العاصمة ويقترح فرض أطواق أمنية صارمة ثم القيام بعمليات تفتيش مكثفة لمكان تلو الآخر مع تقوية نقاط التفتيش على جميع الطرق المؤدية إلى العاصمة وتفتيش كل شخص وكل مركبة حتى يعم الأمن ربوع بغداد . \r\n وربما تكون الفكرة التي يطرحها فاضل مأخوذة عن الطرق الكلاسيكية المعروفة لمقاومة حركات التمرد والفوضى فهذا النوع من الاستراتيجيات الواضح والقوي أثبت نجاحا في بلدان تفوق الحصر وربما كانت العملية العسكرية التي نفذت العام الماضي في تلعفر نموذجا لتطبيقها في العراق نفسه وما حدث في تلعفر يمكن أن يثبت جدواه في بغداد إذا وفرت الحكومتان الأميركية والعراقية عددا أكبر من القوات اللازمة للقيام بمثل تلك العملية . \r\n وكانت العملية التي نفذت في تلعفر - وهي المدينة التي يسكنها 150 ألفا على الأقل من السنة - لتهدئة الأوضاع فيها تمت بمشاركة 3800 من القوات الأميركية و5 آلاف من القوات العراقية وبذلك فالنسبة هي أميركي لكل 40 من المدنيين. \r\n وفي بغداد هناك في الوقت الحالي ثلاث فرق محاربة أميركية أي نحو 8600 جندي بنسبة أميركي إلى كل 698 من المدنيين فلا عجب أن تعيش المدينة تلك الحالة من انعدام الأمن . \r\n وحتى إذا ما أضفنا أعدادا أخرى إلى قوات الأمن العراقية المنتشرة في بغداد وهي حوالي 9000 جندي و12000 من الشرطة الوطنية منتشرين في الوقت الحالي في بغداد فسوف يستمر وجود نقص حاد في أعداد القوات ومما يزيد الأزمة تعقيدا حقيقة أن كثيرين من القوات التي ترتدي الزي الرسمي العراقي تنتمي إلى ميليشيات سياسية وعصابات إجرام أو جماعات مقاتلين ولا يستطيع السكان تمييز من الذي يولونه ثقتهم . \r\n ولاستعادة النظام والسيطرة على الموقف كما أخبرني ضابط أميركي أمضى فترة خدمة في بغداد حيث يقترح نشر 35 ألفا على الأقل من القوات الأميركية و20 ألفا من قطاعات الجيش العراقي و30 ألفا من ضباط الشرطة العراقية الأكفاء وبذلك يكون المجموع الكلي 85 ألفا من قوات الأمن بمعدل واحد لكل 71 من سكان بغداد، وهذه النسبة ما تزال أقل من نسبة القوات التي شاركت في عملية تلعفر إلا أنها تفوق كثيرا ما عليه الأمور في الوقت الحالي . \r\n وعلى الرغم من أن قوات الجيش الأميركي وقوات المارينز منتشرة على نحو سيئ للغاية إلا أنها ما تزال قادرة على إمداد بغداد بثلاث فرق إضافية على الأقل ويبقى أن احتمال حدوث ذلك ضئيل فمنذ أن دخلت القوات الأميركية إلى بغداد في أبريل 2003 والأولوية التي يضعها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وكبار جنرالاته نصب أعينهم ليست تحقيق الانتصار في المعركة ولكن تقليص تواجد القوات الاميركية. \r\n ومع أن هناك أسبابا شرعية لتقليل تواجد القوات إلا أن الشئ الجوهري يتمثل في أن هناك قوات أميركية في العراق ( 130 ألف جندي) كافية لإثارة غضب الأهالي هناك ولكن ليست كافية لاستعادة القانون والنظام . \r\n وفي المرات القليلة التي زادت فيها نسب أعداد القوات بشكل مؤقت ( مع أوقات الانتخابات) كان هناك تحسن ملحوظ في المستوى الأمني إلا أن رامسفيلد يبدو عاقدا العزم على تجاهل هذا الدرس وما لم تعد الإدارة التفكير في زيادة أعداد القوات فسوف يكون من الصعب على الحكومة العراقية الجديدة أن توفر الحماية للشعب العراقي. \r\n \r\n زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز خاص بالوطن \r\n