لم أتخل عن نصيحتك لي بأن ألزم بابه سائلاً المولي عز وجل النجاة من كل كرب.. ولعلك تتذكريني فأنا صاحب "سواح" الذي عايش أصدقاء نافذتك أوجاعه علي حد تعبير أحدهم وكيف أنني دفعت ثمن اختيار والدي لي حين زوجاني من امرأة تتفنن في اختلاق المشكلات غير مبالية بما صار بيننا من أبناء يتطلعون للقدوة والمثل؟!. وأنا أيضا صاحب "سر المتمردة" التي حدثتك فيها بأمر تلك المكالمة التي وصلتني وكشفت عن الأسباب المخجلة وراء إصرار "أم أولادي" علي تطفيشي من البيت "!!!".. واليوم فلتسمحي بأن أزف إليك ولكل من تعاطف مع حكايتي هذه الطائفة من الأخبار السارة.. التي ما كان أن تتحقق في حياتي لولا انتظامي في الصلاة والتقرب من الله ليجعل من بعد الضيق فرجاً.. في الحقيقة لا أدري من أين أبدأ وكيف أصف لكم حالتي وأنا استقبل الحكم الصادر ضدي بإلزامي بسداد قائمة منقولات لصالح أم أولادي بمبلغ 45 ألف جنيه وإلا فمصيري السجن؟! يومها أظلمت الدنيا في وجهي وأخذت أبكي متضرعاً إلي الله أن يكتب لي السلامة والنجاة من هذا المصير.. هنا جاءني ابن بلدتي الشاب المهذب والذي استضافني في مسكنه الصغير بالعاصمة عندما استحال العيش مع أم أولادي وتركت لها البيت.. جاءني يعرض إقراضي المبلغ المطلوب والذي يدخره للزواج فاعتذرت له ويكفيه استضافته لي علي مدي شهور طويلة ودون مقابل!! لم تمض أيام حتي كان الفرج يدق بابي لقد ذهب مالك العقار والسكان ليدلوا بشهادتهم أمام المحكمة بأن أم أولادي هي التي استولت علي "العفش" عند مغادرتها شقة الزوجية علي إثر الفضيحة الأخلاقية التي خرجت بها بعد ما تبين أن كل محاولات تطفيشي من حياتها.. ما كانت إلا من أجل أن يخلو الطريق لها أثناء غيبتي مع أحد الجيران!! أما ثاني البشريات التي أود أن أحدثك عنها هي عثوري علي الفتاة المناسبة والتي قبلت بخطبتي لها رغم كل ما علمت به عن ظروفي وكيف أنها عند الزواج ستقيم في بيتنا الريفي مع أبي المسن وشقيقتي المريضة وقبل كل هذا موافقتها علي تحمل مسئولياتها تجاه أولادي الثلاثة الصغار والذي من المنتظر أن تقضي المحكمة بضمهم إليّ في أكتوبر المقبل!! وبالفعل لقد قمت بتجديد بيت العيلة في قريتنا الصغيرة.. ولأن في قضاء الله دائما رحمة كان من "لطفه" بي أنه أعادني للجو الأسري الدافئ الذي فشلت في تحقيقه لأولادي بسبب تصرفات أمهم.. فنتيجة لظروف مرض والدي ذي الثمانين عاما وسقوطه في دوامة الأورام.. والعلاج بالكيماوي صار في حاجة ماسة لرعايتي له بصفتي ولده الوحيد الآن بعد رحيل أخي الأصغر بأزمة مفاجئة!! لقد فزت بدعاء أبي الدائم لي وهو يسأل الله أن يكتب لي السلامة.. هذا الدعاء الموصول الذي أراه بمثابة نسائم رحمة تمنحني من الهدوء والسكينة ما يجعلني أقبل علي الحياة بشكل مختلف يملؤني اليقين بأن الغد أفضل وأن غياب أولادي عني لن يطول لنودع معاً أيام العذاب والشقاء حين تقضي المحكمة بإبراء ذمتي من تلك السيدة التي لم تحفظ عهدا ولم تصونني.. وليبقي في النهاية نصيحتي لكل مهموم ومكروب: إحفظ الله واذكره تجده بجانبك.. العائد إلي الحياة: م.ع.ع القاهرة المحررة: واصلت الدعاء والتضرع إلي الله فلم يردك خائباً وبعث لك بمن تقبل الزواج منك وترضي بالإقامة مع أبيك المريض والمسن ومع شقيقتك صاحبة الظروف الخاصة وقبل كل ذلك موافقتها علي رعاية أولادك الصغار حين عودتهم إليك. وما كان ليردك الله خائباً وأنت تسعي للنجاة بفلذات أكبادك من الهواء المسموم الذي يكاد يفتك بهم من جراء أفعال أمهم.. ما كان ليدفع كل هذا الضر وأنت مستمسك بوصية "لقمان" عليه السلام لابنه:"يابني اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة".. وها قد منحك من المدد سبحانه ما أعانك علي تصويب مسار حياتك من غير حول منك ولا قوة ففتح أمامك وهذا لمن لم يتابع قصتك معنا من البداية باب رزق جديد ليعينك علي سداد قيمة القروض التي أغرقتك فيها أم أولادك وأهلها لتعبر بهم أزمات حتي بات معظم راتبك من عملك الأساسي بإحدي المطابع يذهب علي أقساط البنوك.. مثلما وضع في طريقك سبحانه الأخ الإنسان الذي ظهر في حياتك في اللحظة المناسبة ليشد من أزرك ويؤويك بعدما خرجت من بيتك منكسراً حزيناً. ويبقي الدرس من قصتك أيها العائد للحياة بأن ليس كل ما يمر بنا في هذه الدنيا من محن وإبتلاءات هو شر لنا بل فيها كل الخيرات مصداقاً لقوله تعالي:"وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون".. من الآية 216- سورة البقرة