تناول المفكر الإسلامى والداعية الإسلامى عصام تليمة، أحكام الإعدامات الجائرة التى يصدرها القاضى محمد ناجى شحاتة، وتلاعب المفتى بأحكام الشرع وتزييفه، لمصلحة النظام. فيقول؛ لم استغرب من (قاضي الإعدامات) محمد ناجي شحاتة الأحكام التي أصدرها بإعدام المواطنين البرآء، الذين ليست لهم تهمة إلا معارضة النظام، ولكن الاستغراب الكبير الذي لفت انتباهي هو تلاعب مفتي الجمهورية بالشرع، وتدليسه عليه بل كذبه الكذب الصراح على الدين، وهو ما ورد في تكييفه للحكم الفقهي بأحكام الإعدام في قضية ما يعرف ب (غرفة عمليات رابعة)، وأن المتهمين في حكم الذين يحاربون الله ورسوله، ويطبق عليهم حد الحرابة، ومن ثم فالإعدام يكون جزاء وفاقا. هذا كلام القاضي نقلا عن المفتي. قد يتساءل القارئ وفيم التلاعب هنا، إنه يبين حكم الشرع ويسقط حكما عليهم وهو حكم الحرابة الذي قال فيه الله عز وجل: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) المائدة: 33. ولكي يعلم القارئ كذب وافتراء المفتي على شرع الله هنا، لننظر إلى الاتهامات الموجهة للمحكوم عليهم، إنها تهمة التخطيط لإرعاب الناس، وذلك عن طريق إدارتهم ما سماه الإعلام غرفة عمليات رابعة، وكانوا ينوون بتخطيطهم لإرهاب الناس، وقطع الطرق عليهم. وهو ما كيفه المفتي على أنه حد الحرابة، فهل مفتي مصر ومعه هيئة الفتوى في دار الإفتاء لا تعلم حد الحرابة في الإسلام وشروطه، وأنه لا ينطبق منه شرط واحد على هؤلاء المتهمين، بكلام القاضي والمفتي نفسه؟! أم أنه يعلم ولكنه يدلس ويفتري على الشرع لصالح النظام؟. لو كانت الأولى لكان جاهلا بالشرع، واستوجب ذلك عزله فورا من منصبه، ولو كانت الثانية لاستوجب أن يقام عليه الحد بالافتراء على الشرع، والتلاعب به، حتى وإن كان بذلك يرضي الحاكم الظالم. فما شروط الحرابة التي نص عليها الشرع، لنعلم كيف دلس المفتي على الناس والشرع؟ لقد عرف الفقهاء الحرابة بأنها: خروج المشتهر بالسلاح بقصد السلب أي بقصد السرقة بالسلاح، وزاد البعض في التعريف بأنه: من يقطع الطريق بالسلاح في حالة يمتنع فيه الغوث في الصحراء. أي من خرج ليسرق الناس بالسلاح علنا في الصحراء لا المدن. وعرفه آخرون: بأنه كل فعل يقصد به أخذ المال على وجه تتعذر معه الاستغاثة عادة. هذا مجمل تعريفها في جل المذاهب الفقهية، والتي يقينا درسها مفتي مصر كما درسناها جميعا في الأزهر، والتي وضعوا لها شروطا لمن يسمى محاربا وهي: 1- التكليف (أي يكون بالغا)، 2- وجود السلاح. 3- البعد عن العمران. 4- المجاهرة. أما عن حكم من فعل ذلك، فقالوا إن من خرج بهذه الكيفية، قاصدا سرقة الناس، في الصحراء، حاملا السلاح، فإن قتل يقتل، وإن سرق تقطع يده، وإن أخاف الناس ينفى من الأرض أي يحبس. فهل فعل المتهمون شيئا من هذا، هل سرقوا بالسلاح؟ فأين المسروقات، وأين المسروق؟ هل قتلوا، فأين المقتول، وأين تمت الجريمة؟ فهل قطعوا الطريق الصحراوي على الناس وأرعبوهم؟ فأين الشاكي بذلك، وما الحادثة، كل هذا لو تم بالمواصفات التي ذكرها العلماء في الحرابة، فلو تخلف شرط منها لم تعد حرابة بل تعد أمرا جنائيا يناقش في أبواب أخرى. بل الواضح حسب كلام النيابة خططوا ونووا، فهل النية في التخريب حرابة؟ يقينا الإسلام والقانون لا يعاقب بالإعدام على نية المتهم بفعل جريمة إن صحت نسبة ذلك إليه. ولو ناقشنا المتهمين على أنهم حملوا السلاح لمعارضة الدولة، فهذا يناقش في الفقه الإسلامي في باب يسمى (البغاة) هذا عندما يكون الحاكم عادلا مطبقا للشرع، ويخرج عليه أفراد بالسلاح، وهؤلاء لم يفت فقيه واحد في تاريخ الإسلام كله بالقتل، بل قال الفقهاء: ليس للحاكم أن يبدأهم بالقتال، ولا أن يمنعهم من المساجد، ولا أن يمنعهم من حقوقهم المادية كمواطنين، وإذا حدث اشتباك بينهم بين الدولة، فلا يجوز شرعا أن يقتل جريحا، ولا أن يتبع هاربا منهم، بل يتركوا. وهذا من عظمة الإسلام أنه يحترم كل فعل قام على رأي وفكر، حتى لو كان مخطئا، فكل حمل للسلاح بقصد سرقة الناس وإرهابهم، هذا يعامل جنائيا، أما من حمل السلاح للمعارضة فيعامل في باب الفقه السياسي، وليس الجنائي. وكل ما ذكرته من أحكام لا تنطبق بحال من الأحوال على المتهمين، فلم يقطعوا طريقا بهدف سرقة الناس، ولم يخرجوا بسلاح في طريق صحراوي بهدف قتل الناس. فهل كان مفتي مصر يجهل كل هذه الأحكام، أم أن الحكم مقرر وموضوع وليس عليه إلا إلباسه طاقية الشرع، ووضع ختم الفتوى عليه ولو على حساب الشرع، والافتراء على الله ورسوله والدين؟!! ملحوظة: يمكن للقارئ أن يرجع إلى هذه المراجع ليتأكد من صحة المعلومات الفقهية التي وردت في المقال، والتي يقينا درسها المفتي كما درسناها وقرأناها: الذخيرة للإمام القرافي (12/123)، القوانين الفقهية (1/238)، تبصرة الحكام لابن فرحون (2/271)، بدائع الصنائع للكاساني (7/90)، روض الطالب (4/154)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (2/238) المغني لابن قدامة (8/287) فقه السنة (2/466) وغيرها من المراجع