في ثبات وصبر.. ويقين راسخ امتلك وجدانها. قهرت الصدمات واجتازت الشدائد بصورة لا يتحملها أكثر الرجال قوة وأشدهم بأساً وقفت في وجه الطغيان تبدو عليها شهامة بني هاشم. ولا غرو فهي سليلة عبدالمطلب سيد أهل مكة. تلك هي السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب وأمها سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء. أما جدها فهو سيد الخلق صلي الله عليه وسلم. اشتهرت السيدة زينب رضي الله عنها بالفصاحة وبلاغة القول وقد أحبتها الأسرة النبوية وكانت تتمتع بالذكاء منذ نعومة أظافرها وعندما بلغت تزوجت من عبدالله بن جعفر. وقد شاءت الأقدار أن ترحل مع شقيقها أبي عبدالله بن الحسين رضي الله عنهما إلي العراق وهناك الشدائد والأوقات العصيبة في انتظارها. لكن شيمة أهل البيت النبوي الصبر واحتساب أي عمل وجهاد في سبيل الله يرجون فضل الله ورفعته في الآخرة. فقد قال سبحانه لنبيه صلي الله عليه سلم: "وللآخرة خير لك من الأولي" فأي شدائد تهون. لقد شاءت الأقدار أن تشهد هذه السيدة مأساة الإمام الحسين منذ بدايتها وتلقت الصدمة تلو الأخري. فكانت صامدة قوية البأس رغم الحزن الذي يعتصر القلب ويدمي العيون. لقد استطاع اللعين عبيد الله بن زياد قتل الإمام الحسين وقام أعوانه بفصل رأسه عن الجسد في نذالة وخسة دون وازع من ضمير أو تقدير لسبط رسول الله صلي الله عليه وسلم وبلغ به التشفي أن قام بقضيب وجعل ينكت بين ثنتي الرأس الشريف غير عابيء بشعور السيدة زينب وكل أهل بيتها والحاضرين. لكن شجاعة السيدة زينب وأهل البيت قهرت حقد وبغضاء هذا اللعين عميل يزيد بن معاوية عبيدالله بن يزيد. وقد كانت شجاعة السيدة زينب رضي الله عنها هي الصخرة التي تحطم عليها هذا الكم الهائل من الصلف والغرور والتعنت مع أهل البيت الذين أوصي رسول الله صلي الله عليه وسلم بهم خيراً. هذا الموقف وتلك الشهامة كان لها رد فعل عميق في نفوس المسلمين عامة وانعكست هذاه الآثار علي يزيد بن معاوية حيث شعر بتأنيب الضمير وانتابه الندم علي العمل الشنيع خاصة أن هذا التصرف أدي إلي زيادة كراهية المسلمين له والغضب الذي تفاعل ضد حكمه وحاشيته. أمام هذا الموقف للسيدة زينب رضي الله عنها عرض كثيرًا من الأموال ورد كل ما سلب من أهل البيت من أمتعة ومتعلقات شخصية لكنها قالت كلمات تعبر عن نفس أبية وقالت في مواجهته: ما أقسي قلبك يا يزيد تقتل أخي وتعطيني المال والله لن يكون ذلك أبدًا. وقد تضاءل حجم يزيد وتكشفت أبعاد جريمته حين لم يستطع مواجهة جرأة وقوة عزيمة هذه السيدة وصدق في جانبها قول الشاعر العربي: ولو كانت النساء كهذه .. لفضلت النساء علي الرجال وسوف نعيش مع أخت الحسين مرة أخي لنتعرف علي مسيرتها من دمشق للمدينة المنورة ثم إلي مصر بلد الأمن والأمان وأهلها الذين يقدرون أهل البيت ويهيمون حباً بهم.