منذ الصباح الباكر وأنت فى قلعة الصناعة تشعر وكأنك فى أوروبا وتنتظر لقاء قمة كبير بين أكبر الفرق الأوروبية، فهناك أشخاص تغنى وهناك أشخاص تهتف وتشجع المحلة وأصوات أخرى تتعالى بالهتاف للأهلى، هكذا كان المشهد عند وصولى لمدينة المحلة فى الواحدة إلا الربع ظهرًا لتغطية مباراة غزل المحلة والأهلى السبت الماضى قبل انطلاقة اللقاء بقرابة الأربع ساعات ولم يعكر صفو هذا المشهد الرائع إلا موقف حدث أمام الباب الرئيسى للاستاد عندما قام بعض الأشخاص بالهجوم على شخص كان يرتدى قميص النادى الأهلى، وقاموا بتمزيق القميص والاعتداء عليه وقتها بدأ القلق يتسرب إلى قلبى وأحسست أن شيئا ما قد يحدث فى هذا اللقاء ورددت بداخلى كلمة "استر يارب". بعدها توجهت إلى داخل الملعب لمتابعة الأجواء وعلى الرغم من أنه مازالت أربع ساعات على انطلاقة اللقاء إلا أننى وجدت الملعب قارب على الامتلاء سواء من جماهير زعيم الفلاحين أو من مشجعى المارد الأحمر وظلت الأجواء ممتعة هكذا، وقمت بعمل تقرير من أرض الملعب على الهواء لشاشة "ميلودى سبورتس" قبل بداية اللقاء بعشرين دقيقة وتحدثت عن كل شىء بمنتهى الحماس ووصفت ما يدور وذكرت أن الملعب ليس به مكان لقدم لدرجة أن مقصورة الإعلام جلس بها الجمهور ونوهت بأننا كإعلاميين سنقف فى بنوار الملعب خلف المرمى لأنه لا يوجد لنا مكان لكى نجلس فيه. وبدأ اللقاء وسارت الأحداث، كما رأينا جميعا إلى أن جاء هدف التعادل للأهلى وقتها قامت الدنيا ولم تقعد، ومن حسن حظنا كإعلاميين أننا كنا نقف فى الملعب ولم نكن جالسين فى مدرج الإعلام بين الجماهير فسهل ذلك علينا الخروج إلى الممر المؤدى إلى غرف خلع ملابس الأهلى وعندما نزلت الجماهير إلى الملعب هرولنا إلى الداخل ومعنا لاعبو الأهلى والحكام وأغلقت الشرطة الباب بالأقفال من أجل منع الجماهير الثائرة من الدخول وظللنا محتجزين فى الداخل، ونستمع إلى أصوات الجماهير فى الخارج وهى تهتف ضد الحكم وضد الأهلى وتحاول الدخول للفتك بالجميع ولكن هذه الجماهير ليست جماهير المحلة الحقيقية هؤلاء هم مجموعة من البلطجية، يحاولون تشويه صورة أهالى مدينة المحلة المحترمين الذين يعرفون كيف يرحبون بضيوفهم وبعد نصف ساعة من المشاورات مع لجنة الحكام ومدير أمن الغربية الذى كان متواجدًا من العاشرة صباحًا أعلن الحكم رسميًا إلغاء اللقاء. ولكن ما حدث بعد ذلك شىء غريب ففوجئنا بالأخبار القادمة أن لاعبى غزل المحلة نزلوا إلى أرض الملعب مرة أخرى وقاموا بالتسخين من أجل انتظار استئناف اللقاء من قبل الحكم وققتها بدأت المداخلات التليفونية تنهال عليهم من الفضائيات وتحدث اللاعبون وبعض أفراد الجهاز الفنى وأقسموا جميعًا على أن الكرة لم تكن هدفًا على الرغم من أنهم شاهدوا الكرة، وهى تدخل المرمى وقتها شعرت بصدمة كبيرة فهل من الممكن أن يهون على إنسان القسم بالله، وهو يعلم أنه يكذب ويستهين بلفظ الجلالة من أجل لعبة يمارسها وتكون مصدر دخله أنه شىء مؤسف ويدعو إلى الدهشة فأيهما أبقى أن أكذب من أجل الكرة أم أصدق مع نفسى ومع الله!!! وفى النهاية وبعد ثلاث ساعات من الاحتجاز قرر الأمن أننا سنخرج من أجل الرحيل والعودة للقاهرة وكان القرار بسفر لاعبى الأهلى والحكام فى عربة أمن مركزى فى مشهد مؤسف لنا كمصريين أمام العالم، ويؤكد أنه مازال أمامنا الكثير من أجل أن تقف مصر على أقدامها مرة أخرى، وكل ذلك بسبب التهور والجهل من مجموعة من البلطجية لاتعبر عن أهل المحلة المحترمين ولاتعكس صورة اليوم بأكمله فبداية اليوم كانت عظيمة والنهاية كانت مهينة وحقيرة.