هذا السؤال لا أظنه قائمًا إلا في بلادنا، حيث الشد والجذب على أشده بخصوص نصوص الدستور وماهيتها وتوقيت إخراجها، بينما هم عن روح الدستور هم غافلون !!، لذلك أقول لأصحاب دعوة (الدستور أولًا)، إن كنتم لا تؤمنون بالديموقراطية أصلًا وتهدرون إرادة الشعب، فما الذي تتعجلون كتابته في الدستور، وما الذي تريدون كتابته فيه ؟!. في كل بلاد الدنيا تتوافق النخب في البداية على الإقتناع بالديموقراطية التي هي حكم الشعب للشعب لصالح الشعب، فعندما تقتنع النخب بالخيار الديموقراطي وينصاعوا له إنصياعًا ويسلموا له تسليمًا، ساعتها تبدأ ساعة المؤسسات الدستورية المبنية على الإطار الديموقراطي في الحركة، ويكون الدستور أولًا أو الإنتخابات أولًا كلها فرعيات محسومة بالرد إلى الإطار الديموقراطي الذي يرد الأمر إلى الشعب، فالشعب أعلم بأمور دنياه. من هنا كان العجب العجاب من هذه الدعوة السمجة التي يدعو لها قطاعات من النخب لفرض (الدستور أولًا)، وقد علموا رأي الشعب كما هو واضح جلي في نتيجة الإستفتاء، ولقد كنت من الذين قالوا (لا) في الإستفتاء، وما زلت أرى الصواب في أن يكون الدستور أولًا، لكنني في الوقت ذاته أجد الأمر في منتهى السماجة أن تحاول قطاعات من النخب فرض الأمر على الشعب، فحتى لو كنت أراه صوابًا في ذاته، فلا يمكن أن يكون صوابًا إذا فرض على الشعب بالمخالفة لروح الديموقراطية !!، لقد قال الشعب كلمته وإنتهى الأمر، صحيح أنها لم تعجب معظم النخبة، وصحيح أنها تمت في ظروف إستقطاب غير صحية، لكنها تبقى في النهاية إرادة الشعب. إن أحدًا لم يسق الشعب (حاجة أصفرا)، ولم يعطه مخدر ولم يزور إرادته، ومهما قلت وقال غيري عن إساءة إستخدام المنبر وغير ذلك، فهذه هي الديموقراطية بحلوها ومرها، هذا هو حكم الشعب، إما إن كنتم تريدون أن تفرضوا وصايتكم عليه بدعوى أنكم النخبة التي تفهم وهؤلاء رعاع يساقون بالمكروفونات من المساجد فهذه إذًا ليست الديموقراطية، إنها تسمى (الأوليجاركية) أي (حكم النخبة)، فقولوها صراحة أنكم تريدونها أوليجاركية وليست ديموقراطية، وأنكم تسعون لدستور يكرس هذا. والتبرير الذي يقدم لهذه الدعوة أكثر سماجة من الدعوة ذاتها، أن الإستفتاء لم يكن على الدستور أولاً أم الإنتخابات أولًا، بل كان على مجرد المواد الست !!، يا سادة عيب عليكم، روح الديموقراطية الحقة هي تنفيذ إرادة الشعب طالما عرفت، دون سفسطة أو هزل، هذه هي روح الديموقراطية الحقة، وغير ذلك هو طغيان، والعملية ليس في كيف (تتشطر) على الشعب، فالشعب أشطر منكم، المهارة الحقة أن تكون ديموقراطيًا حقًا طالما رفعت الشعار، أما الشطارة فأنت تتشطر والشعب سيتشطر عليك، ( طيب يا شاطر، بتقول الإستفتاء الأولاني مش علشان موضوع الدستور أولًا، بسيطة، تعال نعمل إستفتاء ثاني، علشان تخسر مرة تانية !!)، أما إن كنتم تريدون فرض إرادتكم دون النظر للإستفتاء الأول، ودون إستفتاء جديد، فأعلموا أنكم في واد، والديموقراطية نصًا وروحًا في واد آخر [دا إحنا ما صدقنا عملنا إستفتاء نزيه.......الله........الله يسامحكم]. وأعلموا أنكم تتعالمون على الشعب، وتريدون أن تَحكُموه بإرادتكم، لا أن تُحكَموا بإرادته، فإن كان هذا هو ما تريدون، فترى ما الذي ستكتبونه في الدستور، إنه لن يكون دستور الشعب، إنه سيكون دستور إرادتكم التي تملونها على الشعب، كيف تدعون أنكم تريدون دستورًا يمثل إرادة الشعب في نصوصه وأنت تهدرون إرادة الشعب في كيفيته وتوقيته !!، وأعلموا – هدانا الله وإياكم – أن الديموقراطية هي حكم الشعب للشعب وليس حكم النخبة للشعب..........[دِكها إسمها إيه (أوليجاركية).......براوه عليكم]. م/يحيى حسن عمر [email protected]