اللواء أركان حرب الدكتور طلعت موسي المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية وأحد أبطال حرب اكتوبر المجيدة تخرج عام 1964 في الكلية الحربية وشارك في حرب 1967 وحرب الاستنزاف وانتصار حرب اكتوبر .1973 يقول اللواء طلعت موسي: عرفت بموعد الحرب وكنت وقتها رئيساً لعمليات كتيبة مشاه ميكانيكي وطبقاً لبرنامج التدريب اليومي كانت الكتيبة مصطفة في الصباح لإجراء طابور اللياقة البدنية. وإذ بقائد الكتيبة يطلب مني جمع ضباط الكتيبة لعقد مؤتمر مع قائد الفرقة. وفي تمام الساعة السابعة حضر قائد الفرقة. وقال لنا: مبروك يا رجالة الساعة التي نتمناها منذ سنوات قد جاءت سنحارب اليوم وسنحرر سيناء. اضبطوا ساعتكم علي ساعة جامعة القاهرة الساعة 12 ظهراً ستعبر الطائرات من فوقكم في الثانية إلا خمس دقائق وسيعقبها التمهيد النيراني بالمدفعية لمدة 53 دقيقة. حيث سنبدأ موجات العبور ونتقابل جميعاً في سيناء بإذن الله.. وانصرف مسرعاً إلي كتيبة أخري ليقول لضباطها نفس الأوامر والتعليمات. أشار إلي أنه في الساعة الثانية إلا خمس دقائق بعد الظهر بدأ الهجوم بأن انطلقت 200 طائرة في عنان السماء إلي سيناء لتنفيذ الضربة الجوية علي الأهداف المخصصة لها من 3 مطارات وقواعد جوية. 10 مواقع صواريخ هوك. 3 مراكز قيادة وسيطرة وإعاقة إلكترونية. موقعين مدفعية بعيدة المدي. 3 مناطق شئون إدارية. عدد من محطات الرادار. جميع حصون العدو شرق بورفؤاد. يضيف: في نفس اللحظة سقطت نيران أكثر من 2000 مدفع علي طول جبهة القناة في أكبر تمهيد نيراني لعملية هجومية يشهدها التاريخ لمدة 53 دقيقة بمعدل 157 طلقة في الثانية. ثم بدأت في الساعة الثانية والثلث موجات العبور للقوات ليتم الإعلان عن سقوط أول نقطة قوية للعدو ورفع العلم المصري عليها. وبدأت قوات سلاح المهندسين في نفس اللحظة بدء أعمال فتح الثغرات والممرات في الساتر الترابي وإنشاء الكباري لعبور الدبابات والانتهاء منها قبل آخر ضوء. لافتاً إلي أنه كلف ليلاً بمهاجمة مركز قيادة شارون في جبل القط ووجدت به مجلة عسكرية عبرية لكبار القادة الاسرائيليين تشبه مجلة الدفاع وبعض الخرائط والأسلحة. وفي أقل من 6 ساعات استطاعت فرق النسق الأول اقتحام قناة السويس علي جبهة عرضها 170 كم بقوة 80 ألف جندي من أعز أبناء مصر. لقد كان ذلك رائعاً لا يمكن أن ينسي. ولقد سجله التاريخ بكل فخر للعسكرية المصرية وللجندي المصري الذي شهد بكفاءته العدو قبل الصديق. قال اللواء موسي إن القوات توقفت علي الخط الذي استولت عليه حتي يوم 10 اكتوبر نظراً للخسائر الكبيرة التي تكبدتها اسرائيل في بداية المعركة. فقد اتصلت جولدا مائير رئيس وزراء اسرائيل بالرئيس الأمريكي يوم 8 اكتوبر وهي تصرخ انقذوا اسرائيل. وبدأ الإمداد الأمريكي بالدبابات والمعدات التي تم تدميرها عن طريق الجسر الجوي من أمريكا إلي مطار العريش إلي ميدان المعركة مباشرة. حيث تم أسر عدد من دبابات العدو يشير عداد المسافة بها إلي أنها قطعت 150 كم فقط. وهي المسافة من مطار العريش إلي ميدان المعركة. ولذلك فقد كان من الضروري لنا وقفة تعبوية لمدة أربعة أيام لأكثر من سبب. أولاً لضمان ثبات وتعزيز رءوس الكباري عن طريق استكمال أعمال التجهيز الهندسي لتوفير الوقاية للقوات. ثانياً لإتاحة الفرصة لانتقال عناصر ووحدات الدفاع الجوي إلي شرق القناة وإجراء التجهيز الهندسي الملائم لها لتوفير الحماية لقواتنا أثناء القتال. ثالثاً لضمان تحقيق