فشل المفاوضات الثلاثية: مصر والسودان وأثيوبيا مؤخرا حول سد النهضة لم تكن مفاجأة.. والتعنت الأثيوبي وللأسف والسوداني كان متوقعا فكلما خطت مصر خطوات قوية نحو المستقبل واستعادة دورها واستكمال خططها كلما زادت معدلات العمل الصهيوني ضد مصر. المشكلة ليست في سد النهضة.. فالعمل تجاه هذه القضية معروف.. يبدأ بالعمل السياسي علي مستوي القادة.. ثم اللجوء للتحكيم.. ثم نبذل كل الجهود بلا استثناء وفي كل الاتجاهات لحماية مصالح مصر في المياه.. لأنها ليست قضية أمن قومي فقط بل أيضا قضية حياة أو موت!! إذن أين هي المشكلة؟ المشكلة في المؤامرة الصهيونية المستمرة ضد مصر.. واعرف ان هذا الكلام لا يعجب الكثيرين الذين يرفضون نظرية المؤامرة برغم كل ما يدور حولنا.. وانا معهم في جزء منه وهو اننا الذين نصنع الجزء الاكبر من المؤامرة سواء بصمتنا او سلبيتنا أو بالأداء غير الجيد.. أو بالسماح لبعض العناصر السيئة بالحرب داخليا ضد مصالح مصر. كلما كانت خطوات مصر نحو المستقبل اكثر قوة كلما زادت أحقاد من يحاربون مصر ويخططون لها بليل.. وتتضح صور المؤامرة يوما بعد يوم من خلال ما نراه علي مواقع التواصل الاجتماعي لجهات واشخاص بأعينهم.. ومن خلال محاولات الاساءة لمصر في كل اتجاه. مشكلة سد النهضة هي أزمة حياة أو موت للمصريين.. تلك هي الرسالة التي يجب ان تصل لقادة اثيوبيا ومن يقفون معهم او بالادق من يدفعونهم للمواجهة مع مصر متناسين ان مصر اكبر من كل هذه الألاعيب وان في حقبة مصر اكثر من سلاح للردع وللتعامل وقت الحاجة. من يقرأ ويتابع الموقف المصري عندما فشلت مباحثات سد النهضة مؤخرا يعي جيدا ان مصر تملك من الاوراق ومن البدائل ما يجعلها اقوي وان من مخطط ضرب مياه مصر سيفشل حتما. التحرك المصري الاقليمي في الأردن والخليج لاحتواء ازمة سعد الحريري رئيس وزراء لبنان المستقيل في السعودية ليست بعيدة تماما عن ازمة مفاوضات سد النهضة.. فرئيس الوزراء الاثيوبي عقب فشل المباحثات غادر فورا إلي الدوحة المرفوضة عربيا واقليميا.. وحكومة السودان التي لم تساند الحق المصري وهي تعلم ان لها ابعاداً سياسية.. وعندما أقول حكومة السودان ولا أقول السودان فهي كلمة حق مقصودة فالفارق شاسع..!! مصر تدير الازمة بشفافية وشرف في زمن لم يعد فيه شرف.. وتدير الموقف بحسابات دقيقة وهي تعي كم المخاطر والازمات التي تحاك لها.. سواء من خلال ارهاب اسود تضامن وتوحد مع صهيونية بغيضة تخطط لتقسيم المنطقة واضعاف مصر بالذات او من خلال ارهاب لا يعرف إلا لغة الدم والموت والدمار.. في دولة تسعي بقوة وشرف إلي السلام والنماء والتنمية وافشاء المحبة والسلام والدفاع عن السلام العالمي من خلال قدرها في مواجهة هذا الارهاب الاسود. المشكلة كما قلت واكرر ليست في سد النهضة.. لأن مصر أكبر من هذه المشكلة لكنها تسعي لحلها بشفافية وشرف ونزاهة وشكل ودي يحافظ علي الاخوة والجوار ويؤكد علي دور مصر الاقليمي والقاري الذي يقف مع دول حوض النيل في شراكة قوية وليس في خصومة مصالح..!! في احد المقاهي سمعت شبابا متحمسا يقول: هل تذكرون ما حدث للحفار الاسرائيلي في ابيدجان عندما حاولت اسرائيل شراء حفار للتنقيب عن البترول في سيناء بعد احتلالها عام 1967.. وكيف ان رجال مصر البواسل حطموا الحفار في عرض المحيط.. ان في مصر نفس الرجال القادرين علي تحطيم سد النهضة!! ابتسم الكبار الجالسون في المقهي وهم يسمعون الشباب بحماسهم وحميتهم وغيرتهم يلجأون إلي الحل الأخير.. ورد احدهم بهدوء.. مصر تملك الكثير لحل الأزمة قبل ان نصل إلي هذا الحل الاخير.. لدينا مفاوضات علي اعلي مستوي ثم لدينا تحكيم دولي واجهزة ومؤسسات عالمية ولدينا ادوات نتحكم فيها ونتعامل معها لدينا وسائل عديدة للمحافظة علي حقوق مصر القانونية في ماء النيل. ليس غائبا عن أحد ان مصر باعتبارها دولة المصب لنهر النيل تملك حقوقا تاريخية وحقوقا قانونية في ماء النيل وإذا كانت مصر لا تقف ضد حق اثيوبيا او السودان في استغلال مياه النيل لمصالحها بل تساندهما في ذلك إلا أن هناك حدوداً لهذه المصلحة تقف عند حدود الاضرار بمصالح مصر وهو الامر الذي لا يمكن السكوت عنه بأي حال من الاحوال. المشكلة ليست في سد النهضة بل المشكلة فيما يدار حولنا من مخططات صهيونية يساندها الارهاب وبعض مموليه ضد مصالح مصر في كل اتجاه.. وإذا كانت المشكلة اليوم قادمة من الجنوب.. فمنذ أيام كانت هناك مشكلة اخري من الغرب حيث الحدود الليبية التي يحاولون جعلها مأوي دوليا للارهاب خاصة الدواعش الهاربين من سوريا والعراق. وامس كان الخطر قادما من الشرق ومازال كامنا ويحاول ان يتنفس تحت ضيق الحصار المصري عليه.. وليس مستبعدا ان تجد شكلا جديدا للخطر علينا قادماً من الشمال حيث تشرق شمس الامل علي مصر المستقبل.. وفي وسط هذا كله يخططون لضربنا من الداخل بكل انواع الضرب تحت الحزام وفوق الحزام. كل ذلك ومصر تقف شامخة ثابتة قوية ترفض الانكسار. عندما أقول إن المشكلة ليست في سد النهضة فلا يعني ذلك انكار ان ازمة سد النهضة ازمة كبيرة وتحتاج إلي جهد دبلوماسي وضغوط حقيقية كبيرة ولكنها ليست الازمة التي تواجه مصر بحدة وحدها.. بل دعونا نضعها في اطارها الصحيح ضمن ازمات مفتعلة ومصنوعة من اجل مصر ومن اجل المنطقة وهي ازمات خطيرة جدا لكنها في النهاية إلي زوال.. لان هناك حقيقة يجب ألا ننساها وهي أن الله غالب علي أمره..!!