الرشوة تهون.. ولكن ماذا! عن ذبح الحمير والكلاب؟!

من الواقع

يستطيع المصريون أن يتحملوا رشاوي ب 150 مليون جنيه استولي عليها جمال اللبان المسئول عن جميع التوريدات والمشتريات والتعاقدات بمجلس الدولة وعن تجهيز جميع مقرات المجلس بالمحافظات بدءاً من السجاد والأجهزة الكهربائية و التكييف وفرش المكاتب وحتي طباعة الأحكام.. كل هذه الأمور مجرد "رشوة" فاجرة تحلي بها اللبان وتركته يصول ويجول بحجة أن "المال السايب ملوش صاحب".
وسوف تأخذ الدولة حقها منه طبقاً للقانون.. وذلك ضمن قضايا الرشاوي التي وصلت إلي ذروتها في الأعوام الأخيرة من بينها قضية أحد الوزراء الذي ضبطته الرقابة الإدارية وصدر ضده حكم بالسجن.
أقول.. كل هذا يهون فالرشاوي مظهر من مظاهر الفساد في المجتمع تصيبه بالخلل وتعطل مسيرته لأنها كالسوس الذي ينتشر في خلاياه فيعطل مسيرته نحو التقدم والرخاء.
لكن الشيء الذي لا يقبله المصريون هو الغش في الطعام والنصب والاحتيال فيه الأمر الذي يؤثر علي صحتهم ويجعلهم عاجزين عن النهوض بمسئولياتهم مع كثرة الأمراض الأخري المتوطنة كالأورام والفشل الكبدي والكلوي والسكر والقلب وغيرها!!
وقد سبق أن كتبنا في هذه الزاوية مقالات متعددة عن ظاهرة ذبح لحوم الحمير وبيعها للجزارين علي أنها لحوم بقرية بأسعار رخيصة لا تقارن باللحم البقري.. في ظل ارتفاع أسعارها بحيث لا يستطيع أصحاب الدخول المتوسطة شراءها حتي وصل سعر الكيلو منها إلي 120 جنيهاً.. فماذا تفعل الأسرة التي يبلغ دخلها 3000 جنيه شهرياً بعد أن ارتفعت أسعار السلع بشكل جنوني.. وما بالك بالأسرة التي يقل دخلها عن هذا المبلغ.. ووزارة التموين تعلن بكل صراحة أن الأسرة التي يبلغ دخلها 3500 جنيه شهرياً ستحرم من الدعم الشهري الذي تقدمه في بطاقة التموين.
كتبت أكثر من مرة عن ظاهرة ذبح لحوم الحمير وقلت في مقال حمل عنوانه "هي لحوم الحمير ما بتخلصش"؟! بعد أن كثر ذبح هذا الحيوان ولم تأخذ الحكومة إجراءات رداعة ضد الفاسدين الذين يتاجرون في صحتنا!!
نيابة العمرانية برئاسة المستشار محمد أبوزينة كشفت في واقعة ضبط عاطل وبحوزته كميات كبيرة من لحوم الحمير كان قد شرع في توزيعها علي المحال التجارية وأنه من خلال فحص اللحوم المضبوطة عن طريق خبراء الطب البيطري لوحظ أنها تميل إلي اللون الأحمر الداكن ولا تحتوي علي نسبة الدهون الموجودة باللحوم الحيوانية الطبيعية.. فضلاً عن بروز أليافها وظهور شعيرات علي أجزائها. وانبعاث رائحة كريهة منها. وبتحليل أجزاء منها تأكد لدي خبراء الطب البيطري أن اللحوم المضبوطة لحوم حمير!!
ووفقاً لتحريات مباحث التموين فإن المتهم نقل تلك اللحوم الفاسدة من مدينة الشروق إلي منطقة الكونيسة بحي العمرانية بعدما تم تجهيزها للتوزيع علي المحال التجارية والمطاعم بمنطقة الجيزة.. وكشف مفتشو الطب البيطري أن اللحوم المضبوطة غير صالحة للاستهلاك الآدمي.. وقد صدر قرار بإعدامها.
وقالت مصادر أمنية إن المتهم أعد اللحوم لاستخدامها في صناعة منتجات اللحوم المختلفة.. من لحم "مفروم" يستخدم في صناعة "الحواوشي" والسجق والسوسيس والهامبورجر وذلك لعدم قدرة المواطنين علي تمييز اللحوم المستخدمة في صناعة تلك المنتجات.
وقال المصدر في تصريحات ل "اليوم السابع" إن المتهم شرع في توزيع تلك المنتجات علي بعض المجال التجارية وعربات الباعة الجائلين في محافظة الجيزة. وإن الأجهزة الأمنية تعمل بالتنسيق مع مباحث التموين بالجيزة ومديرية الطب البيطري للقيام بحملة مكبرة للتفتيش علي المحال التجارية التي تعمل في مجال اللحوم للتأكد من سلامة المنتجات.
وكشفت الإدارة العامة لشرطة التموين بإشراف اللواء حسني زكي كواليس ضبط جزار الحمير بالجيزة حيث تبين أن تاجر الحيوانات وجد لديه 3 أطنان من لحم الحمير و200 من أرجل حيوانات الحمير و50 جلداً مسلوخاً للحمير.. و50 رأس حمير من مخلفات الذبح و7 حمير معدة للذبح وحمار نافق!!
وأوضحت شرطة التموين أنه تم ضبط 12 كلباً بحوزة المتهم وزواحف "ثعبان وخنافس" وحصان وماعز جبلي.. واتخذ المتهم من قطعة أرض فضاء كحظيرة حيوانات بقسم شرطة الشروق لتضليل الجهات الرقابية عن مكان نشاطه تمهيداً لطرحها للبيع والتداول بالأسواق.
كم مرة تم ضبط لحوم حمير قام الجزارون بذبحها في بعض المحافظات خاصة في البحيرة وكفر الشيخ.. ولم نسمع رغم تعداد هذه الحالات عن حكم صدر ضد هؤلاء المجرمين وكأن صحة المواطن المصري لا يهتم بها أي أحد من المسئولين وتركوا جزاري الحمير يفعلون ما يشاءون دون حسيب أو رقيب!!
المهم فيما نشر أن الدولة أذاعت اسم المرتشي جمال اللبان الذي وجد في بيته 150 مليون جنيه تقاضاها كرشوة ولم تذكر اسم جزار الحمير واكتفت بأنه "المتهم" حفاظاً علي سمعته!!
إلي متي نعيش في هذا العبث الذي يضر بصحة المصريين ولا يبالي بهم أحد من المسئولين.. وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد.