خبير في الشأن التركي: لا ضغوط على أنقرة.. إسلاميون: ملتزمون ب «اللاءات الثلاثة».. وسياسيون: المصالحة أو الإعدام عاد الحديث مجددًا عن مصالحة محتملة بين مصر وتركيا، عقب تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي ربط فيها تحسين العلاقات بين البلدين بإطلاق سراح الرئيس الأسبق محمد مرسي، وإلغاء الأحكام الصادرة بحق مؤيديه. وتوترت العلاقات بين القاهرةوأنقرة منذ يوليو 2013 عندما أطاح وزير الدفاع وقتها (الرئيس الحالي) عبد الفتاح السيسي، بمرسي. وأثارت زيارة أردوغان الأخيرة إلى السعودية ودعمه للعملية العسكرية التي تقودها المملكة ضد مسلحي الحوثي في اليمن، وشاركت فيها سفن حربية مصرية، التكهنات بشأن احتمال ذوبان الجليد في العلاقات بين أنقرةوالقاهرة. إلا أن أحكام الإعدام الصادرة بحق قيادات بجماعة "الإخوان المسلمين"، والمؤبد ل37 آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا ب"غرفة عمليات رابعة"، زادت من التكهنات حول صعوبة إتمام المصالحة بين تركيا، الداعم الأول للإخوان، والسلطة الحالية في مصر. وقال سعيد الحاج، الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشأن التركي، إنه لايتوقع تحسين العلاقات بين مصر وتركيا في الوقت الراهن لعدم رغبة السلطة الحالية في مصر بتطبيق الشروط التركية. وأضاف: "الموقف التركي الرسمي تجاه مصر يرتبط بحسابات داخلية وخارجية، على رأسها التحالف الإقليمي فيما يعرف بعاصفة الحزم والحرب في اليمن، والحساسية التركية من الانقلابات العسكرية". وتابع "المستويات السياسية في تركيا بداية من القيادة والأحزاب عبَّرت عن موقفها الرافض تمامًا للأحداث في مصر، في ظل مواجهتها أربعة انقلابات عسكرية في وقت سابق، وما زالت تحاكم قيادات شاركت في تلك الانقلابات". وأشار الحاج إلى أنه "منذ إجراء المصالحة المصرية القطرية خرجت تصريحات تركية تلمح لمصالحة مع مصر، بشروط تركية تتمثل في إطلاق الرئيس الأسبق محمد مرسي، وتحسين أوضاع حقوق الإنسان والالتزام بالآليات الديمقراطية في الحكم". وأوضح أن "الانتقادات الدولية والضغوط الخارجية وتصاعد حدة الانتقادات تجاه تركيا، بشأن خلافها السياسي مع مصر، خفَّت جدًا بعد دعمها لعاصفة الحزم التي تقودها السعودية وعدة دول عربية أخرى داخل الأراضي اليمنية". وأشار إلى أن "تحسين العلاقات بين مصر وتركيا يحمل شروطًا واضحة ساقتها الإدارة التركية في وقت سابق أبرزها إطلاق سراح مرسي والمعتقلين السياسيين ووقف أحكام الإعدام". وخلص قائلاً: "على هذا الأساس لا أتوقع تحسينًا في العلاقات بين مصر وتركيا، فالنظام الحالي في مصر لن يستطيع تطبيق الشروط التركية". في السياق ذاته، أبدى إسلاميون، ترحيبهم بتصريحات أردوغان الأخيرة التي رهن فيها تحسن العلاقات مع مصر بالإفراج عن مرسي، مؤكدين في الوقت ذاته رفضهم الاعتراف بأي تسويات من شأنها الاعتراف بالنظام الحالي. أحمد رامي، القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين"، قال إن "تصريحات الرئيس التركي غير مرتبطة بشخص مرسي وإنما باحترام الآليات الديمقراطية، وعدم الاعتراف بالاستيلاء على السلطة بقوة السلاح تحت أي مبررات". وأضاف "تركيا عانت كثيرًا من الانقلابات العسكرية، لذلك فالقضية