* لايختلف اثنان ولا يشك عاقلان ولا يرتاب مواطنان في أن النظام السابق ترك جسد مصر في غرفة الإنعاش بين الحياة والموت , قد ترهل الجسد وأصيب بتصلب في شرايين العمل السياسي بعد أن سادت فكرة إن العمل السياسي رجز من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ولا تعتقلون ولا تسجنون ولا تسحلون.............!! * ولم تتوقف العلل التي أصابت الجسد المصري عند هذا الحد , بل تم دق عظام هذا الجسد حتى لايقوى ويقف على قدميه ثابت الأركان قوى البنيان يشار إليه بالبنان , حتى وقع الجسد فريسة بين أنياب الذئاب المفترسة الجائعة . ولم يستطع احد إنقاذ هذا الجسد من بين الأنياب التي فيه تغلغلت , ومن العلل التي فيه تأصلت , ومن الخلايا السرطانية التي فيه تحكمت , حتى سقط جسد الوطن مغشيا عليه وبالت على جثث الأسود كلاب....!! * تعرض الوطن لريح صرصر عاتية , سخرها عليه عصابة حكمت ففسدت , واستأمنت فخانت , وملكت فنهبت , وأحاطت بالوطن أمواج الطغيان من كل جانب فمالت سفينة الوطن يمينا وشمالا تتقاذفها الأمواج الهائجة العاتية حتى أدركها الغرق , فهرب طاقم السفينة وقفزوا على الشاطئ وتركوا السفينة تواجه مصيرها المجهول...! * تلك النفوس الفاسدة كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما...! مازالوا يتبجحون ويتآمرون ويجتمعون بلا ذرة حياء في وجوههم الكالحة التي امتلأت فيها الأفواه بالمياه المالحة فلم يعودون يفرقون بين حلاوة العسل ومرارة الفشل..........!! لقد فقدوا الذوق والحس والشعور. * وقد شاءت إرادة الله أن تهب على مصر رياح التغيير , فسقطت خيمة الفساد واقتلعت أوتادها وهرب أصحابها غير أن رياح التغيير أتت بما لاتشتهيه سفينة الوطن...! فقامت شرائح من أبناء الشعب تحتج وتعترض وتقوم بالإضرابات والمظاهرات مطالبين بتحسين المرتبات...!! وهذا حق مشروع لاريب فيه, ولا جدال معه , لكن المعضلة الأساسية والمشكلة الرئيسية أن خزينة الوطن فارغة إلا من الهواء...! وميزانية الدولة خاوية على عروشها. * الكل يطالب الرئيس بتطهير الفساد وهذا حق مشروع لكن بحر الفساد عميق ...! والكل يطالب بتنظيف الجهاز الإداري للدولة من أذناب النظام السابق , لكن العفن عتيق , والكل يطالب باستقرار الأمن ومطاردة اللصوص والقبض على عصابة الأموال العامة, وهذا مطلب شعبي أصيل قامت الثورة من أجله , لكنهم هربوا وفروا بعيدا عن ارض الوطن وهوت بهم الريح في مكان سحيق...! والناس لم تعد لديها القدرة على الصبر لأن رصيد الشعب من الصبر قد نفذ...فماذا بوسع الرئيس , أي رئيس , أن يفعل؟؟ ولم تتعدى فترة رئاسته بعد إلا شهورا قليلة....!! * ياأصحاب العقل والمنطق والحكمة : * إن مثلنا كمثل الأبناء الذين تركوا والدهم على خشبة الغسل بين يدي المغسل وقبل أن يدفن , اختلفوا على الميراث وتشاجروا وتركوا جثة أبيهم حتى تعفنت فلاهم دفنوه وأكرموه ولاهم اتفقوا أو اتحدوا أو اجتمعوا على كلمة سواء, فحق عليهم قول القائل " من استعجل الشئ قبل أوانه عوقب بحرمانه...! فلاهم أخذوا ميراثهم ولاهم دفنوا أباهم...! نحن اليوم نفعل فى مصر نفس الشئ... فلاعملنا ولاتركنا من يعمل يعمل...!! فتصلبت شرايين الحياة وتعطل قطار الوطن..............!!
