جميل أن نسمع عن حكام يصالحون شعوبهم ويعتذرون عما اقترفته أيديهم من ظلم ويطهرون أنفسهم من دماء لطخت ثيابهم بل ويبحثون عن النوم الهادئ بعيدا عن دعوات المظلومين وأنات الثكالى وصرخات الأطفال.. فكم يطول ليل الظالمين ولا أظن أن أحدهم ينام من الليل قرير العين خالى البال تماما كما ينام الفلاح البسيط الذى يأكل بالكاد ويرهقه العمل ويضنيه فإذا ما أتى الليل نام نوما هانئا هادئا يحسده عليه الملوك وهو الذى قد خلت البنوك من ذكر امثاله والدفاتر التوفيريه من ارصدته ، لكنه امتلك راحة البال والضمير ، فلم يظلم ولم يغتصب حقا ولم يتطلع لما فى يد غيره ولايملك كرسيا يؤرقه المتاّمرون من حوله صباح مساء، فهو بسيط وحياته بسيطة لكنه فى سعادة لو علمها عليه الملوك لحاربوه عليها... أطلق عاهل المغرب مبادرة مصالحة بعد سنوات عجاف من الظلم والقتل والتشريد خلفها أبوه ثم حمل التركة من بعده على نفس النهج والمنوال وفجأة استيقظ الضمير الذى مات منذ زمن وانتفض ليعلن الإعتذار وليكرم المظلومين لكنه أطلق يد الجلادين ولم يحاسبهم على جرم أو جريرة أو ذنب، يكفيه أن يعلن المصالحة هذا هو الفكر الذى حملته لجنة الإنصاف والذى استوقفنى ليست المبادرة بالكلية ولكن ذلك العجب الذى تبناه المنادون بالمصالحة وهو أن التغيير إن لم يأت من الداخل فسيكون من الخارج على يد الدبابات الأمريكية، أى منطق هذا يحمله المنادون بالإنصاف والمصالحة، هل دفعهم الخوف أم الضمير الذى استيقظ؟ ألم تؤرق مضاجعهم اّلاف السجون التى امتلأت بخيرة ابناء الوطن من العلماء والشباب والمناضلين ؟هل لخوف يفعل مفعول السحر؟ ولست متجنيا فهذا ماصرح به مسؤل لجنة الإنصاف على شاشات التلفاز وهو يواجه الخبير فى شئون المغرب والمنفى عن وطنه منذ زمن ولايخجل أن يردد مثل هذا الكلام.. ترى إن خف الضغط المزعوم من أجل التغيير سيلعقون كلامهم ويتوقفون عن دعوتهم؟ على أى وكل بنيته، مافعله العاهل المغربى يعد أمرا خارقا للعادة فى وطننا العربى على اتساع رقعته وإن لم يقدم أو يؤخر شيئا وإن كانت الليالى حبالى بما لايمكن أن نتوقعه من جديه هذه الدعوة فإن الرجل أتى بما لم يأت به الأوائل حين اعترف وأعلن وإن كان ماقدمه من اعتذار لايساوى أن تهدر كرامة مسلم، أو أن ينتهك عرض أو يهتك ستر،أو يروع طفل، أو يشق الخوف جدار الأمن فى بيت وديع هادئ هانئ على يد زبانية لايرقبون فى مؤمن غلا ولاذمة.. هل نعى الدرس ونطلق الأبرياء ونخفف الوطء عن ابناء وطننا فى كل مكان؟ هل نتعلم من تقلبات الدهر وتغيرات الأيام؟ بالأمس كان شارون يصول ويجول، وفجأة طريح الفراش يصارع الموت إن لم يكن قد مات بالفعل، انتهت القوة والسطوة والجبروت فى لحظة واحدة... أتمنى أن نعى وأن نتعلم وأن نقدم ونحن نمتلك القارا قبل أن ينزع منا السلطان بقضاء عاجل او بدبابة لاتعرف صديقا سوى المصالح أيا كان موقعها وزمانها.... د. إيهاب فؤاد