لم أقرأ في رثاء الراحل محمد الفيتوري ما يناسب هذا الدرويش!! هذا "جمل" انشغل بما ادعاه: إن جملا حمل جدة الفيتوري المحظوظة من كردفان إلي الإسكندرية ليشتريها جمل طليق ويتزوجها! وذاك كاتب في صحيفة قومية كبري.. حملته في أحشائها صحيفة قومية أخري هي الجمهورية. ذكر بداية رحلة الشاعر الراحل مع كامل الشناوي ومحمد حسنين هيكل في الأخبار.. وآخر ساعة.. وهذا صحيح ولكنه تناسي احتضان "الجمهورية" للفيتوري والتي عمل بها مصححاً وكاتباً. وأديبا! كما عمل بها صاحبنا مصححاً وصحفياً وليس أديبا!! وآخر لم يبق في ذهنه عن الفيتوري سوي سيف "الجلاب" مما جعل الفيتوري حسب رأيه "عريانا يرقص في الشمس" وهذا بالمناسبة عنوان أحد دواوين الراحل الكبير. الفيتوري درويش في حبه لمصر ولقوميته العربية والدرويش يتغزل في محبوبته ويذوب يموت عشقاً! ولقد ظل الراحل يفخر بهذا اللقب لقب الدرويش! شحبت روحي.. صارت شفقا.. شقت غيما وسنا كالدرويش المتعلق في قدم مولاه أنا أتمرغ في شجني.. أتوهج في بدني غيري أعمي.. مهما أصفي لن يبصرني!! فأنا جسد حجر.. شيء.. عبر الشارع! حريق في الزمن الضائع! قنديل زيتي مبهوت! في أقصي بيت في بيروت! في حضرة لن أهون.. عبثت بي الأشوان حدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق وزحفت بردياتي وطبول في الآفاق عشقي وفنائي استغراق مملوك.. لكني سلطان العشاق! هذا هو الدرويش العاشق سلطان العشاق حين يعود لمصر بعد غياب وفي قصيدته المنشورة في ديوان يأتي العاشقون إليك وعنوانها : "إنها مصر.. إنها مصر لا ترجف عيناك.. ها هي ذي الأرض التي تمتد في خارطة الدنيا. هذا هو نيلك الإلهي اليدين.. أعمدة التاريخ والأهرامات سقف الكون! والأزهر في جلبابه الصافي وقبة الحسين. بستان أيامك.. في أيامك الأولي.. انتفاضات جناح الطائر المسجون لم تأت ولم تذهب بعيدا!! احملوا يا أيها الآتون.. ألواح البدايات! وكونوا بذرة الفجر الذي ينمو جنينا في حشاها إنها مصر.. إنها مصر. سلام لارتعاشات الأيادي والمناجل لحائط الصفصاف والكافور والحور وأمواج المشاعل لبحة الناي .. وإيقاع الجداول!