فى مصر وبعهد العسكر صنف واحد لايتغير يسمى "القهر" ..حكايات الشباب لاتتغير برغم اختلاف أماكنها وتوريخها وأشكالها..منها أحد الشباب مثل الألاف يعيش مقهورا وقد يكون ميتاً بعد ساعات وفق أسرته. فبعد أن ضاقت عليه رحابة الوطن، وأُغلقت أبواب الرزق فى وجهه، غادر وحيدا إلى السعودية، وظل يكافح حتى جمع مبلغا محدودا من المال، إلا أنه لم ينس خلال تلك الرحلة المُجهدة وطنه الغالى، فسرعان ما عاد إلى مصر ليجمع شمل أسرته المسكينة، وينقذ والدته المسنة من "التعب والشقى"، بعدما اضطرت إلى فتح محل بقالة صغير لجمع بضع نفقات تعين على الحياة، إذ قرر الشاب العائد بناء الأرض الوحيدة التى يمتلكونها ذات 67 مترا فقط، لكن عذبه فساد المسؤولين بالمحليات، وسقوه الذل ماء، وقهروا عمره وشبابه. حلم "ستر الأهل" يفرمه الفساد والإهمال القصة بدأت بحلم بسيط وأمل كبير "الستر"، وانطلقت وتسارعت الأحداث وتعاظمت التفاصيل، حتى وصلت بطموح الشاب إلى محطة "ذاهب بلا عودة"، إذا فجأة هان الكون أمام صرخات أشقائه وتوسلاتهم إلى الأطباء، كي ينقذوا أخيهم المُحطم وهو ينازع أنفاسه الأخيرة على أعتاب المستشفى، لكن بلا جدوى.. فمن عذاب فساد المحليات الذي كوى أمله إلى إهمال طبي لم يترك روح المسكين ترتاح وهى تودع الدنيا فى عز الشباب، بدأت رحلة بالعذاب وما زالت تنتظر الرحمة. وكشفت أسرة الشاب، ويدعى حسام متولى محمد عفيفى، 23 عاما، سائق ومقيم بشارع طه الحكيم بمدينة طنطا، إنه أقدم على الانتحار بعدما أصيب بحالة يأس نتيجة "تعرضه لظلم بشع" من مسؤولي الوحدة المحلية التابعة بقرية شوبر التابعة لرئاسة مركز ومدينة طنطا، بعد استصدار قرار إزالة لمنزلهم الواقع على مساحة أرض مساحته 67 مترًا، صادر لها رخصة مبانى رسمية، وذلك في محاولة من المسؤولين لتمليكها إلى شخص آخر والاستيلاء عليها مقابل رشاوى ومبالغ مالية، ما جعل الشاب يلجأ إلى شنق نفسه، بواسطة حبل معلق داخل صندرة فى منزله بشارع طه الحكيم بطنطا.وفق التحرير لا هو بالميت ولا بالحى.. كواليس المشهد الأخير حسام كان معايا، وكل ما نروح للمحافظ يرفضوا يدخلونا، نروح مجلس المدينة مايدوناش ريق حلو، روحنا وحدة شوبر رئيس الوحدة شتمنى وبهدلنى قدامه، وانقهر من المعاملة، ورجعت من بره لقيته معلق نفسه فى الصندرة وشانق نفسه قصاد عينى، هكذا وصفت والدة الشاب، كواليس المشهد الأخير قبل نقل نجلها إلى المستشفى، ودخوله العناية المركزة منتظرا انقضاء الساعات الأخيرة من عمره. تتابع والدته، محاولة أن تتماسك وتقاوم دموع تغلبها وتنصب من عينيها بلا توقف: أنا دخلت البيت على صوت الصنايعى اللى كان جاى يشتغل فى البيت، وهو بيصرخ من المنظر، جريت على الصندرة زى المجنونة مش لاقيه سكينة، قطعت الحبل بإيدى وسنانى". تتذكر هيئة نجلها المعلق من رقبته بلا حول ولا قوة، مشهد مهول لن تنساه أبدًا.. هنا توقفت السيدة عن الكلام تمامًا وانهارت من شد القهر، ليستكمل نجلها الآخر محمد، الحديث كاشفًا عن تفاصيل ما قبل محاولة الانتحار: شقيقى حسام يأس من حياته ومن الدنيا، بسبب الظلم الواقع علينا من المحليات، ومحاولة الاستيلاء على منزلنا المقام على قطعة أرض 67 مترا فقط، هى كل اللى حيلتنا فى الدنيا». ويوضح شقيق الشاب: «اشترينا قطعة الأرض من حوالى 13 سنة، من خلال عقود رسمية وحكم محكمة بصحة التوقيع، وصدر لنا رخصة في 2006، لبناء منزل عليها باعتبارها داخل كردون المبانى بناحية كفر عصام، وفوجئنا بشخص يدعى ملكية للأرض عام 2014، ورغم كل المستندات والعقود، وإقرار البائعة فى محضر رسمى بأن الأرض ملكنا، إلا أن مسؤولى المحليات استخرجوا قرار إزالة باسم شخص تاني باعتباره صاحب الأرض". الكلمات الأخيرة قبل الواقعة، كشفها حمدى عفيفى، شقيقه الثانى للشاب الذي أقدم على الانتحار، مؤكدًا أن حسام، قبل محاولته الانتحار دار حديث بينه وبين أشقائه، عن الظلم الواقع عليهم، وأنهم فوجئوا به يقول: "البيت بتاعنا وشقانا، وإزاى يطلع له إزالة باسم واحد نصاب ياخد حقنا"، لافتا إلى أن شقيقه قال على الملأ: «هموت نفسى لأنى قرفت من الدنيا ومن المحليات»، موضحًا أنهم اعتقدوا أن تهديد أخيهم مجرد "زلة لسان"، لكنه أقدم على التخلص من حياته بالفعل. ويضيف عفيفي: بعد قطع الحبل، كان ينازع أنفاسه الأخيرة، والقلب به نبضات، وقمنا بنقله إلى مستشفى طنطا الجامعى، لكننا لقينا إهمال شديد، موضحا: قالولنا شيلوه من هنا، واستكمل:حتى العلاج والموت لازم يبقى فيه واسطة، وكل واحد منا عنده بيته والرزق ضيق. وواصل حديثه: فى الآخر نقلناه مستشفى المنشاوى بصعوبة، وأخبرنا الطبيب أن حالته شديدة الخطورة، ومفيش فى عمره غير ساعات، وهيكون بين يدى مولاه.