يزداد السلوك العدواني بين الأطفال في المدارس وبين أفراد الأسرة حتي انه أصبح من الظواهر المعتادة خاصة بين الأطفال الذين يعيشون ظروفاً صعبة ويعانون غياب السلطة الأبوية لأسباب منها التفكك الأسري أو انشغال الوالدين الدائم وأيضاً عدم المساواة التي يتعرضون لها في المدارس لذلك قد يتعرض طفلك للتخويف أو السلوك العدواني من زملائه وقد يكون طفلك هو الذي يتصف بالسلوك العدواني. في البداية تؤكد الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس ان هناك دراسات تؤكد ان طفلاً من كل أربعة أطفال يعاني من التخويف والترهيب نتيجة ممارسة البلطجة عليه من زميل له مما يؤثر بدوره علي قدراته التعليمية وأدائه الدراسي ويفقده احترامه لنفسه فضلاً عن تأثير البلطجة علي الصحة العقلية لكن كيف يمكن للأم أن تكتشف الأمر حتي تحمي طفلها؟ تؤكد د. سامية ان البلطجة لها أسماء عديدة منها التنمر والعنف والتي تعني إيذاء متعمداً متكرراً من الأطفال أصحاب السلوك العدواني ضد الأطفال الآخرين المختلفين أو الضعفاء وممارسة كل أشكالها عليهم سواء كان إيذاء جسدياً مثل الضرب أو لفظياً مثل التنابز بالألقاب والإهانات المستمرة والسخرية أو نفسياً مثل الإقصاء المتعمد من الأنشطة أو التعنيف بسبب الاصابة بإعاقة ما أو الإيذاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تندرج تحت مسمي البلطجة الالكترونية والتي تتم عن طريق ارسال رسائل تهديد أو مسيئة من الموبايل أو من الإيميل أو نشر شائعات لتشويه صورة شخص ما علي الفيس بوك أو نشر صور لمواقف سلبية ومحرجة أو نشر كلام باسمه من حسابه المسروق. ويري الدكتور سيد صبحي أستاذ التربية وعلم النفس بجامعة عين شمس: ان هناك علامات توضح إن طفلك يتعرض للترهيب ومنها التشتيت وتقلب المزاج وعدم الرغبة في الذهاب إلي المدرسة وأيضاً دائماً يفضل العزلة والاكتئاب وحتي في العطلة الأسبوعية. أضاف: ان هناك بعض الأعراض الأخري غير المبررة مثل الصداع وألم في البطن أما علامات البلطجة الالكترونية فسوف تلاحظ الأم انه يقوم بفحص الهاتف أو الكمبيوتر اللوحي باستمرار بالإضافة إلي أعراض التوتر والقلق والتي قد تصل إلي محاولة إيذاء النفس لذلك في هذه الحالة لابد من عرضه أو استشارة الطبيب. يؤكد د. سيد ان علي الوالدين التأكد من ان المشكلة يمكن حلها وان الطفل ليس له ذنب والتكلم معه بهدوء حتي يشعر بالأمان وعدم الخوف.. وعدم مواجهة الطفل بأنه ذو سلوك عدواني وإذا كان هو الضحية لا يجب تشجيعه علي الانتقام!! يؤكد د. سيد علي ضرورة التحدث مع الأساتذة ومديرين المدارس علي الفور حيث انه لا يقتصر الدور التربوي علي الأسرة فقط بل يأتي دور المدرسة بنفس الأهمية فعلي المعلم في الفصول الدراسية شرح أضرار العنف وتأثيره وكذلك الاختلافات الاجتماعية بشكل عام وتجنب إلقاء اللوم علي الطفل المتنمر مع مراقبة وربط كل ما يحدث بين الأطفال خارج الفصول وما يحدث داخل الفصول. وتري د. هناء المرصفي أستاذ علم الاجتماع بكلية بنات جامعة عين شمس انه يجب التركيز علي مشاعر الطفل والمواقف الإيجابية التي يمارسها وعلي المدرسة أن تأخذ هذا الأمر علي محمل الجد وتشجع الأساتذة أيضاً علي مراعاة ذلك والذي سيؤثر بشكل إيجابي علي حب الطفل للتعلم ورغبته في حضور الصفوف الدراسية. أشارت إلي أن الأنشطة المدرسية