مباشرة ومنذ الوهلة الأولي. من عتبة النص. من العنوان "ورقة أسئلة" باتجاه الهدف مباشرة. إنه"اختبار" . لكن من الممتحن؟ وفي أي مادة؟ وهل استعد الممتحن جيدا لهذا الامتحان؟ هل أجاب جيدا؟ ماذا حدث لورقة الأسئلة؟ أسئلة عديدة يطرحها العنوان ويحاول كاتبنا سمير الفيل الإجابة عليها من خلال نصه الذي بين أيدينا و"المعنون" ب "ورقة أسئلة". بدأ النص بمقدمة في لجنة امتحان والأمور الروتينية المعتادة ككل امتحان من تسلم ورقة الإجابة. ثم الأسئلة. والي الآن لم يذكر لنا الكاتب اسم المادة إلا بعد كتابة الاسم بشكل منمق. خشية "النسيان" كان المشرفون يذكروننا دائما بضرورة كتابة الاسم أولا وبشكل واضح.. ثم ينتقل الكاتب إلي اسم المادة وهي مادة التاريخ وذيل اسم المادة بالتي يحبها.. لكن الأسئلة وعلي غير المتوقع كانت مفاجئة. صادمة. إنها تختبر الذاكرة. تختبر الحفظ لا الفهم. حين قال الكاتب " فوجئت بالأسئلة تختبر ذاكرتي " كأني به يريد أن يقول إن المتوقع والطبيعي أن تختبر الأسئلة الفهم لا الحفظ وهو ما لم يحدث الأمر الذي تسبب في تلك المفاجأة. ومع ذلك حاول جاهدا. استحضر الأقرب إلي الذاكرة عله يتذكر الإجابات. استحضر الليلة الماضية. ليلة الامتحان. وما أدراك ما ليلة الامتحان. تلك الليلة التي قاوم فيها " غواية " النعاس ولم ينم إلا قليلا. حاول أن يجبر نفسه لتنصاع إلي تلك الطريقة. اشغل نفسه ليتذكر. لكن عبثا حاول. تنتصر نفسه للصواب. للفطرة. ولم لا وإجاباته نموذجية مدعومة بالأدلة؟. تتقافز شخصيات وطنية بعينها أثرت في التاريخ المصري مصحوبة بعبارات مقتضبة تشي بفهم عميق لتلك المادة التي يحبها. بدأ بالزعيم احمد عرابي الممتطي جواده ملوحا بسيفه. ثم ثناها بالخديو توفيق المحاط بقناصل الدول الأوروبية مربد الوجه. وجاء الدور علي سعد زغلول شاجبا الأقوال المرسلة التي زعمت أنه قال" مفيش فايده". ليختتم بجمال عبد الناصر وخطة طرد اليهود من سيناء.. هنا لم يذكر الكاتب أي شيء يفيد " التذكر " ولكنه استخدم لفظ " قفز " دون أن يقرنه بالذهن. فلم يقفز إلي ذهنه. إمعانا في رفضه لتلك الطريقة. حتي عندما اندفع الملاحظ من مكانه ليحذره من الضجة التي يصنعها. أخبره أن الزعماء "يتسللون"من ورقة الأسئلة إلي حرم اللجنة. وكأن القفز كان إلي ورقة الأسئلة. وكأنهم لم يطيقوا المكوث فيها. فراحوا يتسللون منها رفضا للأسئلة ولتلك الطريقة. لكن ردا كهذا قوبل بالريبة في قواه العقلية. الأمر الذي استدعي شفقة الملاحظ فراح يربت علي كتف بأبوة. ويدعو لنفسه وله بحفظ الله. إنها تهمة "الجنون" المعلبة التي تواجه كثيرا ممن يحاول الفهم!. ثمة ربط بين أولي عبارات النص وهي" جلست في آخر الصف بلجنة الامتحان" وبين آخر عبارة فيه " ستضيع مستقبلك". وكأن الكاتب يريد أن يقول إن هؤلاء الذين يفهمون. مكانهم دائما في الصفوف الخلفية. وان الآخرين يرونهم فشلة لا مستقبل لهم. إنها النظرة السائدة. "الحفظ" وحده يصنع ويحفظ مستقبلا..تري كم من هؤلاء ضاع مستقبلهم؟ إنه بالفعل اختبار. ولكن ليس لبطل قصتنا. وإنما للمسئولين عن التعليم في مصر. إنه الفشل بعد ظلت الأسئلة دون إجابات. فقد سلم الممتحن ورقة الإجابة خالية..