الثوار وقود الثورة ودرعها الواقى ضد الظلم والاستبداد, والثائر الحر، هو من يحمل روحه قربانا لحرية شعبه فى الحصول على حياة كريمة. والشهيد "بهاء الجروانى" كان النموذج والمثل والقدوة لمن جادوا بحياتهم ثمنا لحصول الشعب المصرى على كرامته، وحريته المسلوبة فى ثورته ضد القهر، بل كان أحد أهم أيقونات ثورة يناير المجيدة، والتى اندلعت شراراتها منذ 25 يناير 2014 . خرج "بهاء"، كغيره من اللاهثين وراء تحقيق دولة العدل، والإطاحة بالظلم والذل القابع على صدور المصريين لعشرات الأعوام بلا كرامة أو عدالة أو حياة كريمة، ولم يكن ينتمى إلى حزب أو حركة، وربما لم يقُم بأى عمل سياسى طوال حياته، لكنه وجد فى ثورة يناير فرصته؛ لإشعال شمعة الأمل فى غد أفضل فانطفأ هو . عمل "بهاء" فى أكثر من مجال، بعد حصوله على بكالوريوس التربية الرياضية عام 1999 "كمدرس بالحصة، و سائق تاكسى، وبائع فيشار، ومندوب مبيعات"، وغيرها، فقد كان العائل لأسرته ووالدته وأخيه، قبل أن يقرر التسابق مع الحالمين عبثًا بالحق و الخير و الحرية إلى ميدان الساعة بدمنهور، يوم 28 يناير ( يوم الغضب )، وقبل أن يلقى حتفه تحت عجلات سيارة مطافئ كانت تدور حول الميدان بسرعة جنونية لمحاولة تفريق المتظاهرين . بدأت رحلة عذاب أسرة الشهيد بعد وفاته عن عمر يناهز ال 36 عامًا، فقد كان العائل الوحيد لهم بعد وفاة الأب، و كان الشقيق والزوج والابن لأم انتابها الأمراض والأسقام بعد وفاته؛ حيث لم يستجِب المسئولون ولم يفِ المحافظون الذين قدموا وعودًا معسولة بوعودهم، بدء من اللواء الشعراوى، وانتهاء باللواء هدهود . تجاهلوا علاج والدته فماتت فى العيد.. من جانبها، تجاهلت الدولة جميع الإغاثات، و المطالب بعلاج والدة الشهيد على نفقة الدولة؛ خاصة بعد تكالب المرض عليها منذ استشهاد "بهاء" ما بين أمراض القلب والكُلى والكَبد ، فضلًا عن ارتفاع قيمة العلاج التى كانت تصل إلى 7 آلاف جنيه فى المرة الواحدة، ولم تتحمل الدولة مسئولية رعاية أسر الشهداء؛ وفقًا لقرار مجلس الوزراء فى حكومة عصام شرف؛ لتغتال الشهيد "بهاء الجروانى" مرتين، مرة عندما لم تعبء بالنيل من جسده و روحه، و مرة بإهمال وتجاهل والدته حتى الموت . إلى أن توفيت والدة الشهيد، فجر ليلة أول أيام عيد الأضحى المبارك، لتلحق به بعد رحلة عناء استمرت ل 4 سنوات.