"آن للإنسان أن يتوقف مع نفسه يراجع فيها كل ما سبق من مواقف فى حياته، ولذلك فإننى وبيقين لم أكن يوما إلا داعياً للصلاة والأخلاق الحسنة".. بهذه الكلمات بدأ مجدى زينهم قائد جماعة "الناجون من النار" رسالته إلى أجهزة الأمن فى عام 2007 معلنا موافقته على المراجعات الفقهية التى أنشأها السيد إمام والشهير بالشيخ فضل، قبل أن يظل حبيس السجون حتى عام 2011 ويفر بعدها حتى سقط الأسبوع الماضى فى قبضة الأمن ثانية لتعلن بذلك توجيه ضربة قاضية للتنظيم وسقوط أخطر ثلاثى فيه "مجدى زينهم القائد ونائبيه ثروت صلاح شحاتة وحلمى هاشم" ليلتقوا ثانية داخل السجن. ترجع نشأة فكرة التوقف فى الحكم على المسلمين بكفر أو إسلام إلى نشأة " جماعة القطبيين "عام 1965م, حيث ظل القطبيون يتبنون هذه الفكرة منذ نشأتهم وحتى 1981م عندما قرروا التخلى عنها كما أشرنا لذلك سابقا, والفكرة كانت تقوم لدى القطبيين على التوقف عن الحكم للمسلمين المعاصرين بكفر أو إسلام إلى أن يتبينوا حقيقة معتقداتهم. وكان القطبيون لا يشترطون فى المسلم أن ينضم لجماعتهم ليحكموا له بالإسلام إنما كانوا فقط يشترطون أن يدين بنفس معتقداتهم التى هى فى أغلبها معتقدات الإسلام الصحيحة عدا بعض الجزئيات التى تخالف أصول الإسلام أو اختلف فيها العلماء كعدم العذر بالجهل فى العقائد والتشدد فى مسألة التحاكم للقوانين الوضعية التى تخالف الإسلام أو لا تخالفه دون مراعاة العوارض والأعذار التى قد تكره المسلم على شىء من ذلك. وجماعة الناجون من النار ظهرت فى منتصف السبعينيات لتتبنى فكرة التوقف، وأن الحد الأدنى للإسلام لم يعد هو عقيدة الإسلام حسب فهمهم كما عند القطبيين لكنه صار هو ذلك بالإضافة للانضمام لجماعتهم والسمع والطاعة لأميرها فى كل صغيرة وكبيرة كما تبنت الجماعة فكرة الانقلاب المسلح لإقامة دولة الإسلام وسعوا للتسلح والتدرب على السلاح, ولكن حتى منتصف الثمانينيات لم يقوموا بأى عمل مسلح ضد الحكومة أو المجتمع. وفى منتصف الثمانينيات برز اسم مجدى زينهم الصفتى لأول مرة داخل الأوساط الجهادية بعدما أعلن بدء الجهاد المسلح للجماعة وخروجه من جماعة الجهاد المصرية وتبنى فكر التوقف والتبين, وسرعان ما كون جماعة خاصة به مزج فيها بين فكر الجهاد فى العمل المسلح وبين عقيدة جماعات التوقف والتبين المنتشرة, وكون جماعة "الناجون من النار" بشكلها وضم إليها مجموعة من الأشخاص من معتنقى فكر التوقف والتبين الذين وافقوا على فكرته فى وجوب القيام بتحرك مسلح لإثبات أن فكرهم ليس كلاما فقط وإنما هو كلام وعمل وجهاد أيضا, وكان من بين من انضموا له فى منظمته الجديدة متعاطفون سابقون مع تنظيم الجهاد, وساعد ذلك كله على مضى مجدى الصفتى فى طريقه الذى رسمه لنفسه ورأى أن يبدأ عملياته بمحاولة الانتقام من وزير الداخلية الأسبق اللواء النبوى إسماعيل الذى قاد عمليات تقليم أظافر جماعة الجهاد فى مصر بعد مقتل الرئيس الأسبق أنور السادات ولذلك قام تنظيم "الناجون من النار" بثلاث عمليات مسلحة حاولوا فى أولاها اغتيال حسن أبو باشا لكنه نجا بأعجوبة فلم يمت وأصيب بجروح خطيرة, وكانت المحاولة الثانية محاولة اغتيال نبوى إسماعيل أما محاولتهم الأخيرة فقد كانت من نصيب الكاتب الصحفى "مكرم محمد أحمد" المقرب من الحكومة, وقد نجا مكرم والنبوى إسماعيل دون جروح من هاتين المحاولتين, وكانت كل هذه المحاولات فى صيف 1987م وفى عام 1993 تم القبض على مجدى الصفتى كما هرب ثروت صلاح شحاتة وقبض بعدها على هاشم. والمتتبع للأحداث يجد أن اثنين من أعضاء التنظيم مسئولان عن الفكرين الأشد تطرفا فى التكفير فحلمى هاشم المرجع الدينى لأفكار الذبح والقتل التى تبناها تنظيم الدولة الإسلامية وهو المكنى بشاكر نعم الله ويرتبط بعلاقات وثيقة ومباشرة مع أبو بكر البغدادى أمير داعش وقائدها وثروت صلاح شحاتة كان أمير تنظيم القاعدة فى ليبيا وقائد أقوى ميليشيات التنظيم قبل أن يسقط فى قبضة العدالة خلال الفترة الماضية. وتقول