لم يبق علي إجراء انتخابات الإعادة الرئاسية سوي 11 يوما. ثم بعدها بيومين أو ثلاثة نعرف من هو الرئيس الجديد لمصر الذي سيحل محل مبارك نزيل سجن طرة الآن. كل الشواهد السياسية التي تموج بالبلد الآن ترجح كفة الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين علي كفة الفريق أحمد شفيق الذي هبطت أسهمه بعد حكم البراءة من قتل المتظاهرين الذي حصل عليه مساعدو وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي. ومع كل هذه الشواهد يبقي رأي الناخب المصري هو الفيصل ويبقي صندوق الانتخابات هو الحكم حتي آخر لحظة لنتأكد بعدها من سيكون الرئيس مرسي أو شفيق؟ تخيلت لو أن شفيق هو الذي فاز.. ما الذي سيترتب علي هذا الفوز؟! ربما تنفجر مصر من الداخل. وتتحول المظاهرات السلمية والاعتصامات إلي عمل تخريبي غير منظم.. يختفي صوت ملايين الناخبين الذين رفعوا شفيق إلي سدة الحكم ويعلو صوت ميدان التحرير وكل ميادين مصر وشوارعها. تسقط عندئذ شرعية الديمقراطية. وشرعية الصوت الانتخابي وأي شرعية أخري.. ولا يعلو صوت فوق صوت الثورة وصوت ميدان التحرير الذي يغطي علي ما عداه من الأصوات. السؤال هنا: هل يتدخل الجيش في هذه الحالة؟! وما هي الحجة التي تسمح له أو تعطيه الحق في هذا التدخل؟ هل هي حجة الدفاع عن الشرعية؟ أم حجة الحفاظ علي أمن مصر وعلي المنشآت العامة من التدمير والتخريب؟ وماذا لو اصطدم الجيش بالشعب ووقع الضحايا من الجانبين؟ من منهم سيكون شهيدا ومن منهم يكون القاتل؟ وهل يمكن أن يتطور الأمر إلي دخول فئات أخري لا نعرف هويتها في المعركة علي غرار ما حدث في شارع محمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء وغيرها؟ من الذي يستطيع رسم صورة واضحة للكيفية التي سينتهي إليها هذا المشهد المأساوي لو نجح شفيق؟ في المقابل.. ماذا يحدث لو نجح الدكتور محمد مرسي وأصبح هو رئيس مصر؟ هل سيسكن ويهدأ ميدان التحرير وينصرف المتظاهرون المعتصمون إلي أعمالهم وتمتنع كل التيارات السياسية التي أعلنت تأييدها له عن المشاركة في أي عمل احتجاجي أوتظاهري؟ وماذا عن التيارات الرافضة لمرسي وشفيق معا؟ وماذا عن المتخوفين من حكم الإخوان وسيطرتهم علي كل مؤسسات الدولة في ظل الاتهامات الموجهة لهم بأنهم ليسوا أصحاب الثورة وأنهم امتنعوا عن المشاركة فيها إلا بعد التأكد من نجاحها. هذا الفصيل من التيارات السياسية يتهم الإخوان صراحة بأنهم ركبوا الثورة وقطفوا ثمارها وحدهم. ولم يتركوا لمفجريها الأصليين فرصة لقطف بعض هذه الثمار مستغلين ان الثورة ليس لها قائد محدد يلتف الثوار حوله وإنما انقسمت إلي جماعات متناثرة متباعدة عن بعضها البعض فكان من الطبيعي أن تخسر كل شيء. بالطبع.. في حالة فوز الدكتور مرسي سيمتنع الاخوان عن النزول إلي الميدان. فقد تحقق لهم ما أرادوا. وسوف يمتنع أيضا مؤيدو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الذي بدأ التقارب بينه وبين الدكتور مرسي داعما له في الانتخابات تحت عنوان وشعار "كلنا إخوان" لكن هل سيمتنع مؤيدو حمدين صباحي وعمرو موسي وخالد علي؟ هل سيمتنع الثوار الحقيقيون الذين فجروا الثورة واسقطوا النظام؟ وماذا سيحدث لو اصطدم الإخوان بالشارع المصري؟! هل سيستدعي الرئيس مرسي الجيش لحفظ النظام وفض "المشاغبين"؟! ظني ان أول قرار سوف يصدره الرئيس مرسي هو تشكيل محكمة ثورية أو ما شابه ذلك لإعادة محاكمة مبارك وابنيه والعادلي ومساعديه. حفظا لدم الشهداء وقصاصا لهم. وعندئذ سيصمت الجميع.. ولا تصبح مصر دولة آلية للسقوط.. كلها تخيلات.. ولكن للحقيقة عنوان آخر نعرفه يوم 18 يونيو الحالي.