ارتفاع ملحوظ في درجة حرارة الجسم، التهاب في اليد، تعب دائم.. الأعراض التي لازمت المُدرسة جانيت ميشيل وظلت تزداد حتى صعدت الروح إلى بارئها، تاركة خلفها مَدرسة "موبوءة". بعد شعورها الدائم بالمرض ذهب "الدكتور جون ميشيل" بأخته إلى أحد الدكاترة ولم تتحسن على الدواء المكتوب لها، حتى توجَّه "جون" بشقيقته إلى إحدى المستشفيات الخاصة بمحافظة سوهاج، والتي رفضت استلامها للاشتباه في إصابتها ب"إنفلونزا الطيور"، واستمرت المعاناة بعدما عرضها على دكتور أمراض صدرية والذي أكد له بأن "جانيت" تحتاج إلى الاحتجاز بمستشفى الصدر. مدير الإدارة التعليمية بمركز "البلينا": واجهنا مرض "الغدة النكافية" في المدرسة.. والوضع مستقر ظلت الحالة تتأخر، برغم دخول أستاذة مدرسة "رفلة جرجس" في مركز البلينا بسوهاج إلى مستشفى الصدر الوحيدة في المدينة التي تستقبل حالات الإصابة بإنفلونزا الطيور، على أمل إيجاد ما ينقذ حياتها، لكنهم لم يجدوا بها عناية مركزة أو جهاز تنفس صناعي، كما يروي "جون ميشيل" ل"الوطن"، والذي أكد أن مستشفى الصدر بالعباسية في القاهرة هى الوحيدة التي يوجد بها نظام "العزل". "الهلال" مستشفى التأمين الصحي بسوهاج.. آخر ما توجهت إليه "جانيت" حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، التي وجدوا بها عناية مركزة وجهاز تنفس اصطناعي لكن لا يوجد بها "عزل"، فكان يرافقها في الغرفة 7 آخرين، حاول أخصائيو العناية المركزة إنقاذها بكل الوسائل لكن ينقصهم الخبرة، وفقًا لرواية "جون" الذي أشار إلى مخاطبة المستشفى للهيئة العامة للتأمين الصحي. مدير الإدارة الصحية في "البلينا": جاءتنا 24 حالة مصابة بالغدة النكافية.. وأقمنا ندوات "تثقيفية" للطلاب أكد "جون" أنه علم من مستشفى الهلال بأن سيارات الإسعاف غير مجهزة لنقل "جانيت"، من خلالها إلى مستشفى الصدر في القاهرة، طوال ال12 يوما التي مكثتهم بالمستشفى، حتى وافتها المنية. لا يستطيع شقيق "جانيت" حتى الآن استيعاب سبب إصابة أخته بإنفلونزا الطيور، وهي تعيش مع أشقائها في بيت والدهم نظرًا لسفر زوجها للعمل، وأنهم يسكنون بشقة في مركز المدينة وليس بالريف ولا يربون أي طيور وليست في محيطهم. "المدرسة موبوءة وربما بسببها ماتت جانيت".. الترجيح الذي تداوله العاملين بمدرسة "رفلة جرجس" بمركز البلينا في محافظة سوهاج، بخاصة وأن الأمراض والعدوى منتشرة بين تلاميذ المدرسة، بعد انتشار "الغدة النكافية" من نحو شهر، وازداد الإهمال حتى أُصيب 50 طالبا ب"الغدة النكافية"، نظرًا لكونها مدرسة حكومية معروفة باكتظاظها بالطلاب، حيث يجلس نحو 64 طالبا في فصل واحد، وإصابة 4 آخرين بمرض "التيفود" وفقا لرواية إحدى المعلمات بالمدرسة وزميلة "جانيت"، لكنها رفضت الإفصاح عن هويتها. "إنتو اللي عايزين تعملوا الشوشرة بتطلعوا إشاعات دي عشان توقفوا الدراسة".. الرد الذي يلى التهديد للعاملين بالمدرسة من الإدارة بعدم التحدث عما يحدث في المدرسة، وإذا سألهم أحد يقولون