ناقشت الأمانة العامة لحزب الاستقلال فى اجتماعها العادى المنعقد لمقر الحزب يوم 30 أكتوبر 2015 التقرير السياسى المقدم من اللجنة القيادية للحزب، وقد اعتمدته بعد ادخال بعض التعديلات والإضافات عليه، وهذا نصه. الموقف الخارجي باستثناء إدراكنا لنجاح خطة أمريكا والعدو الصهيوني في توسيع دائرة الصراعات الداخلية في المنطقة وتعميقها، وكبح قوى الربيع العربي وتراجع مكتسباته، فإننا لانملك إلا تخمينات، بعض هذه التخمينات يعاني من وجود مؤشرات متضاربة الدلالة، الأمر الذي يؤدي لإضعاف الثقة في أي تنبؤات يمكننا صياغتها للتطورات المستقبلية، ومع ذلك يمكننا ترجيح أن الخطوط العريضة لتفاعل الأحداث في منطقتنا تسير في الاتجاهات التالية: · زادت غطرسة الكيان الصهيونى بعد تراجع المد الثورى العربى حتى تجرأ على محاولة تهويد المسجد الأقصى غير أن التصدي البطولي لشعبنا الفلسطينى عرقل ، حتى الآن ، هذه المحاولة ، وانفجرت بسببها ارهاصات ما سمى " انتفاضة السكاكين" ورغم عمق الاحساس بالأزمة، فإن هذه الانتفاضة التى يقوم بها شباب تربى فى غالبيته الساحقة فى ظل محاولات أوسلو لتصفيه القضية تعزز آمالنا المعقودة على صمود شعبنا الفلسطينى البطل، وفى نفس الوقت تستنفر فينا شعورا عارما بالغضب على حالنا المتردى الذى حال دون وقفه لمساندة أهلنا الصامدين . · حققت إيران تقدما ملحوظا في سعيها لنيل الاعتراف بمكانتها الإقليمية، وهي تحاول توسيع حدود هذه المكانة قدر طاقتها، وما زالت هذه الحدود لم تستقر بعد .. الجانب الإيجابي فيها هو أن التجربة الإيرانية أثبتت أن القوى المحلية التي تتحلى بالإصرار والقدرة على الصمود قادرة على تحقيق تقدم مستقل. · نجحت روسيا في تثبيت موضع قدم لها في المنطقة من خلال تدخلها السافر في سوريا، وليس من المؤكد أن يكون ذلك جزءا من عملية توافق بينها وبين أمريكا على إعادة اقتسام المنطقة، الأقرب هو أن تكون أمريكا قد أفسحت لروسيا نقطة دخول حتى تشعل صراعا في المنطقة يستهلك قوى الأطراف الإقليمية الصاعدة (تركياوإيران) كما يستنزف قوى روسيا أيضا، وبعدها ستبدأ أمريكا في استعادة المنطقة بعد تدمير كل هذه القوى لبعضها البعض. · تبدي القوى الخليجية تململا من الوضع الذي تجد نفسها فيه، فمن الواضح أنها لم تحصل على ضمانات كافية لاستقرار أوضاعها، لكن هذه الأنظمة لا تملك القدرة على أن تكون طرفا مؤثرا في الصراع، ولا يبدو أن لديها استراتيجية واضحة لإدارته، وهي لا تفعل إلا محاولة إثبات الوجود كي يتم أخذ مصالحها في الاعتبار، ولن يتحدد مصيرها إلا وفقا لمجريات الصراع بين القوى الأخرى، وهو لن يتحدد بناء على ما تفعله هي ولكن بناء على الترتيبات التي ستحددها موازين القوى بين المتصارعين في النهاية (تركياوإيرانوروسياوأمريكا). · نحن بالتأكيد نحبذ الحلول السياسية للمشاكل الداخلية في كل دول المنطقة، فالاقتتال الأهلي نادرا ما يمكنه حسم الصراعات، وهو يترك جروحاً غائرة في جسم الأمة تحتاج وقتاً طويلاً كي تندمل، لكن وجود القوى الخارجية كأطراف في هذه الصراعات يعقد إمكانيات الحلول السياسية ويحرفها عن هدف تحقيق المصالحة الوطنية. · كل السيناريوهات المحتملة لهذا الصراع لن تكون في صالحنا ما لم نتمكن من استعادة زخم الربيع العربي أو جزء منه، وفي هذه اللحظة لا نملك إلا التوصيات التي نقدمها لبناء التنظيم الحزبي وإعطائه الفاعلية القادرة على التأثير في مجريات الأمور. داعش أوضحنا منذ البداية موقفنا من تنظيم الدولة ومن فكره، أهم ما لدينا هو ما كتبه رئيس الحزب – فك الله أسره – ويمكن الرجوع إليه، خاصة وقد أيدته العديد من الفتاوى من علماء عاملين مخلصين، ويتلخص هذا الموقف في أن فكر هذا التنظيم هو التجلي المعاصر لفكر الخوارج، أما حركته فقد تم دعمها مخابراتيا، لا بمعنى أن المخابرات الأمريكية أنشأته وعينت عملائها في قيادته، ولكن بمعنى أن وجوده وقوته يخدم مصالحها فأفسحت له الطريق وسكتت عنه وربما مولته بطرق ظن القائمون على التنظيم أنها تأتي من أنصار لهم. يمكننا أن نفهم – دون أن نقبل بالطبع – دواعي انخراط أعداد متزايدة من شباب العالم الإسلامي في صفوف داعش، خاصة بعد تراجع ثورات الربيع العربي في كل مكان في مواجهة قوى التبعية والاستبداد وانسداد أفق التغيير السلمي، لكننا لا نستطيع تفادي إغراء قبول نظرية المؤامرة في تفسير انخراط شباب مسلم من الجاليات الإسلامية في الغرب أو من شباب هذه الدول الذي دخل الإسلام، فانضمامهم لتنظيم الدولة يضرب ثلاث عصافير إسلامية بحجر واحد: 1) حرمان العمل الإسلامي في الغرب من جهود هؤلاء الشباب المتحمس والمخلص، 2) صب الوقود على مشاعر الإسلام وفوبيا عند أهل الغرب، 3) تضييق نطاق العمل الإسلامي في أوروبا لينشغل بالدفاع بدلا من الانتشار والتوسع. ***