شديدة الوضوح لدى إدارتها بدعم الديمقراطية، ورفض أي عملية للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح". مصطفى البدري، القيادي ب "الجبهة السلفية"، قال إن تركيا وموقفها مما وصفه ب"الانقلاب وتوابعه موقف جدير بالاحترام والتقدير". ورأى أن تصريحات الرئيس التركي "تحمل قدرًا من الحنكة السياسية، بحيث إن الإفراج عن مرسي يعني مباشرة عودته للرئاسة التي لم يستقل منها ولم يتم أي إجراء دستوري صحيح يقتضي عزله". وأضاف "العلاقات بين الدول ترتبط كثيرًا بالمصالح الاقتصادية والسياسية، بخلاف الثورة التي تضع استقلال الشعب وحريته كهدف لاتراجع عنه مهما كانت التضحيات التي تبذل في سبيله". من جهته، رأى الدكتور أيمن نور، زعيم حزب "غد الثورة"، أن "الأحكام الصادرة بحق قيادات الإخوان المسلمين لن تجبر الجماعة على المصالحة، كما أنها لن تأتي بجديد". وأضاف "الأحكام تمزج بين نهر السياسة وبحر القانون، والجزء الغالب عليها هو السياسة، ولكن الظاهر منها هو القانون، ولن تمثل تلك الأحكام أي ردع من أي نوع، ولكنها ستؤدي إلى مزيد من العنف". وأعرب عن اعتقاده بأن "النظام يأمل في تحقيق مراكز تفاوضية أقوى في المستقبل يمكنه التفاوض عليها، فبدل الحديث عن خروج المعتقلين، يصبح الحديث عن وقف الإعدامات، وهو أمر يعقد الموقف أكثر، ولا يمكن البناء عليه، وهي مخاطرة بكل المقاييس"، بحسب تعبيره. سامح عيد، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، توقع تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق مرشد الجماعة وقياداتها إلى مؤبدات، لعدة أسباب أبرزها العلاقات الدولية المتشابكة، وكبر سن المتهمين. وقال إن "الرئيس عبدالفتاح السيسي حاول أكثر من مرة إطلاق سراح معتقلين ومن بينهم قيادات من جماعة الإخوان المسلمين، لكنه كان يصطدم بالقانون وأحكام القضاء". وأشار إلى أن الأحكام النهائية بحق المرشد وقيادات الإخوان تتوقف على عدة اعتبارات أبرزها الأوضاع الدولية المتشابكة حاليًا، نظرًا لاعتماد السعودية في اليمن على إخوان اليمن، والتقارب السعودي التركي القطري، في ظل التحالف المصري السعودي حاليًا، وعدم استقرار الأوضاع بين مصر وتركيا وقطر. الدكتور يسري العزباوي، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، إن "أحكام الإعدام الصادرة بحق مرشد جماعة الإخوان المسلمين وقيادات الجماعة ليست نهائية، وسيتم الطعن عليها، ومن المتوقع قبول الطعن". وأضاف العزباوي أن "النظام الحالي يحاول أن يضع الجماعة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما القبول بالمصالحة والمراجعات، أو الاستمرار في العناد مع إطلاق يد القضاء في أحكام الإعدام، التي ربما يتم تنفيذها إن استمر عناد قيادات الجماعة مع النظام". ورأى أنه "من الأفضل لقيادات الجماعة الاعتراف بما وصفه ب"ثورة 30 يونيو" والقبول بخارطة الطريق التي تم الإعلان عنها في بيان 3 يوليو 2013، وتجنب أحكام الإعدام والمؤبد". وتابع العزباوي: "الجماعة بشعار المرشد الحالي "سلميتنا أقوى من الرصاص" تحاول تصدير أنها جماعة سلمية لقواعدها الشعبية، وأنه حال تنفيذ أحكام الإعدام ستزيد الجماعة من عمليات العنف ضد الدولة التي انتهجتها منذ أحداث عزل مرسي، بحسب قوله".