الشيب يغطي لحيته ورأسه..يرتدي زي العاملين في المكان..يتحرك وينظف ويرتب ويصب الماء..يبدو أنه رجل بسيط جاء من بلاده بحثاً عن لقمة عيش.. وهيئته ايضاً تنبئ بأنه وقور ومتدين.. في المكان مئات الآلاف من الزائرين وآلاف من العاملين البسطاء يعملون لراحتهم..سنة الخالق في خلقه.. الجميع يخدم الجميع.. حقيقة تغيب عن كثيرين..الدنيا بخير وكثيرون تتحرك قلوبهم نحو البسطاء، وتمتد ايديهم لتساعدهم ولو بدراهم معدودات..يقترب احدهم من العامل البسيط ليعطف عليه بما افاضت يداه..ابتسم العامل البسيط وشكره وبلطف قال" لاحاجة لي بالنقود "..الدهشة انتابت صاحب اليد الممدودة..يبدو أنه عامل عفيف النفس بلا حدود..هو واحد من هؤلاء الذين وصفهم قرآن كريم من لدن عليم خبير " يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ..." وجه الرجل يقول ذلك ومسلكه يؤكد الوصف..لم يسلم المتصدق والح على الرجل في قبول عطائه البسيط..ابتسم العامل البسيط واخرج محفظته وفتحها لينظر فيها..تعج ببطاقات الصرافة...اندهش اكثر ولسان حاله يقول " ماذا تفعل هنا ايها الرجل؟! "..فهم العامل ورد " أنا هندي صاحب فنادق وشركات في بلدي..اعرف مسؤولين في الشركة المسؤولة عن نظافة هذا المكان، يرسلون لي كل فترة تاشيرة عمل، اقضي 6 شهور في خدمة زوار المكان .. وانتظر الأجر من الله ".. ابتسم الرجل وسلم على العامل البسيط وابتعد عنه وهو يلاحظه..بعدها بدقائق سال عامل آخر عنه فأكد له صدق حديث العامل المليونير " نعم..انه مليونير بالفعل "...هذا المشهد دارت أحداثه في الحرم المكي...المليونير الهندي غني بايمانه وليس بماله!! د. عبدالله ظهري