إذا كانت محادثات الرئيس عبدالفتاح السيسي مع هيلا ميربام ديسالين رئيس وزراء أثيوبيا قد تناولت كل علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات. وحرص مصر علي التنمية في أثيوبيا ومشاركة القطاع المصري الخاص في هذه التنمية.. فإن الواضح من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد المحادثات أن سد النهضة الأثيوبي حظي باهتمام خاص من الجانبين المصري والأثيوبي. نشكر رئيس وزراء أثيوبيا علي قوله: إن شعب أثيوبيا لم ولن يفكر بأي حال من الأحوال في تعرض المصريين للخطر. وأن بلاده تدرك أن ملف سد النهضة يمثل أحد أهم شواغل الشعب المصري.. كما أنه لن يشكل أي ضرر علي مصر أو أي جهة أخري.. ولن يؤثر علي مصر أو السودان.. كما أن الروابط والأصول التي تربط أثيوبيا ومصر تتمثل في نهر النيل. وفي إطار المحادثات حول سد النهضة أوضح الرئيس السيسي أن مصر طرحت بشكل عاجل علي الأشقاء في أثيوبيا والسودان اقتراحا بمشاركة البنك الدولي في اجتماعات اللجنة الثلاثية المعنية بسد النهضة كطرف فني محايد للبت في الخلافات الفنية بين الدول الثلاث.. معربا عن قلقه من حالة الجمود التي تعتري المسار الفني الثلاثي المعني باتمام الدراسات المتفق عليها لتحديد الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة لسد النهضة علي دولتي المصب. قال الرئيس لا نريد أن يكون هناك تصرف أحادي متعلق بملء السد من غير أن نكون قد وصلنا إلي اتفاق. واضح أن ما ذكره الرئيس السيسي ورئيس وزراء أثيوبيا أن سد النهضة قد حظي باهتمام متزايد من الجانبين.. وأن الرئيس أكد علي أن مصر في انتظار رد أثيوبيا والسودان علي مقترح البنك الدولي لتجاوز الخلافات فيما يتعلق بأعمال اللجنة الفنية الثلاثية. في حين أشير في الاجتماع إلي اقتراح أثيوبي بمشاركة طرف ثالث غير البنك الدولي في أعمال هذه اللجنة.. لكن لم يطرح اسم الطرف الثالث المشار إليه. هذه العلاقات الأخوية الوطيدة بين مصر وأثيوبيا والحرص علي مصلحة كل منهما.. والتعاطف والمودة بين البلدين تجعلنا نتفاءل بالتعجيل لحل الخلافات بين البلدين في موضوع السد بما لا يضر بمصر في الحصول علي حصتها من مياه النيل. لقد كان الرئيس واضحا ومحددا علي تجنب قيام أي طرف بتصرفات أحادية ولابد من الاحترام الكامل لقواعد القانون الدولي المنظمة لاستخدامات المياه في الأنهار الدولية لتجنب الإضرار بأي طرف. إن الرئيس السيسي أكد علي حرصه خلال المناقشات مع رئيس الوزراء الأثيوبي أن نموذج التعاون في حوض نهر النيل لا يجب أن يكون بأي شكل من الأشكال معادلة صفرية. وإنما قاطرة لتحقيق التنمية والرخاء لشتي شعوبنا من خلال التعاون وتفهم شواغل الطرف الآخر.. لاسيما حينما تتعلق تلك الشواغل بشريان الحياة الرئيسي لشعب يتجاوز عدد سكانه 100 مليون نسمة واعتماده بشكل رئيسي علي هذا النهر كمورد للمياه. المناقشات بين الجانبين المصري والأثيوبي دارت في أجواء ودية وأخوية وحرص علي المصالح المتبادلة.. لكن ذلك لم يمنع الرئيس السيسي من أن يتحدث مع رئيس الوزراء الأثيوبي مع شواغل الشعب المصري من أن يؤدي البطء في اجتماعات اللجنة الفنية الثلاثية ويسرقنا الزمن فيجد المصريون أنفسهم في حالة أمام الأمر الواقع. نحن في انتظار ما تسفر عنه الأيام القادمة من خلال الرد علي اقتراح مصر باشراك البنك الدولي الذي تتمسك به القاهرة ليحسم هذه الخلافات ويضع حداً لها.. أو تطرح أثيوبيا حلا آخر باشراك طرف ثالث بشرط أن توافق مصر عليه. سيظل سد النهضة شغلنا الشاغل لضمان حصتنا من مياه النيل.. ففي هذه الحصة حياة شعب بالكامل إما أن نموت أو نعيش.. ولن ترضي أثيوبيا ولن يرضي المجتمع العالمي.. ولن يرضي القانون الدولي أن نموت.. بل نحيا بحب ومودة وسلام وأمان مع الآخرين.