الاتزان الاستراتيجي في المسرح بفضل وجود الأنساق الثانية للجيوش الميدانية واحتياطات القيادة العامة غرب القناة. رابعاً لإعادة تنظيم وتجميع القوات في رءوس الكباري. وقد استطاعت الصاعقة المصرية الاستيلاء علي المصاطب التي أعدها العدو لدباباته ثم اندفعت جماعات منهم إلي الشرق لإقامة الكمائن لاقتناص دبابات العدو التي تحاول الاقتراب من الساتر الترابي وفي عمق سيناء. وخاضوا قتالاً مستميتاً علي الطرق والمضايق ضد مدرعات العدو التي حاولت الاقتراب لإجهاض عملية العبور. حيث واجهوا دبابات العدو بأسلحتهم الخفيفة المضادة للدبابات. وألقوا بأنفسهم في طريق تقدم العدو وعلي ظهورهم الألغام المضادة للدبابات كي تنفجر فوق أجسادهم مدرعات العدو في شجاعة منقطعة النظير. يروي اللواء موسي أنه بعد عدة دقائق من بدء العبور وضع أكثر من 8 آلاف مقاتل مصري أقدامهم علي الضفة الشرقية واقتحموا النقط بالمواجهة ودمروا تحصيناتها وتم رصد وتدمير هجمات العدو المضادة. وقبل آخر ضوء ذلك اليوم عبرت عشرات من طائرات الهليكوبتر المصرية تحمل قوات الصاعقة صوب أهدافها المخصصة لها علي طول المواجهة لأعماق تصل إلي 30 و40 كم بدأت تنفيذ مهامها المحددة لتعطيل احتياطات العدو التعبوية من الوصول لأرض المعركة وقبل بزوغ نهار اليوم التالي كانت قواتنا قد عززت مواقعها شرق القناة بأعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة ونجحت قواتنا خلال السابع من اكتوبر في تعميق رءوس الكباري حتي 8 كم شرقاً. وتم تحرير مدينة القنطرة شرق. أوضح أنه تم تطوير الهجوم يوم 14 اكتوبر ظهراً من خلال سير أعمال القتال في المرحلة الأولي للعملية الهجومية الاستراتيجية وأن العدو يركز جهوده الرئيسية لإيقاف هجوم القوات السورية لما له من خطر كبير علي العمق الاسرائيلي بصورة مباشرة. لذا فقد دفعت اسرائيل بالجزء الأكبر من احتياطها تجاه الجبهة السورية ولإحباط مخطط العدو قررت القيادة المصرية إجبار العدو علي نقل جهوده صوب سيناء لتخفيف الضغط علي سوريا ولإجبار العدو علي المناورة. لذا تقرر التعجيل بقيام القوات المصرية بالضغط شرقاً علي العدو في سيناء. تلخصت فكرة عملية التطوير يوم 14 اكتوبر في دفع القوات علي المحاور الرئيسية الأربعة في سيناء وتعرضت خلال تقدمها إلي ستائر الصواريخ المضادة للدبابات التي وصلت حديثاً من الولاياتالمتحدةالأمريكية. لكن قواتنا تمكنت من التوغل لمسافة 12- 15 كم وأوقعت بالعدو خسائر كبيرة واحتلت بعض مواقعه. عبر عن اعتزازه بما حققته نتائج حرب اكتوبر علي المستوي المحلي والإقليمي والعالمي. فلقد كانت سبباً في ايجاد موقف عربي موحد لم يشهده العالم من قبل وعززت الوحدة الوطنية المصرية إلي درجة كبيرة وأعادت للشعب ثقته بالقوات المسلحة. كما قضت علي أسطورة جيش اسرائيل الذي لا يقهر وغيرت الاستراتيجية العسكرية في العالم كله حتي باتت القيادة العسكرية في الدول الكبري تعكف علي دراسة وتحليل حرب اكتوبر. كما أنها حركت أزمة الشرق الأوسط بدرجة لم تحدث من قبل. وجه اللواء موسي كلمة إلي أبناء القوات المسلحة قائلاً: أهنئ أبناء القوات المسلحة بهذه الذكري العطرة ولعل أعمال حرب اكتوبر والبطولات التي تحققت تكون نبراساً لنا في المستقبل. وكواحد من محاربي اكتوبر فقد شاهدت بطولات كثيرة. وما يحدث الآن من محاربة للإرهاب هو امتداد لبطولات اكتوبر دفاعاً عن هذا الشعب العظيم وهذه الأمة العظيمة التي لا توجد لها مثيل علي مر التاريخ.