التحريات إن ثروت شحاتة الذى يمكث هو الآخر فى السجون المصرية الآن حول نشاطه خلال الفترة التى أعقبت عملية القبض عليه إلى مصر وأن تنظيم القاعدة بقيادة محمد الظواهرى قام بتنصيبه على رأس تنظيم القاعدة فى ليبيا ليصبح أميرا للتنظيم هناك خلفا لأبى أنس الليبى الذى تم القبض عليه من قبل المخابرات الأمريكية منذ أسابيع وأنه يتحكم فى ميليشيات القاعدة الموجودة فى ليبيا بالكامل ويمتلك سلاحا عالى الكفاءة والحداثة حيث إن الأسلحة الموجودة الآن بحوزة تنظيم القاعدة الليبى هى الأسلحة التى تم سرقتها من مخازن سلاح الجيش الليبى النظامى التابع للقذافى إبان ثورة ليبيا وأثناء الفوضى العارمة التى أصابت البلاد بعد سقوط القذافى وميليشيات ثروت صلاح الجهادى المصرى تنتشر فى عدد كبير من المناطق داخل ليبيا وأنه أنشأ مقر إقامة يقبع بالقرب من الحدود المصرية الليبية مما يمثل خطرا داهما على الأمن القومى المصرى. وأضافت التحريات أن ثروت صلاح كان أحد أهم الداعمين للإخوان بعد ثورة 30 يونيو حيث وضع تنظيم القاعدة تصورا كاملا لإدارة الأحداث فى ليبيا ومصر وتونس وغزة من خلال فروع التنظيم فى هذه الدول والذى يعتمد على إحكام السيطرة لميليشيات التنظيم داخل ليبيا وغزة بالتعاون مع الإخوان فى ليبيا وحركة حماس فى غزة وكذلك محاولة إثارة الفوضى فى كل من مصر وتونس وتنفيذ عدد من العمليات الانتحارية والتفجيرية لإنهاك القوات المسلحة فى البلدين ومحاولة السيطرة على سيناء سيطرة كاملة استعدادا لنقل مقر تنظيم القاعدة إليها. وأكدت التحريات أن الظواهرى وضع خطة تتركز فى استقبال المجاهدين المصريين والشباب الإخوانى الرافض لثورة 30 يونيو فى معسكرات التدريب التى يقيمها ثروت صلاح على حدود مصر مع ليبيا لإعادة تدريب هؤلاء الشباب على استخدام الأسلحة والمتفجرات لإعادة تصديرهم مرة أخرى إلى مصر وتونس ليقوموا بتنفيذ جزئيتين أولاهما تنفيذ عدد من العمليات التفجيرية والانتحارية ضد منشآت حيوية تابعة للجيش وتفجير كمائن القوات المسلحة فى سيناء واصطياد الجنود المصريين هناك وتفجير سفارات أجنبية على أرض مصر مثل سفارات دول ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وتنفيذ عدد من الاغتيالات ضد شخصيات إعلامية وسياسية معارضة للإخوان أو للحكم الإسلامى على حد زعمهم والجزء الثانى والأهم هو خلق تواجد منظم وقوى على الأرض فى مصر حيث إن مصر لم تشهد أبدا تواجدا منظما لتنظيم القاعدة على أراضيها مثل الوضع فى اليمن أو ليبيا أو غزة على أن يكون هذا التنظيم هو نواة لظهور تنظيم القاعدة بقوة فى مصر خلال 3 سنوات من الآن وتمهيدا للدخول التاريخى لتنظيم القاعدة إلى مصر وتحديدا فى سيناء التى اختارها الظواهرى لتكون عاصمة التنظيم القادمة بدلا من أفغانستان وأن يتم نقل جميع قواعد التنظيم إلى سيناء خلال السنوات الثلاث القادمة على أن يصل الظواهرى فى نهاية هذه المدة إلى سيناء عن طريق اليمن ثم ليبيا ثم سيناء ليحكم التنظيم من شبه الجزيرة القابعة على حدود إسرائيل الهدف الأول لتنظيم القاعدة وأثناء مناقشة هذا الأمر داخل الاجتماع المصغر لقادة تنظيم القاعدة والذى رصدته أجهزة مخابرات مختلفة اقترح ثروت صلاح أن يكون هذا الكيان المزمع تأسيسه على أرض مصر فرعا جديدا لجبهة النصرة الموجودة فى سوريا الآن وتعتبر أحد أقطاب المعارضة ضد بشار والمعروف تبعيتها لتنظيم القاعدة وشرح ثروت اقتراحه كاملا بدعم جبهة النصرة المصرية بالسلاح الذى تم تهريبه إلى مصر خلال عهد الإخوان والقادم من ليبيا بالإضافة إلى أسلحة أخرى يلتزم ثروت صلاح وممتاز دغمش بتهريبها للأراضى المصرية عن طريق الأنفاق بين غزة ومصر ومن خلال الحدود الليبية. وكلف الظواهرى أمير ليبيا برفع الحالة المعنوية لجنوده وطلب منه التعامل بطريقة خاصة مع المواطنين فى مصر بعد دخولهم لاستمالتهم إلى الجبهة كما حدث فى سوريا حيث أصبحت جبهة النصرة حكما بين الأطراف المتنازعة داخل المعارضة السورية والجيش الحر