(1) شهد قانون التظاهر قبل وبعد إصداره اعتراضات وتحفظات جمة داخليًا وخارجيًا، وكان رد القائمين على إصداره دومًا أن متطلبات المرحلة التي صدر فيها القانون حتمت إصداره حفاظًا على الدولة واستقرارها.
(2) ومن البديهيات عقلًا والمقررة نصًا في الدستور أن جميع المواطنين سواء أمام القانون، فشرعية أي قانون إنما تكمن في تطبيقه على الجميع، فهل هذا هو حال قانون التظاهر في مصر ؟!.
(3) لقد بدأت التطبيقات الانتقائية الممنهجة - والتي تؤكد غيان دولة القانون والتحاكم الحقيقي إليه في مصر حاليًا – بدأت مبكرًا للغاية، فجميع مظاهرات الموالين للحكم منذ صدور القانون وإلى الآن لا يطبق عليها هذا القانون مطلقًا !!!، فعن أي دولة قانون نتحدث ؟! .
(4) صدر هذا القانون في 24 نوفمبر 2013، ومنذ ذلك الوقت ألقي القبض على الآلاف بتهمة خرق هذا القانون، جميع هؤلاء من معارضي النظام، ولكن من ذلك التاريخ لم تتوقف مظاهرات مؤيدي النظام في مناسبات كثيرة ولم يطبق هذا القانون على واحد منهم أبدًا !!.
(5) كانت أولى الفعاليات التي شملت مظاهرات الموالين والمعارضين للنظام في يناير 2014 في معرض الاستفتاء على الدستور، نظم المعارضين مظاهرات ووقفات احتجاجية مطالبين بمقاطعة الاستفتاء، تم التصدي لها والقبض على مئات من المشاركين فيها، بينما نظم المؤيدين مظاهرات تحت سمع وبصر الشرطة، بل ونشرت الجرائد الموالية أخبارها، واكتملت في حراسة الشرطة، مثلما حدث في البدرشين ونشره موقع اليوم السابع يوم 10/1/2014، (نظم عدد كبير من أهالي مدينة البرشين بمحافظة الجيزة، اليوم الجمعة، تظاهرة مؤيدة للجيش والشرطة، ولدعم خارطة الطريق، معربين عن تأييدهم للدستور الجديد، رفع المشاركون فى التظاهرة، صورًا للفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، والرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولافتات تدعو للتصويت ب”نعم” في الاستفتاء على الدستور) !
(6) ثم كانت الانتخابات الرئاسية في مايو 2014، وحدث فيها ما حدث في استفتاء الدستور، أي مظاهرات أو وقفات معارضة تقمع، وأي مظاهرات مؤيدة يسمع بها على الرحب والسعة رغم مخالفتها لذات القانون !، ومثال ذلك ما نشرت بالصور بوابة (فيتو) يوم 26/5/2014 وكتبت فيه ما يلي " على الرغم من انتهاء مدة التصويت في الانتخابات الرئاسية بالدقهلية، في اليوم الأول، إلا أن مؤيدي المشير عبد الفتاح السيسي المرشح لرئاسة الجمهورية، نظموا عدة مظاهرات داخل مدينة المنصورة للدعوة للتصويت غدا بكثافة في انتخابات الرئاسة، حيث تجمعوا بمظاهرات داخل ميدان الشهداء بالمنصورة، وأمام المعهد الديني الأزهري بمدينة المنصورة، وبشارع كلية الآداب، حاملين الأعلام المصرية وصور السيسي مع تشغيل أغنية تسلم الأيادي وبشرة خير، وتسببت تظاهراتهم في إعاقة حركة مرور السيارات وشلل مرورى بالمنصورة ".
(7) ظل هذا هو الحال في كل مناسبة سياسية تمر على البلاد، القانون لا يطبق إلا على المعارضين فقط !، بل وصل الأمر لحالة بالغة الشذوذ حين تفجرت أزمة جزيرتي (تيران) و(صنافير)، فبينما كانت مظاهرات مؤيدي قرار الحكومة بإعطاء الجزيرتين للسعودية يسمح بها حتى في ميدان التحرير قلب القاهرة ويرفع المتظاهرين أعلام السعودية، فإن المظاهرات التي خرجت تؤكد مصرية الجزيرتين وترفع أعلام مصر قد تم قمعها وتفريقها والقبض على المئات من المشاركين فيها، كما نشر موقع (البداية) في 26/4/2016.
(8) ويتكرر الأمر في أزمة نقابة الصحفيين على نحو أكثر فجاجة، فإذا بالشرطة تسمح بمظاهرات لها طابع البلطجة تحيط بمبنى نقابة الصحفيين، وتعتدي لفظًا بل ويدًا في بعض الحالات على الصحفيين المعتصمين حين دخولهم أو خروجهم، وتهتف ضدهم بأقذع الألفاظ، وتشير الكثير من هؤلاء نحوهم بإشارات بذيئة سجلت صوتًا وصورة ونشرت في عشرات المواقع الإخبارية داخليًا وخارجيًا، وكانت تلك المظاهرات أمام قوات الشرطة، وفيها خرق للقانون من خمس أوجه: 1- قطع للطريق وإعاقة المرور. 2- خرق لقانون التظاهر. 3- السب والقذف. 4- خدش للحياء العام (بالأقوال والإشارات البذيئة). 5- اعتداء على المواطنين.
وهذا كله يقع أمام الشرطة، في أزمة تقول الشرطة فيها أنها اقتحمت نقابة الصحفيين للقبض على متهمين تنفيذًا للقانون، وأن نقابة الصحفيين في تلك الأزمة (خرقت القانون) !!.
(9) فهل بعد كل ما سبق يمكننا الحديث حقًا عن دولة القانون في مصر حاليًا، هل لها أي وجود في الواقع ؟!!.
م/يحيى حسن عمر عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.