إن الطريقة الأساسية التي نعرف بها العالم هي حواسنا. ولذلك فإن الحواس التي لدينا أساسية لفكرنا وفهمنا وتصورنا للعالم حولنا .. ورغم ما يشاع عن أن الأنسان لديه خمس حواس إلا أنه في الواقع يوجد ما لا يقل عن تسع وربما أكثر من ذلك بكثير. وهذا يتوقف علي مفهومنا عن الحس. ويحتوي عالم الحيوان وسائل للحس أكثر دقة من البشر حيث يري العالم بطرق ومشاهد مختلفة بقدر ما يمكنه من البقاء والنجاة من الموت.. لقد وجد العلماء نوعا من الحيوانات تنتمي إلي ذات الفئة التي ينتمي إليها البشر لا تعتمد في الرؤية علي أعينها بل إن جلود تلك الحيوانات تتحسس أي نبضة كهربية تخرج من أي حيوان يعيش معها في الماء فتهرب من أعدائها وتري فرائسها . ومثلما ابتكر الإنسان حديثا كاميرات تعمل بالإشعاع الحراري للكشف عن الضحايا تحت الأنقاض. تحتوي الثعابين تلك الكاميرات في رؤوسها لتكشف عن مواقع فرائسها وتراه وتتحسس طريقها وهي تحت الصخور وبداخل أنفاقها في جنح الظلام . ويؤكد العلماء أن تلك القدرات عند الثعابين لا يمكن أن تأتي بآليات التطور المزعومة. وعندما نترقب سلوك النحل نجد أن وصوله إلي خلاياه بعد يوم عمل شاق من الطيران مسألة حياة أو موت لذا . فهو لا يعتمد علي الرؤية البصرية فحسب والتي قد تخطيء بل يعتمد علي بوصلة مغناطيسية توجد في أحشائه يتحسس بها الطريق علي طريقة جهاز الجي بي إس الذي اخترعه الإنسان مؤخراً .. وليس غريباً أو مصادفة أن تجد ذات الآلية يتخذها نوع من الميكروبات في أعماق المحيطات المظلمة لتري طريقها وتحصل علي ما يحفظ لها حياتها. نحن نعلم جميعاً أن الإنسان يشعر من جميع أنحاء جسده بسبب احتواء الجلد علي مستقبلات للحس ولكن ماذا لو ارتدي الإنسان درعاً صلبة كما هو في العناكب فسوف يفقد هذه القدرة الحسية إلا أن العناكب يحتوي درعها الخارجية الصلبة علي شقوق مرنة وشعيرات دقيقة تجعله أيضا يشعر وبدقة أكثر من جلد الإنسان وتلك ضرورة للشعور بالفرائس .. إن المتأمل لآليات الحس والإدراك في تلك الكائنات يتبين له أن الحواس قد خلقت ولم تتطور بالمفهوم الشائع للتطور كما يشاع. بل إنها خلقت منذ الوهلة الأولي للكائن لكي تجعله قادراً علي البقاء حيث شاء له الخالق أن يكون .. إن قضية الفهم لفلسفة الوجود تكمن وراءها دعائم الإيمان . وصدق الله في قوله "إنما يخشي الله من عباده العلماء" لأنهم هم القادرون علي كشف ألغاز الخلق وبعض أحكامه . ذلك هو الله الذي له في خلقه شئون. أ.د. محمد عبد العزيز فؤاد أستاذ علوم الحياة بجامعة عين شمس [email protected]