في كل زمان يظهر وسط المجتمعات أهل الإفك والضلال كل أهدافهم اثارة الأحقاد وتحريك الضغائن بين الناس من أهم صفاتهم النفاق وترويج الأكاذيب وخيانة الآخرين بتوجيه سمومهم وافتراءاتهم إليهم زورا وبهتانا وقد فضح الله سبحانه وتعالي أساليب هؤلاء ذوي الضمائر الخربة فقال جل وعلا "ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم. مناع للخير معتد أثيم" "10 - 12 القلم" تلك هي حيلهم في كل وقت يوثقون افتراءاتهم وأكاذيبهم بأغلظ الإيمان ويفرحون بالوقيعة بين أبناء مجتمعهم ولا يعبأون بما يترتب علي هذه الأدوار الحقيرة من تداعيات قد تزهق فيها أرواح أو أضرار قد تلحق بأبناء مجتمعهم الآمن انهم أهل الضلال ولم يسلم من مسيرتهم الخادعة "إن تصيب الناس حسنة تسؤهم وأن تصبهم سيئة يفرحوا بها وكأنهم لا يجدون لذتهم إلا في إيذاء الناس وإثارة الفتن". لقد كان الأنبياء في صدارة الذين ابتلاهم الله بهذا الصنف من البشر ولعله من الغرائب أن يتصدي هؤلاء الأفاكون لرسل الله وأنبيائه.. الشيطان اللعين وأعوانه يقودون هؤلاء الأوغاد لكي يشتعل الصراع بين الحق والباطل والإيمان والكفر وفي قصة الرجلين التي جاءت في سورة الكهف أبلغ مثال لمسيرة الصراع بين الخير والشر وقد كان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم من الذين نالهم الكثير من شرور هؤلاء وما جري من عبدالله بن أبي ابن سلول أقرب مثال علي ذلك وكذلك كان الإيذاء من أقرب الناس لرسول الله صلي الله عليه وسلم فها هو عمه أبو لهب فقد كان من ألد أعداء رسول الله صلي الله عليه وسلم وكذلك زوجته التي كانت أم جميل وقد نزلت فيه وفي زوجته سورة المسد ومن الأحداث التي تناقلتها كتب السيرة والتراجم حول تصرف زوجة أبي لهب وتتمثل انه في أحد الأيام أخذت أم جميل حجرا كبيرا وأقسمت أن ترميه بقوة علي رأس سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وفي هذا اليوم الذي عزمت فيه علي تنفيذ جريمة أحقادها عرفت ان رسول الله صلي الله عليه وسلم مع صاحبه الصديق أبو بكر رضي الله عنه في الحرم المكي فانطلقت تردد بصوت مرتفع كلمات بذيئة تشتم وتسب فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم ولكن مسيرتها الحاقدة قد توقفت عنده وكان أبو بكر رضي الله عنه ورسول الله صلي الله عليه وسلم بجواره ولم تره فانتابتها الحيرة وأخذت أبا بكر قائلة: أين صاحبك؟ ثم أضافت: انه قد بلغني انه يسبني ووالله لو وجدته لضربت وجهه بهذا الحجر وفي سفالة بالغة أشارت إلي الحجر الذي كانت تحمله مؤكدة لأبي بكر رضي الله عنه عزيمتها علي تنفيذ جريمتها النكراء لكن خاب سعيها وفشلت في سعيها فقد أصاب الله سبحانه وتعالي بصرها وبصيرتها بالعمي فلم تر سيد الخلق صلي الله عليه وسلم رغم انه كان يجلس بجوار أبي بكر رضي الله عنه وانصرفت تجر أذيال خيبتها وضلالها واللعنات تطاردها. وعقب انصراف أم جميل من الحرم ووسط استغراب الصديق حول عدم رؤية هذه المرأة لرسول الله صلي الله عليه وسلم فتوجه الصديق رضي الله عنه إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وسأله قائلاً: يا رسول الله: لقد رأيتها بينما هي لم ترك؟ فقال سيد الخلق صلي الله عليه وسلم: ما رأتني لقد أخذ الله بصرها عني وتلك عاقبة أهل الضلال والافتراء ولكن أهل الافك لم يعتبروا بما جري لأم جميل وكذلك لأمثالها من أهل النفاق ومروجي الأكاذيب والافتراء بين الناس. وهكذا في كل زمان ومكان يتجدد الصراع بين أهل الخير وأهل الشر ولم يسلم كثير من الناس من ايذاء هؤلاء الأوغاد انهم يبتكرون الحيل الخادعة للإيقاع بين الناس وإثارة الأحقاد بينهم ويفرحون بزعزعة الأمن والاستقرار ولا يتورعون عن ارتكاب هذه الأعمال الحقيرة حقداً وترويجاً لأكاذيبهم وافتراءاتهم وأما الذين ابتلاهم الله بهؤلاء البشر من أهل الافك فإنهم يقتدون برسول الله صلي الله عليه وسلم في الصبر واحتمال أذي أهل الشر ويضعون نصب أعينهم قول الله تعالي: "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" يرددون هذه الآية طالبين من الحق سبحانه وقايتهم من أهل الافك والضلال وأن يأخذ بأيديهم نحو الصراط المستقيم والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.