· الكل يطالب بتحسين أحواله الوظيفية وهذا حق مشروع, والكل يطالب بتحسين أحواله المعيشية وهذا حق لاخلاف عليه , والكل يطالب بحقه في كوب ماء نظيف يروى به ظمأه , ورغيف خبز خالي من بقايا الحجارة يسد به جوعته, وجرعة دواء يداوى بها مرضه وسقمه , وعمل عن سؤال الناس يغنيه, ووظيفة محترمة دخلها يكفيه ويرضيه. وهذه كلها مطالب شرعية وحقوق معيشية وأمور لاغني عنها فى الحياة اليومية. * ياأصحاب العقل والمنطق الحكمة: * إن الرئيس مرسى ليس سيدنا موسى عليه السلام يضرب بعصاه بحر الخيرات فينفلق فيكون كل فرق كالطود العظيم من الخيرات والثروات ...! لان البحر قد جف .. واستوي على الجودى...!! فلاماء ولانماء. قد تفهم مقالتي عكس نيتي فيفسر البعض بأنني ابرأ الرئيس من كل مسئولية وأريحه من كل بلية لكن أريد فقط أن أقول أن ماأفسدته الأنظمة السابقة فى 100 عاما لايمكن إصلاحه فى 100 يوما...! بل لابد أن يقف الشعب كله صفا واحدا كخلية النحل , عمل بلا هوادة , وإنتاج بلا راحة , وشغل بلا كسل * والله وكأني بحشد من الناس كبير يهرولون وكأنهم إلى نصب يوفضون ويحمل كل منهم فوق رأسه إناء فارغ ويتجه صوب بقرة هزيلة ضعيفة جف ضرعها ووهن عظامها وسال دمعها من سوء حالها ولا تجد ماتقتات به والكل يريد أن يملأ إناءه باللبن ...! وهى لاحول لها ولاقوه فقد نزف من ضرعها الدماء, بل وجف فى وجه حاليبيها الحياء...! فأنى لها أن تعطى كل ذى حق حقه....؟ * * بالله عليكم إذا أضرب الطبيب ولم يذهب لعيادته, وأضرب المهندس ولم يذهب لموقعه , وأضرب المعلم ولم يذهب لمدرسته, واضرب أستاذ الجامعة ولم يذهب لمحاضرته , وأضرب المحامى ولم يذهب لمحكمته , واضرب المزارع ولم يذهب لحقله , واضرب العامل ولم يذهب لمصنعه, واضرب السائق وعطل مصالح المواطنين فى الذهاب لأعمالهم, هل بقى لنا بعد ذلك وطن نبكيه؟ * إننا باستطاعتنا أن نجعل أعداء مصر يتهافتون عليها بل ويتساقطون عليها كما يتساقط الذباب على العسل..! بجهدنا وتجردنا وعملنا وإخلاصنا وحبنا لوطننا. الحل أن ننطلق إلى العمل والعمل الجاد المتواصل فلااضرابات فئوية ولا مظاهرات ولا احتجاجات ولاوقفات حتى يتعافى الوطن ويبرأ من أسقامه وعلله ويقف على قدمين ثابتتين وساعتها نستطيع أن يأخذ كل ذي حق حقه وكل صاحب مظلمة مظلمته. * * * ياأصحاب العقل والمنطق والحكمة: * * كلكم مسئولون أمام الله عن استقرار هذا الوطن وتقدم هذا الوطن ودفع عجلة إنتاج هذا الوطن للأمام لكى يلحق بركب الحضارة والتقدم , فلنصبر قليلا , فقد صبرنا حينا من الدهر لم تكن فيه مصر يوما شيئا مذكورا...!! بل كانت ركاما من التخلف والجهل والمرض تحت سياط زبانية كانوا يفعلون مايؤمرون فى جلد ظهر هذا الوطن حتى سلخوه ونهبوه وسرقوه ثم تركوه جثة هامدة لاحراك فيها..! * واليوم ... واليوم فقط حق لنا جميعا أن نفتخر ونعتز أن مصر الآن ملك لشعبها وأهلها وشبابها, لكن علينا فقط أن نتجاوز مابيننا من تباين في وجهات النظر ومابيننا من اختلافات حزبية وصراعات سياسية لنبدأ في بناء وطن جديد محاط بسور من حديد الإرادة الفولاذية التي لاتقهر ولاتغلب لكى يعبر الوطن من عصر التخلف والجهل والمرض إلى عصر الرقى والتقدم والازدهار. * وإذا كان قطار مصر الدولي قد انطلق إلى غايته المنشودة بسرعته المعهودة فلاأقل من أن ينطلق قطار مصر المحلى بلا معوقات إلى أفاق أرحب للتنمية والبناء حتى يعم الخير وتسود قيم العدل والحرية لكل أبناء الشعب المصري وأن نقبل التناصح فيما بيننا فمن اصفر وجهه بحسن النصيحة لم يسود وجهه بقبح الفضيحة ومن طالت غفلته زالت دولته ومن استعان بذوي العقول فاز بدرك المأمول. * والله الموفق والمستعان. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة