حُرمت من الأبناء بعد أن مات وحيدها «محمد» عقب ولادته بشهرين، فقدت القدرة على الإنجاب بعده، نتيجة خطأ طبى أثناء جراحة استئصال الزائدة، ملابسات معقدة جعلت قلبها أكثر تعلقاً بالأطفال، تفتش عن ملابس ابنها الذى لم تشبع من تفاصيل وجهه، ثم تتفقد الشوارع متأملة الأطفال الجوعى، وتطعمهم رغم ضيق ذات اليد، فحلم الأمومة ما زال ينبض بداخلها. الحاجة رضا محمود استيقظت ذات يوم عقب صلاة الفجر على صوت القطط تنهش فى صندوق قمامة إلى جوار مسكنها البسيط فى عزبة الفرنساوى بالجيزة، لتكتشف رضيعاً يتوسط القمامة، يملأ المكان بصراخه، فانتشلته وحضنته، بعد أن ضربت كفاً بكف «يا ضنايا يا بنى إيه اللى رماك هنا»، ترقرقت عيناها بالدموع، وقررت أن تسأل أهالى العزبة عن الابن ربما فقدته إحدى الأسر دون أن تدرى «ما لقتش حد عارفه أو عايز يشوفه هو مين ولا جاى من فين، صعب عليا»، قرار كان بمثابة القشة التى تعلق بها قلبها الحنون، الذى تمنى الأبناء طيلة عمره، «قررت أتبناه وأجرى ورزقنا على الله». السيدة الخمسينية التى تعيش ب200 جنيه شهرياً هو معاش زوجها، الذى رحل عن الحياة قبل 10 سنوات، يكفى بالكاد لحياة على الكفاف برفقة الصغير التى قررت تسميته «محمد» تيمناً بابنها الذى فقدته وهى فى الخامسة والعشرين من عمرها «ربنا رزقنى بولد جديد، بقى فى غلاوة ابنى اللى مات ومالحقتش أفرح بيه، لأن الأم اللى تربى مش اللى تنجب بس». «أم محمد» هو أقرب الألقاب إلى قلبها لدرجة أنها تنهر أى شخص فى العزبة يناديها بغيره، بحسب الحاجة رضا «لولا أنه حرام كنت كتبت محمد باسمى، خلاص كبر بقى عنده سنتين دلوقت»، رضا رفضت عرضاً من أحد الأشخاص ميسورى الحال فى العزبة ببيع الطفل مقابل 50 ألف جنيه «ممكن ياخد الولد يسرق أعضاءه، ولا يشغله فى السرقة ولا الشحاتة، ده هدية ربنا لى بعد طول صبرى، لازم أحافظ عليها، وأربيه كويس».