افتتاح أكبر مزرعة للأسماك في الشرق الأوسط. بمحافظة كفر الشيخ انجاز كبير. وإضافة جيدة تدعم الأمن الغذائي. ومع ذلك فإن الرئيس السيسي وصفها بأنها مجرد "خطوة" علي طريق طويل. الوصف يعكس حجم ما يحلم به الرئيس لمصر. كما يعكس الفجوة التي مازالت قائمة بين ما ننتج وما نستهلك في ظل الزيادة السكانية المستمرة. وفي ظل تحسن دخول المواطنين وطموحهم لرفع مستوي معيشتهم. هذه الفجوة لا تتصل بالأسماك فقط. بل بكثير من السلع الغذائية وغير الغذائية التي تواصل الدولة جهودها لتحقيق تقدم في تضييقها. حتي يمكن خفض الاستيراد من الخارج فيها. ومزرعة كفر الشيخ ليست الأولي.. سبق للرئيس أن افتتح مزرعة أخري قبل شهور. والدولة لا تقيم مزارع للأسماك فقط. بل تقيم أيضاً مزارع لتنمية الثروة الحيوانية وسد الفجوة القائمة بين انتاج واستهلاك اللحوم. والأرقام التي ذكرت حول الانتاج السمكي توضح أن مزارع الأسماك وحدها تنتج ما يقرب من ضعف مجموع ما يتم انتاجه من كل البحار والبحيرات المصرية ومن نهر النيل وفروعه أيضاً. وهذا يبين حجم الجهد البشري المبذول في هذا الاتجاه. لكن السؤال الذي يردده كل مواطن يتابع هذه الأرقام هو: هل حان الوقت ليحصل المواطن المصري علي وجبة سمك بسعر مناسب؟! هذا سؤال مشروع. وهو الهدف من انجاز مزرعة كفر الشيخ وما سبقها وما سيتلوها من مشروعات في هذا المجال.. لكن يظل السؤال هو: وكيف يتحقق هذا الهدف؟! وهل وفرة الانتاج من أي سلعة . تكفي وحدها لخفض سعرها وجعلها في متناول كل المواطنين أياً كانت قدراتهم المالية؟! في كتب الاقتصاد. الاجابة علي هذا السؤال هي: نعم. كذلك في تطبيقات الاقتصاد الحر في أمريكا وأوروبا. حيث تعمل آليات السوق من عرض وطلب بحرية كاملة لكن وفق ضوابط وتحت رقابة صارمة وقوانين رادعة.. سنجد نفس الاجابة. إلا في السوق المصري.. فإن الاجابة التي نعرفها جميعاً جيداً هي: ليس بالضرورة. يمكن أن تجهد الدولة نفسها في توفير أي سلعة بما يفوق الطلب عليها. سواء من خلال زيادة الانتاج المحلي. أو من خلال الاستيراد. ولا ينخفض السعر. ولا تصل السلعة للمواطن المستهدف: لأن "شلة" من المحتكرين أو المستغلين يقفون في طريق انسياب السلعة من الدولة للمواطن. ويقومون بتخزينها وحجبها عن السوق حتي تظل أسعارها مرتفعة. ويضيع جهد الدولة. وتستمر شكوي المواطن من نقص السلعة. وارتفاع سعرها. ان تجنب الدولة ممثلة في وزارة التموين نسبة من انتاج مشروعاتها الغذائية لتوزيعها من خلال الآليات التي تسيطر عليها. سواء عن طريق بقال التموين علي البطاقة. أو من خلال المجمعات الاستهلاكية. هذا يضمن علي الأقل وصول السلعة بسعر مناسب لملايين المستهدفين. ويضرب احتكار الأسواق. ويشعر محدودي الدخل بثمار ما يتابعونه علي الشاشات من انجازات قبل أن يتخطفها الآخرون. إن مشاركة الدولة في الانتاج من خلال ذراعها الفعال في القوات المسلحة وهو جهاز الخدمة الوطنية. تحتاج. لكي تصل ثمارها للمواطن إلي مشاركة علي نفس المستوي في عملية التوزيع وضبط الأسواق من المنبع دون اخلال بقواعد العرض والطلب.. علي الأقل خلال الفترة الحالية إلي أن نصل إلي ما وصلت اليه تطبيقات الاقتصاد الحر في الدول المتقدمة من انضباط.