لا يستطيع أحد أن ينكر دور الحركة التعاونية في كافة مجالات النشاط الاقتصادي ذي البعد الاجتماعي..وعلي مر السنوات تزايدت عدد المنظمات التعاونية وتطورت هياكلها ومؤسساتها مما ساهم في رعاية واهتمام الدولة بهذا القطاع. فجأة تغيرت الصورة وانحسرت الرعاية الحكومية وأصبح القطاع يعاني التهميش. "المساء الأسبوعية" التقت د. أحمد عبدالظاهر رئيس الاتحاد العام للتعاونيات في حوار حول العديد من القضايا التي تتعلق بكل القطاعات. * في البداية سألناه: من الملاحظ غياب دور التعاونيات في مرحلة ما بعد الثورة؟ ** بصفة عامة كل الأوضاع في الفترة السابقة تدل علي أن استيعاب فئات كثيرة من الشعب لثورتي يناير ويونيو لم يكن علي المستوي المطلوب والدليل حالة المظاهرات والإضرابات التي تزايدت بين سائر القطاعات دون أن يتوقف أحد ويسأل من أين للحكومة بالموارد التي تساعدها في تلبية جميع المطالب الفئوية لا أحد يستطيع أن ينكر الظلم الذي وقع علي الكثيرين والفساد الذي استشري وأفقد المواطن الثقة في نزاهة الدولة. التعاونيات ايضا لم يكن أداؤها جيداً خلال هذه السنوات الماضية.. فالسلبية طغت علي كافة المستويات والكارثة أننا نواجه جميعاً مؤامرات متعددة. المؤامرات * هل المؤامرات هي العقبة أمام العمل والتغيير؟ ** المؤامرات تهدف لخلق حالة من الخوف وعدم الاستقرار وتعطيل الإنتاج في كل القطاعات وتصاحبها حالة من العزوف والاحجام عن المشاركة والعمل وتنتشر ايضا السلبية واللامبالاة في المجتمع وكل هذا من شأنه إعاقة عملية التنمية والبناء والتطور. مصر هي رمانة الميزان في المنطقة ولابد أن يعي كل مواطن أهمية التكاتف والعمل وإحباط كل المخططات التي تستهدف النيل منا. * للتعاونيات دور محوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المرحلة الحالية.. فما رأيكم؟ ** للأسف مكانة التعاونيات في اهتمام الحكومة ضعف إلي حد كبير بل تلاشي فلا توجد أي رعاية من واضعي السياسات وهذا بالطبع كان لصالح القطاع الخاص الذي يسعي إلي تعظيم أرباحه دون مراعاة للبعد الاجتماعي. وعلي الرغم من ذلك فنحن نسعي لتقديم المساعدات للحكومة ولكن لا يوجد مسئول يريد التعاون فعلي سبيل المثال منذ حكومة د. حازم الببلاوي أرسلت لوزير التموين السابق اللواء محمد أبوشادي بأن الاتحاد التعاوني الاستهلاكي لديه المقدرة علي توزيع الخبز بطريقة آمنة لعدد الجمعيات 3426 وعدد فروعها 13960 وتضم 4 ملايين عضو.. كل هذه الامكانيات من الممكن أن تساهم في التوزيع بهامش ربح بسيط أو بالمجان لكن كان الرد سوف يتم دراسة الأمر وحتي الآن مازالت قيد الدراسة. * ما هي المشاكل التي تواجه القطاعات التعاونية؟ ** هناك العديد من المعوقات والتحديات التي نواجهها لتحقيق أهدافنا حتي نستعيد قوتنا ونجاحنا في تغطية كافة مجالات النشاط الاقتصادي ذي البعد الاجتماعي. لابد أن ينمو فكر جديد يشعر بأهمية عودة التعاونيات علي الساحة لكي تتحقق التنمية المستدامة. لذلك لابد من القضاء علي تعدد الجهات الرقابية علي بعض القطاعات خاصة أنه تم الاستيلاء علي بعض ما تملكه منپأصول.. ايضا نعاني من ضعف التمويل ونقص الأراضي للمشروعات إلي جانب وجود مشاكل تتعلق بكل قطاع علي حدة وتم تحديدها ووضعنا المقترحات للحل أمام الحكومة. دور الاتحاد * أليس للاتحاد العام دور في حل بعض هذه المشاكل؟ ** توجد محاولات لدعم وتنمية القطاعات المختلفة وفيما يتعلق بالتعاونيات الاستهلاكية يتم التطوير والتحديث ودمج الجمعيات غير القادرة بالجمعيات التعاونية القوية بهدف إنشاء كيانات كبيرة قادرة علي تلبية احتياجات المجتمع لكن الحل الجذري في تطبيق القوانين وما نصت عليه الدساتير بحيث تكون الدولة راعية للحركة التعاونية والتنسيق بين التعاونيات والجهات الإدارية مطلوب ايضا إنشاء اللجنة الوزارية العليا للحركة التعاونية والتي تضم الوزراء المعينين بالتعاونيات مع رؤساء الاتحادات لبحث المشاكل المختلفة وإشراك القطاع التعاوني في وضع الخطة القومية الاقتصادية والاجتماعية للدولة وضرورة إصدار قانون التعاون الملائم للمتغيرات الاقتصادية. باختصار نحن بحاجة إلي تعزيز مفهوم الشراكة بين الدولة والقطاع التعاوني. * الملاحظ أنه تعاقب علي القطاعات المختلفة مسئولية ليس لديهم الفكر التعاوني؟ ** أوافقك الرأي وهذا افقدنا ايضا القدرة علي التطوير في بعض الفترات لكننا نسعي لمعاودة انطلاقاتنا وتنمية الوضع التنافسي علي الساحة الاقتصادية لذلك يتم الاستعانة بالخبراء واساتذة الجامعات في ورش العمل والدورات التدريبية لمناقشة كافة المستجدات وأساليب التطوير خاصة أنه قد ثبت أن الانتخابات لا تفرد الصالح لكن الأهم الممارسة والمشاركة. * مؤخراً قام المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء وقت أن كان وزيراً للإسكان بحل الاتحاد التعاوني للإسكان فما الأسباب؟ ** أريد إيضاح أمر هام يتعلق بهذا القطاع فقد ساهم خلال العشرين عام الأخيرة في تقديم أكثر من نصف مليون وحدة سكنية لأعضائها حيث تركزت معظم الوحدات السكنية في المدن الجديدة مما شجع سياسات التوسع العمراني كما كانت لهذه التعاونيات دور في إعادة تعمير مدن القناة إضافة إلي القري التعاونية التي كان لها الفضل في تعمير الساحل الشمالي من الكيلو 34 حتي الكيلو 101 وتبلغ عدد الجمعيات 2370 جمعية وعدد اعضائها 5.2 مليون عضو وحجم المشروعات المنفذة 14 مليار و884 مليون جنيه. لذلك أؤكد أن قرار الحل كان خاطئاً وليس في صالح هذا القطاع في هذا التوقيت الذي نعاني فيه من أزمات الإسكان الطاحنة. * لماذا لم تقم بمخاطبة رئيس الوزراء أو وزير الإسكان لبحث هذه القضية؟ ** بالنسبة لرئيس الوزراء أرسلت بطلب مقابلته لكن لم يأت رد أما وزير الإسكان الحالي قال لي ما حدث قانوني وطلبت لقاءه لشرح كل التفاصيل لكن حتي هذه اللحظة لم يتم تحديد موعد ومنذ سنوات وهناك تعمد من قبل المسئولين بتشوية العمل التعاوني. * لكن هناك مخالفات تتعلق ببعض المشروعات التي تنفذها الجمعيات ومنها مشروع صقر قريش؟ ** هذا المشروع تحديداً متوقف منذ 30 سنة والمجلس الذي تم حله تسلم المشروع بعد خمسة مجالس واستطاع الانتهاء من تسليم 30 ألف وحدة سكنية من خلال التعاون مع مركز بحوث البناء وأساتذة من كلية الهندسة أما الخدمات مثل الصرف - الكهرباء والمرافق فالمسئول عنها المحليات. وأتحدي في كل القطاعات ومن لديه أي مستندات تشير إلي وجود فساد فليتقدم إلي النيابة لكن الحل والتصفية خطأ كبير فهو غير دستوري لأن الدستور الجديد أشار إلي أن حل الاتحادات لا يكون إلا بحكم قضائي. ايضا نحن نخضع للجهاز المركزي للمحاسبات ولابد من العودة إلي تقاريره لمعرفة أي تجاوزات. بصفة عامة الاتحاد العام يقوم بالرقابة والمتابعة وأي مخالفات علي الفور أرسلها للنيابة لكي تتولي التحقيق. * كم عدد البلاغات التي أرسلتها للنيابة؟ ** بعد الثورة أرسلت 20 بلاغاً في جمعيات موجودة في بني سويف والفيوم.. نحن لا نتستر علي أي شخص منحرف لكن الخلل والاختلاسات يحدث نتيجة عدم أداء المفتشين المعنيين بالرقابة لعملهم بصفة مستمرة. وحالياً نعمل علي تقوية الجهاز الرقابي بإعداد دورات واختيار العناصر الكفء لأداء هذا الدور لضمان إحكام الرقابة والتفتيش. * ما رأيك في النصوص المتعلقة بالعمل التعاوني في دستور 2014؟ ** جميعها لا خلاف عليها فعلي سبيل المثال المادة 37 أكدت أن الملكية التعاونية مصونة وترعي الدولة التعاونيات ويكفل القانون حمايتها ودعمها ويضمن استقلالها ولا يجوز حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي. كذلك المادة 75 أكدت أن للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية علي أساس ديمقراطي وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الاخطار وتمارس نشاطها بحرية ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها. والمادة 78 أكدت علي حق التعاونيات في تنفيذ خطة وطنية للإسكان. والمادة 33 أكدت علي حماية الدولة الملكية بأنواعها الثلاثة العامة والخاصة والتعاونية. النقابات المستقلة * توليت رئاسة الاتحاد العام لعمال مصر بعد الثورة فما تقييمك للأوضاع والمطالب العمالية؟ ** بكل صراحة لمدة عام ونصف العام قضيتها في رئاسة الاتحاد عشت فترة معاناة صعبة مع النقابات العمالية المستقلة فهي التي تقف وراء كل الإضرابات والكوارث فقد تنقلت بين كافة المواقع من المحلة إلي الإسكندرية وأؤكد أنهم لا يريدون لغة الحوار والتفاهم فقط تلبية المطالب أو التوقف عن العمل. هذه النقابات استطاعت أن تفتت العمل النقابي فهل يعقل أن يكون في المنشأة الواحدة أكثر من 20 لجنة نقابية هذا لم يحدث في أي دولة من دول العالم التي تطبق الأنظمة الديمقراطية. أضف إلي ذلك تعدد المنظمات الحقوقية التي تؤيد التظاهرات والاعتصامات وتدعو إليها حتي لو علي حساب مصلحة الوطن. * تظل العدالة الاجتماعية مطلباً هاماً.. كيف السبيل لتحقيقه؟ ** لن تتحقق بدون عمل وإنتاج مضاعف فالظروف الاقتصادية التي تعيشها مصر مازالت صعبة علي الرغم من التحسن الذي طرأ في الأشهر الماضية نتيجة المساعدات والمنح التي تدفقت من أموال الخليج وهذا لن يستمر طويلاً لابد من ضخ مشروعات عملاقة تستوعب البطالة أولاً وكذلك مساندة حالات التعثر في الصناعة بسائر قطاعاتها والأهم التوقف الكامل والتام لأي مطالب فئوية لمدة سنة علي الأقل. * هل تري أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة أخطأت بعدم المصارحة والتحاور مع المواطن؟ ** بالفعل بعض المسئولين يقيمون حواجز بينهم وبين المواطنين وكأنهم يعملون بمعزل عن الهموم والمشاكل التي تواجه الدولة وهذا خطأ كبير لابد من تغيير حقيقي في أداء الوزارات والمسئولين وحلول واقعية خاصة فيما يتعلق بالقطاعات الخدمية. كذلك أؤكد علي أهمية العمل فالوقت الراهن لا يحتمل توقف عجلة الإنتاج.