بهدف إعطاء الشرعية العربية لغارات الحملة العسكرية على اليمن تحت مسمى تحالف "عاصفة الحزم" التي تقودها المملكة العربية السعودية بدأ الحديث عن إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة دون الإفصاح عن قيادتها أو مهامها واستمرارها وفاعليتها لتبقي إجابات كل هذه الأسئلة رهن نتائج التدخل في اليمن وما سينجلي عنه غبار المعركة. ويراقب مندوب العراق السابق لدى جامعة الدول العربية "قيس العزاوي" من مقر إقامته في باريس الإعلان عن تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة ويذكر كيف أن دول الخليج وفي مقدمها المملكة العربية السعودية رفضت طيلة الفترة الماضية رفضاً قاطعاً أي تدخل لجامعة الدول العربية في الأزمة اليمنية ومن قبلها فى العراقوسوريا وليبيا وكيف أنها كانت تصر على التصدي لقضية اليمن من خلال المبادرة الخليجية. وتغير الواقع الميداني بشكل متسارع بعد فشل المبادرة الخليجية وبدت الأطراف الحليفة للسعودية عاجزة عن معالجة الموقف كما تريد فكان قرار التدخل العسكري المباشر في اليمن ودعوة السعودية لحلفاءها من دول خليجية بالدرجة الأولى وقوي عربية أخرى للمشاركة إلى جانبها في حملتها العسكرية "عاصفة الحزم". وما بين ليلة وضحاها قفزت إلى الواجهة "القوة العسكرية العربية المشتركة" التي كان قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أول من طرحها يوم زار السعودية والتقى الملك سلمان بن عبد العزيز. وبالرغم من أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي قد طرح هذه الفكرة من قبل لتأمين غطاء عربي لتدخل القاهرة في ليبيا دعماً للواء خليفة حفتر قائد الانقلاب في ليبيا لم يلق هذا الاقتراح الحماسة المطلوبة خصوصاً من دول الخليج. القمة العربية ومصالحها ينفي "عبد الباري عطوان" رئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم" أن ميثاق الدفاع العربي المشترك وضع من أجل تكوين قوة عربية لحرير فلسطين وليس لتحرير اليمن أو تحرير ليبيا وبالتالي ما نحن أمامه هو تحالف جديد يريد أن يستظل بالجامعة العربية بما يشبه ميثاق دمشق إبان حرب الخليج الثانية حتى لجهة الانقسام الحاصل داخل الجامعة حوله مع معارضة كل من العراق والجزائر ولبنان وغياب سوريا. وهو إنقسام لا يستغربه السفير العراقي "قيس العزاوي" الذي أمضى أكثر من أربع سنوات مندوباً لبلاده لدى الجامعة العربية وشارك في سبع قمم عربية وأفريقية ولاتينية ليقول أن الجامعة العربية ما هي إلا انعكاس لصراعات الأنظمة العربية وقراراتها واتفاقاتها ومغرياتها المادية أيضاً مذكراً كيف أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك تخرج من الدرج عند الحاجة لكنها غير موجودة عملياً كما هو حال دائرة الأمن القومي في الجامعة العربية. القوة العسكرية بعد اليمن.. لإلي أين؟ وإذا كان أمر تشكيل القوة العسكرية المشتركة بات محسوماً فإن الكثير من المسائل بشأنها ليست محسومة بل إنها غير واضحة أصلاً ويحيط بها الكثير من الأسئلة فكيف ستتكون هذه القوة؟ وما هي الجيوش التي ستكون فيها؟ وما هي الاتفاقية التي ستقوم عليها شأنها شأن التحالفات الأخرى التي تنشأ بناء على معاهدات تتضمن نصوصاً واضحة لجهة الواجبات والحقوق؟ وهل هي معاهدة الدفاع العربي المشترك علماً أن هناك دولاً خارج هذه القوة؟ وهل ستكون ضمنها قوة برية؟ وهل تنتهي بانتهاء الأزمة اليمنية أم أنه ستكون لها مهمات عربية أخرى؟. ويسأل عبد الباري عطوان معتبراً أن الأمور تحتاج إلى وقت طويل من الإعداد والمشاورات والخبراء القانونيين والعسكريين لبلورة ميثاق لهذه القوة وهو ما لم يحصل فضلاً عن ضرورة وجود قواعد قانونية تقدم الغطاء لهذا التدخل وإلا ما هو الفرق بين التدخل السعودي الجاري في اليمن وتدخل صدام حسين في الكويت في الماضي على سبيل المثال. ويقول "عطوان" أنه لا يمكن أن تبلور قوة بهذا الشكل في غضون يومين أو ثلاثة وهناك عدم وضوح رؤية وتسرع بشأن هذه القوة العسكرية قوة لا يرى أنها تقف عند حدود الدول المشاركة فيها بل ستكون بمثابة القوة العسكرية لحلف عربي إسلامي يتبلور في ظل التأييد التركي والباكستاني للحملة العسكرية السعودية في اليمن وعملية الاستقطاب غير العادية القائمة على أسس طائفية للأسف بين محوري السعودية وإيران. ومع طرح الساحة اليمنية كأول تحد يواجه هذه القوة فإن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان عن مدى قدرتها على تحقيق نتائج لصالح الدول المشاركة فيها هنا يعرض لهزيمة الولاياتالمتحدة الأميركية الدولة التي تملك أقوى جيش في العالم عتاداً وعديداً في العراق وأفغانستان ليخلص إلى أن مسار الميدان اليمني من شأنه أن يحسم هذا السؤال والأسئلة الأخرى حول هذه القوة العسكرية صحيح أن الرياض أنفقت حوالى 150 مليار دولار لشراء أحدث الطائرات في السنوات الأخيرة لكن ماذا لو طالت هذه العملية؟ وماذا لو نقلت المعركة إلى الداخل السعودي أو البحريني على سبيل المثال؟.