من العوامل المهمة التي من خلالها يتجمع ويتقرب التلاميذ من بعضهم البعض ويتعرفون علي جميع زملائهم وليس بالأصدقاء المقربين لهم فقط مما ينتج عنه التفاهم بين الشخصيات المختلفة واكتساب مهارة القدرة علي معاملة الآخرين فيما بعد لذلك تجميع التلاميذ لتناول الغداء في النادي أو التواصل عبر ألعاب أو هوايات من الأنشطة المهمة التي تشجع المعلمين علي انتهاجها بشكل منتظم.. ويري الدكتور أمجد العجرودي أستاذ الطب النفسي ان الطفل يتجه نحو البلطجة أو التنمر نتيجة ثقافة عدم المساواة بالمحيطين به مما يجعله في حالة دفاعية مؤكداً علي دور المدرسة ويتمثل في التحدث مع الطفل لمعرفة ما الذي يجعله يتصرف بهذا السلوك العدواني وحثه علي تكوين علاقات صحية وتساهم المدرسة أيضاً في ذلك بشكل كبير في حل المشكلة من خلال اتباع برنامج بحث ويؤيد فكرة المساواة وعدم العنصرية والتميز مما يعني انه من الضروري أن يكون ضمن برنامج متكامل يساعد علي منع فكرة البلطجة بكل أشكالها ويترجم إلي أفعال يومية وأنشطة جماعية تمنع فكرة العصابات ومن ناحية أخري يتناول فكرة تشجيع الصداقة وعندما تتبع المدارس هذه الطريقة سيدرك الأساتذة والآباء المنافع الكبيرة التي ستفيد أبناءهم مما سيساعد علي تحسين الوضع العام وتحقيق أهداف كثيرة في المستقبل من خلال تفاعلات صحيحة وتعلمهم المزيد من زملائهم وثقافتهم المختلفة ودعم قدرتهم المستقبلية علي التعامل مع الفشل والنجاح وأيضاً اكتساب المهارات اللازمة للتعلم والنمو. ويري الدكتور أحمد جمال ماضي أبو العزايم أستاذ الطب النفسي ان الخطوة الأولي لحماية طفلك من البلطجة الالكترونية هو التحدث مع طفلك حول من هم الأشخاص الذين يتواصل معهم عبر الإنترنت ومعرفة وفهم كل المواقع مثل توفير انستجرام والفيسبوك التي يستخدمها ومساعدته علي منع أو الابلاغ عن أي شخص يدفعه لسلوك عدواني كذلك استخدام خصائص الحماية الموجودة في الإعدادات لكل موقع. مع السيدات تقول نادية التوني موظفة بإحدي شركات قطاع الأعمال: ان نجل ابنتها بالصف الخامس الابتدائي وهو دائم الحركة والشقاوة بشكل كبير ويعتدي علي اخوته الأكبر منه بصورة عنيفة علاوة علي بعض التنابز بالألفاظ التي يسمعها من قبل زملائه بالمدرسة.. مما اضطر ابنتها للذهاب به لأحد الأطباء النفسيين فنصحوها بالتكلم معه والحديث باستمرار حتي تصل إلي نتائج قوية وسلوك سوي. أما سهام عبدالمقصود ربة منزل فتقول: ان ابنها بالمرحلة الابتدائية وبالصف الثاني الابتدائي ونحن في منطقة الأميرية فهذه المنطقة بها أولاد يعرفون بالشقاوة والعنف مع أصدقائهم.. خاصة ان سرعة التعلم لهذا الخط العدواني لا ينفع معه النصيحة وانني دائماً أنصحه بل أضربه أيضاً لعدم ممارسة العنف مع زملائه ولكن لا حياة لمن تنادي!! تؤكد ليلي عبدالموجود موظفة بإحدي الجمعيات الأهلية علي ان المدرسة هي المؤسسة التي تفرغ مثل هؤلاء الأطفال لأن هناك بيئات مختلفة تجمع بينهم ومن الطبيعي أن ينتج عنها مثل هؤلاء الأطفال علاوة علي الثقافة الالكترونية وما يدور بداخلها وان الأطفال لديهم القدرة علي التعلم بسرعة. طالبت بعمل برامج ثقافية وترفيهية واجتماعية داخل المدارس تحث علي تنشيط الذهن من خلال إطار التعلم والتفكير في الإبداع بعيداً عن العنف وهذه تعتبر من أهم النقاط الرئيسية لتعليم أطفالنا.