وجه سامح شكري وزير الخارجية خطابا مفتوحا إلي الشعب المكسيكي في تحرك إيجابي لتجاوز توابع الحادث الذي تعرض له عدد من السائحين المكسيكيين في منطقة الواحات البحرية.. قالت وزارة الخارجية في بيان لها الليلة الماضية انه تم نشر الخطاب في كبري الصحف المكسيكية باللغتين الانجليزية والإسبانية. وجاء عنوان الخطاب "خطاب مفتوح من مصر إلي الشعب المكسيكي" والنص كما يلي: اكتب هذه الرسالة إلي الشعب المكسيكي للإعراب عن عميق تعاطفي وتعازي الحارة لفقدان أرواح مواطنين مكسيكيين أبرياء وكذلك إصابة بعض السائحين الآخرين علي الأراضي المصرية يوم 13 سبتمبر .2015 أدرك جيدا انه ليس هناك ما يقال لتعزية الأهل والأصدقاء ممن فقدوا أحباءهم. كما أن الحزن الناجم عن فقدان ابنة أو ابن. أخ أو أخت. قريب أو صديق بهذا الشكل المفاجئ لهو أمر يصعب تخيله. ولكننا ربما نكون هنا في مصر الأقرب لفهم هذا الحزن العميق حيث كنا من بين أكثر الشعوب التي مرت بمثل هذه الآلام التي لا تنسي.. ففي خلال العقود المنصرمة وتحديدا خلال السنوات الأخيرة خسرنا الكثير من الأرواح البريئة علي يد الإرهاب الغاشم حيث فقدنا المئات بل والآلاف من رجال الأمن الذين تصدوا لهذا الخطر الداهم حيث يخاطرون بحياتهم وأحيانا ما يدفعونها ثمنا لحماية المدنيين والحفاظ علي ممتلكاتهم ولتفكيك العبوات الناسفة والقبض علي الإرهابيين والمجرمين ومحاربتهم. إن هؤلاء الرجال الذين وضعوا حياتهم علي أكفهم من أجل حماية مجتمعنا لهم الأكثر حرصا علي حماية حياة الآخرين. ان مصر الآن في مرحلة التحقيق لكشف ملابسات ما حدث في هذا اليوم الحزين كما أن السلطات المصرية ملتزمة بشكل لا ريب فيه بالإفصاح عن التفاصيل الدقيقة لهذه المأساة حيث مازال تسلسل الأحداث محيرا وغير واضح فقد وردت روايات وتقارير متضاربة حول ما إذا كان الفوج السياحي يحمل التصاريح اللازمة وما إذا كان قد اتخذ مسارا مختصرا قاده نحو منطقة محظور التواجد بها وما إذا كان استخدام سيارات الدفع الرباعي بدلا من حافلة سياحية قد زاد من خطر التحديد الخاطئ لهوية الركب. ان المعلومات الواردة تفيد أن هناك عملية كانت تجري ضد إرهابيين في تلك المنطقة وقت مرور الفوج السياحي ونحن لا نعلم بالضبط ما إذا كان الركب قد تواجد في المكان الخاطئ في التوقيت الخاطئ أم أن هناك خطأ ما قد وقع ولكنني اطمئن الشعب المكسيكي بأن تحقيقا محايدا يجري الآن تحت إشراف رئيس الوزراء المصري بنفسه كما أن مصر علي أتم استعداد للإتيان بكل ما من شأنه المساعدة في هذا الأمر بما في ذلك الإسراع في عملية نقل جثامين المتوفين إلي المكسيك وتقديم العلاج اللازم للمصابين. انه ليثير أسفي أن يستغل البعض هذا الحادث ليزعم ان مسئولي الأمن المصريين ليست لديهم قواعد صارمة للاشتباك وأنهم يتصرفون بشكل عشوائي ولا يتخذون الاحتياطات اللازمة خلال العمليات التي يقومون بتنفيذها بل وألمح البعض أن الأرواح التي فقدت علي يد مسئولي الأمن المصريين تفوق عدد من قتلوا علي يد الإرهابيين ولا يمكن القول سوي أن هذا الزعم يخالف الحقيقة ولا يمت للواقع بصلة. ان هؤلاء يتناسون ان الإرهاب في مصر استهدف السائحين بأبشع الطرق كما يتجاهلون ان السيطرة علي هذا الخطر لكي تكون مصر أكثر أمنا للمواطنين والزائرين قد كلفها دماء الكثير من أبنائها وبناتها وانه ليجافي المنطق أن يظن أحد أن مسئولي الأمن المصريين يمكن أن يتعمدوا إيذاء السائحين الأبرياء. وللدلالة علي ذلك نشير إلي أن رفاهية مصر وحياة الكثير من مواطنيها تعتمد بشكل كبير علي قطاع السياحة وهو القطاع الذي كان يعمل به ذات يوم 12% من القوة العاملة المصرية وكان يساهم بأكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي. وانني أؤكد لكم أن مسئولي الأمن المصريين يعملون في ظل ميثاق قانوني وأخلاقي شديد الصرامة لتفادي أي خسائر في الأرواح من المدنيين وهو ليس إلا انعكاس لسمات الرحمة والإنسانية عندنا فليس لدينا ما نكسبه مما حدث يوم 13 سبتمبر ولكننا بلا شك قد فقدنا الكثير من وراء هذه الأحداث. ان المكسيك مثل مصر قد عانت كثيرا من العنف واسع النطاق وإن كان بدوافع مختلفة فقد أسفرت الحرب بين عصابات المخدرات في المكسيك عن مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء وكان من بينهم الكثير من رجال الأمن كما نفذت عصابات الجريمة المنظمة العديد من عمليات الاغتيال لشخصيات سياسية ومسئولين حكوميين وإن دل هذا علي شيء فهو ان مصر والمكسيك يواجهات نفس التحديات فنحن جميعا في قارب واحد في مواجهة موجة عاتية ونأمل أن يدفعنا هذا لنتحلي بالتقدير المتبادل والتعاطف والمؤازرة والصداقة التي طالما جمعت بين حكومتينا وشعبينا وهو ما نحتاج إليه أكثر من أي وقت مضي. ان صلواتي ودعواتي وكل الشعب المصري والحكومة المصرية مع شعب المكسيك وأسر الضحايا في هذا الحادث المؤسف من المكسيكيين والمصريين اننا نشارككم الألم والحزن وندعو الله العلي القدير أن يلهمنا جميعا الحكمة والصبر لتحمل هذا الفقدان الذي لا يعوض.