لا أحد يستطيع التقليل من قيمة فن السينما وأهميتها كرافد ثقافي هام يحظي بالجمهور الأكبر.. والسينما المصرية التي يتناقش حولها أهلها ونقادها الآن علي اعتبار انها في أزمة يمكن القول ان هذه الأزمة ليست جديدة.. فحكاية أزمة السينما هذه نسمعها ونكتب عنها منذ عقود طويلة وكل مرحلة في هذه السينما تعيسة الحظ لها أزمة من نوع معين. نعرف جيداً ان صناعة السينما كانت في وقت من الأوقات صناعة وطنية وتساهم في الناتج القومي لبلدنا المحروسة.. كان واقعاً جيداً وانتهي ومضي ولن يعود فالسينما الآن تدار بواسطة منتجين تجار يدفعون مليونا ليحققوا ربح 2 مليون.. لسنا ضد الربح ولكن ضد ان يكون هذا الربح علي حساب المحتوي والقيمة.. فقد واصل كبار المنتجين المحتكرين تحقيق أرباحهم بأفلام "مرمغوا بيها السوق" بلا قيمة وبلا محتوي من عينة أفلام الليمبي وهنيدي وتوابعها وهم يتحدثون الآن بكل ثقة علي اعتبار أنهم يقدمون صناعة بل ان ما أضحكني ان بعضهم قال بثقة ان السينما صناعة وطنية وهامة ويجب انقاذها ولن يحدث ذلك الا اذا ساهم الشعب المصري في حل هذه الأزمة بل ان البعض اقترح ان يخصص صندوقا لدعم الصناعة الوطنية "بكل ما تحويه من سخف" يتلقي تبرعات الجمهور والشعب المصري الذي يقدر قيمة السينما. أفهم ان الشعب المصري العظيم الذي تحمل المآسي علي مدي ثلاثة عقود أو أكثر قد تبرع مشكورا لسداد ديون مصر ولكنها ديون لا تنتهي وأفهم انه سيقدم للتبرع لمشروع الدكتور زويل ولمشروع العشوائيات ولمرضي السرطان ولغيرها وغيرها وغيرها.. فبأي وجه الآن يتبرع للسينما.. هل يتبرع لمحتكرين أفسدوها ونهبوا مكاسبها أم لمستثمرين يبيعون الهواء.. بصراحة كفاية استهبال.. الشعب مش ناقص. اذا أردتم اقامة صناعة محترمة جيدة فعليكم بالبنوك اقترضوا منها واصنعوا أفلاما جيدة تستحق وسددوا من مكاسبكم.. كل العالم يفعل ذلك ولم نسمع ان بلدا في العالم طلب تبرعات للسينما. رؤوس الأموال التي تتحرك في هذا القطاع لا تتعدي ال 600 مليون جنيه وهذا رقم مضحك في صناعة هزيلة وأفلام رديئة.. علي المنتجين أو اتحادهم أو غرفتهم تصحيح أنفسهم وحل مشاكلهم وخاصة انهم يدركون ان أفلامهم الهزلية ومكاسبهم الخرافية ذهبت دون رجعة فهناك روح جديدة بعد الثورة ولن يحتاج أحد إلي مخدر سينمائي ليرضي وينسي.. وأعتقد ان تصدير هذه المشاكل الناتجة عن اعوجاج مضي إلي الدولة والاستنجاد بها لحل مشاكل السينما لن يجدي نفعا.. فالدولة غارقة في مشاكل أكثر إلحاحاً وتعقيدا وان دعمت فإنها لن تدعم أفلاما تجارية غائبة عن الوعي والذوق ولكن ستدعم الصغار وليس الحيتان.