بأن المدرسة ظهر بها 3 حالات فقط إصابة بالغدة النكافية، لذا رفضت "المُعلمة" الإفصاح عن هويتها حتى لا تتعرض لأذى في عملها. إحدى المعلمات: المدرسة منتشر بها أمراض "التيفود والغدة النكافية وانفلونزا الطيور".. وبعض الأباء يمنعون أولادهم من الحضور وأكدت "المُعلمة" بأن الإدارة نبهت على العاملين بعدم قول أن الأستاذة جانيت أصيبت بانفلونزا الطيور، و"إحنا متأكدين إنها بتعدي عشان الدكاترة كانوا خايفين يخشوا عليها آخر أيام ليتعدوا لحد ما ماتت"، أرجعت إلى أن أحد أسباب انتشار الأمراض بالمدرسة هو عدم تهويتها لوجود "شباك" واحد و"بايظ"، في ظل التكدس الطلابي. منذ شهر مضى والأمراض بدأت تلاحق المدرسة المشتركة بين "ابتدائي وإعدادي"، ما بين "إنفلونزا الطيور، والغدة النكافية، والتيفود"، أشارت "المعلمة" إلى اشتباه إصابة إحدى زميلاتها بإنفلونزا الطيور بعد إصابتها بسخونة منذ نحو أسبوع، وانتقلت إلى المستشفى الدولي في مصر، وأخرى تعاني من "التيفود"، وزميلة لهم أخرى أصيبت ب"الغدة النكافية" ومعزولة ولا يستطيع أحد زيارتها. أوضحت مُعلمة مدرسة رفلة جرجس أن المسؤولين "مسكرين أفواه الجميع" على حد تعبيرها، وأنهم لا يعترفوا بأن المدرسة تنتشر فيها الأوبئة، مشيرة إلى توجه العديد من أولياء الأمور إلى منع أولادهم من الذهاب للمدرسة خوفًا عليهم. من جانبه، أكد إبراهيم البوتلي مدير الإدارة التعليمية بمركز البلينا، في تصريح ل"الوطن"، أن المدرسة عانت من مرض "الغدة النكافية" فقط، وأن التأمين الصحي ووزارة الصحة قاموا بدورهم من خلال الإسعافات، وأن الحالة مستقرة، ولم تظهر غير حالات إصابة بالمرض بسيطة، مؤكدًا أن دكتور التأمين الصحي والدكاترة المختصين من وزارة الصحة قاموا باللازم، وأن مَن عانى منها في صفوف الطلاب حصل على إجازة 15 يوما، وأن دكتور التأمين الصحي متابع الوضع جدا، ولا يعاني أحد الطلاب حاليًا من أي شيء. كما صرح دكتور سيد القط مدير الإدارة الصحية بمركز البلينا في محافظة سوهاج، ل"الوطن"، أن 24 تلميذا فقط من مدرسة "رفلة جرجس" هم الذين أصيبوا بالغدة النكافية، وانعزلوا عن زملائهم لمدة 15 يوما، حتى لا تنتشر العدوى التي تنتقل عبر الجهاز التنفسي بين الطلاب، نظرًا للكثافة الطلابية المعهودة في المدارس الحكومية، فيما قام أطباء الإدارة الصحية بعمل ندوات "تثقيف صحي" بالمدرسة للطلاب والمعلمين، لتوعيتهم من خلال إمدادهم بمعلومات تحميهم من الإصابة بالمرض أو نقل العدوى. وفي تصريحات سابقة، قال عبد العزيز عطية وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة سوهاج، إن المُعلّمة التى كانت مصابة بمرض أنفلونزا الطيور توفيت اليوم بمستشفى الهلال. وأضاف وكيل وزارة التربية والتعليم، في تصريحاتٍ له، أن المُعلمة تُدْعَى دانيت، وهى تعمل مدرسة اقتصاد منزلى بمدرسة رفلة جرجس بمركز البلينا، وتم حجزها فى مستشفى الهلال بسوهاج عدة أيام، إلا أنها توفيت اليوم، وهى أول حالة وفاة بالمحافظة بالمرض.