مطالبون بالتفاؤل في العام الجديد رغم ما يمر به عالمنا العربي من أزمة هي الأسوأ في تاريخه.. لكننا مدعوون للمصارحة والاعتراف بأننا أمة في خطر. أمة تتكالب عليها الأمم كما تتكالب الأكلة إلي قصعتها. وتتهددها صراعات عاتية وأزمات اقتصادية تنذر بأيام صعبة. ويجري الزج بها إلي حروب أريد لها أن تشتعل علي أرضية طائفية لاستنزافها وتفكيكها تمهيدا لتقسيمها إلي دويلات متناحرة تسهل السيطرة عليها واستلاب خيراتها. للتفاؤل أسبابه وأصداؤه التي تتردد في مؤشرات عديدة. أهمها الاستقرار السياسي والأمني الملموس في مصر. واكتمال مؤسساتها الدستورية بالتئام مجلس النواب. وتحسن تصنيفها الانتمائي. وانخفاض حجم دينها الخارجي وبقاؤه عند حدود امنة "15% من الناتج المحلي" وتقدمها ثلاثة مراكز في مؤشر التنافسية العالمية لعام 2015 وبلوغها المرتبة 116 بدلا من 119. وانطلاق المشروعات القومية وتراجع البطالة إلي 8.12% عام 2015 مقارنة ب 1.13% 2014 والتضخم 3.9% مقارنة ب 9.10% ونمو الحصيلة الضريبية بنحو 25%.. هذا التفاؤل مشروط بألا ينسينا حقائق الواقع وشواهده المثيرة للقلق.. فثمة توقعات بتباطؤ نمو التجارة العالمية "الأمر الذي سيؤثر بالضرورة علي عوائد قناة السويس" واستمرار هبوط أسعار المواد الخام وما يخلقه ذلك من مشاكل جمة للاقتصادات التي تعتمد عليها بشكل أساسي. ناهيك عن احتمالات رفع سعر الفائدة في أمريكا والتباطؤ الاقتصادي في الصين. ما يعانيه القطاع المالي في عدد من البلدان من ضعف يرفع وتيرة المخاطر المالية في الأسواق الناشئة.. وتلك عناصر تشير إلي أن النمو العالمي سيكون متفاوتاً مخيباً للآمال في العام الجديد. شبح الأزمة يهدد الجميع بما فيها الدول العربية النفطية. حتي أن ميزانية السعودية مثلنا تخللها عجز بمقدار 89 مليار دولار» فاضطرت لزيادة أسعار الطاقة والمياه وإعادة هيكلة الاقتصاد. ورفعت الكويت هي الأخري أسعار المحروقات بنسبة 60% الأمر الذي سيؤثر حتماً علي العمالة الوافدة "وبينها قطعاً عمالة مصرية" وتحويلاتها المالية ومساعداتها المالية التي تقدمها للدول الأخري ومن بينها مصر. فماذا نتوقع للاقتصاد المصري في ظل تراجع ايرادات عدد من القطاعات المحورية. مثل السياحة والصناعات التحويلية والزراعة والنفط. وتحويلات المصريين بالخارج. وعجز موازنة يتجاوز 275 مليار جنيه "10% من الناتج المحلي الاجمالي" وديون داخلية تبلغ 3.2116 مليار جنيه منتصف 2015 وكيف ستسدد الحكومة قيمة واردات السلع الأساسية وهل يكفي الاحتياطي الأجنبي البالغ 4.16 مليار دولار لمواجهة التزاماتها الدولية وهل تكفي مخصصات الانفاق الرأسمالي التي لا تزيد علي 22 مليار دولار في العام الحالي لمواجهة تطوير البنية التحتية ومرافق الكهرباء والمياه والاتصالات والنقل والاسكان والتعليم والرعاية الصحية فهل ستضطر لخفض مخصصات الدعم السلعي ودعم الوقود وترشيد التشغيل في الحكومة والقطاع العام لتجاوز نسبة العجز في الموازنة.. وهل يمكنها الإقدام علي مثل تلك الخطوات دون توافق مجتمعي؟! في انتظار البرلمان والحكومة مهام صعبة تحتاج لادارة الاقتصاد ولو لفترة محددة كاقتصاد حرب وترشيد النفقات العامة وخفض الواردات السلعية التي تكلفنا 65 مليار دولار بنسبة 10% وهو ما يمكنه توفير نصف عجز .ميزان الحساب الجاري وتحقيق المعايير الصحية في الانتاج الزراعي لزيادة الصادرات خصوصاً للسوق الروسية بعد توقفها عن الاستيراد من تركيا وتنشيط الايرادات العامة وتطوير النظام الضريبي برفع معدل الضريبة علي الشريحة العليا للدخل لمستويات عالمية "35% في تركيا. 37% تايلاند. 43% أمريكا. 45% الصين. 50% الدانمارك. 62% السويد" وهي بلدان جاذبة للاستثمار والتوسع في التصنيع كرافعة للتنمية الاقتصادية ودمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي فهل نتحرك؟