عاهدت نفسي كلما استجد شئ جميل في حياتي أو تغلبت علي مشكلة ظلت جاثمة فوق صدري لفترات طويلة ان اكتب إلي نافذتكم التي كان لها دور كبير في التنفيس عن همومي الخاصة وفي استعادتي القدرة علي التكيف مع البعض منها وحسم البعض الآخر فأنا صاحب رسالة "جراحي مع أبي" والتي اتبعتها برسالة جديدة اخترتم لها عنوان شفيتُ من أبي تلك التي حدثتكم فيها عن اولئك الذين بعثهم الله لي لينشلوني من دوامة اجترار الالام والذكريات المحبطة مع أبي الراحل رحمه الله فأرسل لي صديقي المتدين وجاري المسيحي الأكبر سناً لأسدائي النصح في التماس مئات الاعذار لابي ان كان يوماً قد بالغ في قسوته علي فلم يستوعبني بالشكل المطلوب في حياته فأصابني من الجراح الغائرة ما كانت بحاجة پلاعطائها مزيداً من العلاج والوقت حتي تهدأ وتلتئم فالتفت حولي صحبة الخير من الأهل والاقارب.. فلم پيتركني خالي أو خالتي وحاولا تلطيف الاجواء بيني وبين شقيقتي الكبيرتين اللتين كانتا بتصرفاتهما ربما لفارق السن وميلهما لفرض الرأي سبباً في تعميق الفجوة بيني وبين والدي الراحل. اعود لاقول : لقد تمكنت من خلال ترددي علي المسجد وانتظامي في الصلاة إلي الاستماع لكثير من خطب الائمة ما جعلني كما ذكرت في رسالتي السابقة افيقُ پمن كابوس الاحزان والحساسية المفرطة التي كانت تدفعني لاعطاء الامور أكبر من حجمها.. اليوم ازف الكي وللقراء الذين تابعوا قصتي من هذا المكان بأنني تصالحت مع شقيقتي الكبري أثناء زيارتي لها للسؤال عن اولادها والفضل في ذلك لله أولاً ثم لخالي وخالتي وأصدقائي .. ايضاً مددت يدي بالصلح لشقيقتي الوسطي التي تتسم بالتهور قي علاقتها معي وسوء التقدير ولا انكر انها رحبت بالخطوة وان كان علي مضض حتي لا تظهر أمام الاقارب في موقف المقاطعة مني والخصام واتمني من الله ان تخيب رجائي و تثبت لي عكس ذلك بأنها بالفعل الاخت المتمهلة وليست المتعجلة المندفعة. نعم استطيع الآن ان ازف اليك البشري بأنني تصالحت مع الماضي كله فأبي أصبحت ادعو له بالمغفرة والرحمات عسي ان اجد كما تعلمت من أحد خطباء الجمعة حينما اصير إلي ما صار إليه من يترفق بي ويترحم علي مثلما طويت صفحة الجفاء والخصام التي بيني وبين شقيقتي اللتين اخذتا تسألان عن احوالي ويدعواني لزيارتهما.. الآن فقط عدت لمكاني الحقيقي بينهما ليس كأخ فقط إنما كخال للابناء .. فحمداً لله علي انه عفاني من جراح ظننت في يوم انها لن تشفي لكن دائما وابداً لابد وان تمضي بنا الحياة. أ ح المحلة الكبري المحررة : في البداية أشكرك علي حرصك علي موافاتنا بكل ما يستجد في حياتك من مبشرات ونجاحات تبث الامل في قلوب اليائسين بأنه مهما سيطرت علينا مشاعر الحزن والغضب والضيق فلابد يوماً ان تغادرنا ويحل محلها الفرح والصفح والتسامح وما كان لك ان تتصالح مع الماضي بكل جراحه لولا انك عقدت النية علي تغيير نفسك والاصلاح منها فالله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ولانك كنت تملك ارادة حقيقية علي الخروج مما انت فيه من ذكريات محبطة مع ابيك وعلاقات فاترة مع شقيقتيك فقد ارسل الله اليك بمن اعانوك علي التعافي من كل ذلك ولو بشكل تدريجي لتجد الأيدي ممدودة لك ويكفيك فخراً انك اخذت الخطوة تلو الخطوة من أجل إنهاء حالة القطيعة بينك وبين شقيقتيك فلم يعد في رقبتك دين لاحد فكما انك شفيت من جراح ابيك ونزلت منزلة الابن الصالح الذي يدعو لابيه.. سعيت إلي وصل الارحام المقطوعة فكان الصلح مع شقيقتك الكبيرة والشقيقة الوسطي وان كان من نصيحة لك فاعلم ان الناس ليسوا نوعاً واحداً بل الوان شتي.. ولكل انسان شفرته الخاصة فابحث عن مفتاح شخصية شقيقتك التي وصفتها بالمتهورة فكلما اشعرتها بقيمتها واظهرت الاهتمام بها استطعت خلخلة نظرتها السلبية عنك فحاول معها من جديد ولا تيأس فمن المؤكد انها لن تظل كثيراً تتظاهر برضاها عنك بل ستأتي المواقف التي تطمئنك بأنها قد تصالحت مثلك مع الماضي.