الوضع الداخلي ما زال تحليل القوى السياسية في مصر (قوى الثورة وقوى الثورة المضادة) الذي اعتمد عليه تقرير "المهام الملحة للثورة المصرية" صالحا لفهم والتعامل مع الواقع المصري، ولكي نرسم خطنا السياسي لهذه المرحلة ينبغي أن نأخذ في الاعتبار – مع هذا التحليل – الملاحظات التالية: · إن محاولات تكتيل القوى الثورية في تحالف جبهوي يمكنه أن يقود حركة العصيان المدني التي تبناها تقريرنا السابق لا يبدو أنها من الممكن أن تكلل بالنجاح على المدى القريب، ولا يرجع هذا لعدم إخلاص هذه القوى أو لعدم رغبتها في التغيير، لكنه يرجع في الأساس إلى التكوين الفكري لهذه القوى، الأمر الذي يلقي على عاتق حزبنا مهاما محددة سنتناولها في ختام هذا التقرير. · إن تحالف فلول الحزب الوطني ورجال أعماله من جهة وقيادة الانقلاب العسكري من جهة أخرى، في سبيله إلى التحلل الكامل، إن لم يكن قد تحلل بالفعل، ويعود هذا للطبيعة الاستبدادية التآمرية لقيادة الانقلاب وليس من المحتمل أن يتمكن العسكر في المدى القريب من خلق ظهير شعبي يمكنهم الاعتماد علية كقوة سياسية مؤيدة فخلق هذا الظهير يتطلب وجه فاشي صريح يعتمد على حشد الجماهير حشدا سلطويا خلف شعارات وطنية لمواجهه التحديات الخارجية مع تقديم بعض المكاسب الاقتصادية لهذه الجماهير (تجربه عبد الناصر أحد نماذج هذه المحاولة) لكن هذا الوجه يصعب تبنيه تبنيا فعليا إلا إذا تباعد العسكر عن داعميه الرئيسيين، الغرب ووكلائه الخليجيين)، وهو مأزق حقيقي يعيشه الانقلاب وستكشف انتخابات البرلمان المزعوم عن مدى قدرة الانقلاب على تدبير أموره في ظل هذا الوضع .. إذا تمكن العسكر من الحصول على ديكور برلماني مؤيد فستتسارع خطوات عسكره الدولة والاقتصاد (ليس للانقلاب بديل آخر إذا أصر على عدم مشاركة رجال الأعمال في السلطة) الأمر الذي سيفاقم حده الصراع مع فلول الوطني، أما إذا فشل في صناعة الواجهة الديمقراطية المدنية فعلى الأرجح سيقوم داعميه الدوليين بالضغط بأقصى شدة للوصول إلى حل وسط يخفف من قبضة العسكر ويضع واجهة مدنية ليبرالية المظهر لقيادة المشهد الحالي، وسيكون من الضروري أن تضم هذه الواجهة تمثيلا للإخوان المسلمين، ولدينا عدة شواهد على أن مثل هذا الحل قد عرض فعلا على الإخوان وأنهم منقسمون بشأنه. · تكشف الملاحظة السابقة عن أننا نواجه احتمالين: الأول هو عسكرة الدولة والاقتصاد، وهو أمر يؤذن بخراب شامل،والثاني هو الوصول إلى حل وسط يتراجع فيه العسكر عن قيادة المشهد (إخراج هذا التراجع سينطوي غالبا على التخلص من عدد محدود من قيادات العسكر الحالية بصورة درامية تغسل يد الجيش من خطاياهم لتبدأ ما سيعتبر "صفحة جديدة") ليتصدر المشهد قيادة ليبرالية مصنوعة أمريكيا ومتحالفة مع بعض القوى "الثورية" التي قد يكون من ضمنها الإخوان المسلمين، وسيحقق ذلك إنفراجة ديمقراطية تذكرنا بالمشهد السياسي في أعقاب ثورة 1919، عجين ليبرالي بلا طحين حقيقي. ***
· التأكيد على أن حالة التبعية التي تعاني منها مصر هي السبب الرئيسي في حالة الإفقار المتعمد الذي تعاني منه الجماهير، فهي التي تكرس سيطرة الفئات الموالية للغرب المستغل، فيقع الشعب فريسة للنهب المنظم من السيد الخارجي ومن خدمه المحليين، وأن النظام الديمقراطي الحقيقي الذي يتسلم فيه الشعب بكل فئاته كامل السلطة على مقدرات الوطن هو الحل الوحيد للخروج من حالة التبعية. · التربية الجهادية للأعضاء بالتأكيد على أن بناء النظام الديمقراطي القادر على حشد كل القوى للخروج من التبعية هو جهاد هذا العصر حسبة لله والوطن.