"الحب يدخل إلي قلب الإنسان بشكل طبيعي أكثر من الكراهية".. هذا ما كتبه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما علي تويتر.. وأضاف في تغريدة حققت رقماً قياسياً عالمياً في الإعجاب والمتابعة: "الناس لابد أن يتعلموا الكراهية لكي يكرهوا.. واذا كانوا قادرين علي تعلم الكراهية فلابد أنهم قادرون علي تعلم الحب". حظيت هذه التغريدات بإعجاب شديد وتم تكرارها أكثر من مليون و200 ألف مرة وأكثر من 5.3 مليون علامة إعجاب. كانت التغريدة الأصلية التي كتبها بعد حادث دهس بسيارة ضد محتجين قوميين بيض في ولاية فرجينيا. حيث قال: "لا يولد أحد يكره شخصاً بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه". هذه الحالة من الإعجاب والاهتمام بتغريدة أوباما قد يكون وراءها شخص الرئيس الأمريكي السابق. خاصة أنه أخيراً عاد لحسابه الشخصي علي تويتر بعد غياب طويل.. وقد يكون بسبب الحادث الإرهابي وبشاعته التي هزت أمريكا. خاصة بعد أحداث العنف التي جاءت بعد الحادث. ولكن المؤكد أيضا أن هناك إحساساً عاماً بحاجة الناس إلي الحب هذه الأيام. الحب لا يحتاج إلي تعلم لأنه فطرة الإنسان التي فطر الله الناس عليها.. فالطفل يولد ولديه مشاعر رائعة مليئة بالحب نحو أمه.. يتجه ناحية قلبها مباشرة.. يلتمس الغذاء من صدرها ويشعر بالحنان في صدرها.. وعندما يكبر يتجه بمشاعر الحب نحو من هم حوله خاصة أسرته وأقاربه وجيرانه.. ولا يشعر بمشاعر الكره إلا إذا عاش تجربة كراهية أو تعلم الكراهية.. أما الحب فهو بالفطرة في داخله وعندما يصبح الطفل شاباً يبدأ بالإحساس الصادق نحو من يحب.. ويستشعر نوعية الغريزة العاطفية سواء ناحية نفس الجنس أو الجنس الآخر.. وهكذا.. وكذلك لا يتعلم الإنسان أن يحب وطنه أو دينه أو أهله لأنها كلها أشياء عاطفية بالفطرة لكنه يتعلم العكس. فعندما تحدث أمور عكسية في حياته بسبب لون بشرته مثلا يبدأ في حالة الكراهية التي يتعلمها تدريجياً سواء كراهية لون بشرته أو اللون الآخر الذي يجد بسببه الكراهية.. وهكذا فإننا بالفعل لا نتعلم الحب ولكننا نتعلم الكراهية.. فلماذا لا نستغل الحالة الفطرية للحب في حياتنا بصدق؟! الحب هو أسمي العلاقات الإنسانية في الحياة.. لذلك في الدين والمشاعر الدينية نجد أننا ندعو الله بأن يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب كل عمل يقربنا من حبه.. ومن الأدعية أيضا "اللهم ارزقنا عفوك وأرزقنا ودك وحبك وقربك ولذة النظر إلي وجهك الكريم".. ومن العواطف الإنسانية أن نحب الخير ونحب كل عمل صالح أو ما نراه نحن عملاً طيباً صالحاً.. وفي الفطرة حب الوطن وهو من حب الله لأن الله هو الذي اختار لنا أوطاننا التي ولدنا وعشنا فيها.. لذلك دمعت عينا سيد الخلق كلهم محمد صلي الله عليه وسلم وهو يهاجر إلي المدينة ويقول لمكة: "والله انك لأحب بلاد الله إليّ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت". حب الوطن حب فطري يتعمق داخلنا بصدق لأنه في الفطرة السليمة.. لذلك كانت دعاوي كل من يحاول الإساءة لوطنه أو بني وطنه أنه تعلم أشياء أهم في الوطن وهذه هي آفة أهل الاسلام السياسي الذين يرون أن الأهم من الأوطان أن تكون هناك خلافة إسلامية تعم البلاد الإسلامية وقد قالها يوماً أحد المرشدين للإخوان إنه لا يهمه أن يحكم مصر يوماً مسلماً من ماليزيا وتلك هي الآفة التي تعلموها بحكم عقيدة لجماعة أو فكر لتنظيم.. أما الفطرة التي خلقنا الله بها ولها فهي حب الله وحب دينه وحب الوطن وحب الأهل بداية من الأب والأم والاخوة وكل الأهل والأسرة والأصدقاء والأقارب وهكذا فالحب هو الفطرة. الحب الاختياري الذي ينشأ في القلب بإحساس صادق هو من التعلم أيضا ولكنه التعلم الذي يوافق الفطرة وليس تعلماً ضد الفطرة وهو تعلم الكراهية. عندما تحب شخصاً سواء من جنسك أو من غير جنسك فهذا الإحساس يجعل منك إنساناً حقيقياً لأن مشاعر الحب هي التي تجعلك حقيقة إنسانية رائعة. وأحياناً تجد نفسك تحب شيئاً أو شخصاً أو عملاً ولا تدري لماذا أو كيف تسلل هذا الحب إلي داخلك وما هي دوافعه؟!.. والعكس ليس صحيحاً تماماً.. فعندما تحب إنساناً لأول وهلة تقول: دخل قلبي ولا أدري كيف ولماذا؟!.. أما إذا كان العكس فإنك ستجد مبرراً أو أكثر لهذه الكراهية!! نعود إلي أوباما وتغريدته التي كانت سبباً في فتح هذا الموضوع لأن القضية تخصنا أيضا وهي قضية الإرهاب.. فالإرهاب الأسود هناك كان بسبب عنصرية اللون وهي آفة تعرض لها البشر.. فالعنصرية أياً كان شكلها أو لونها أو أسبابها هي آفة ضد كل معاني وأحاسيس الحب. العنصرية بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو لأي سبب آخر هي علامة من علامات الكراهية وآفة تقاتل أحاسيس الحب.. فالحب الزائد عن حده للنفس هو أنانية.. والأنانية الزائدة عن الحد تتحول إلي عنصرية.. وكلاهما الأنانية والعنصرية برغم أنهما زيادة في الحب إلا أنهما مدخل للكراهية.. أي كراهية الآخر وهي كالماء تطفئ النار.. أو بالأدق كالنار تأكل الأخضر واليابس. الحب هو أسمي معاني الإنسانية وأحاسيس البشر.. ولا نحتاج إلي تعلمه لكنه فقط يحتاج للنور.. لمن يضئ لنا حوله.. لمن يدلنا إذا تهنا.. فسنجدها مشاعر حقيقية صادقة بداخلنا.. تعالوا نسامح أنفسنا ونسامح الآخر.. ونبدأ صفحة جديدة مع ذواتنا نحيي فيها الحب ونؤمن بالحب وللحب نعيش.