أبرزت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الحملة في وسائل الإعلام المصرية ضد المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات, على خلفية تصديه ل"فساد المؤسسات". وعرضت الصحيفة في تقرير لها في 18 إبريل مقتطفات من تقرير لوكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية تحدث عن أن جنينة كشف أن هناك فسادًا بمليارات الدولارات داخل أكثر المؤسسات في البلاد، من ضمنها الشرطة والقضاء. ورغم أن جنينة حاول بكل قوة التصدي للفساد المستشري في مؤسسات الدولة في مصر, وأحال مئات قضايا الفساد إلى النيابة، إلا أن 7% فقط من هذه البلاغات تم التحقيق فيها، فيما منعت الأجهزة الأمنية موظفيه من تفتيش وثائقهم, حسب ما جاء في "أسوشييتد برس". وتابعت "واشنطن بوست" أن بعض وسائل الإعلام المحسوبة على الحكومة حاربت جنينة بشدة, حيث اتهمه الكاتب الصحفي مصطفى بكري بنشر أكاذيب للتحريض ضد مؤسسات الدولة لصالح "الإخوان"، كما اتهمه الإعلامي أحمد موسى بانه يسعى لتخريب الاقتصاد. وأشارت الصحيفة إلى أن جنينة لم يتراجع أمام تلك الحملة الإعلامية ضده, ويصر على "محاربة الفساد المستشري" في بلاده. وكان جنينة قال خلال لقائه مع برنامج "تلت التلاتة", المذاع على فضائية " اون تي في" في 13 فبراير الماضي إن الأجهزة الأمنية تسيطر على وسائل الإعلام، حيث يسير وفقًا لإرادتها، ما اعتبره أمرًا يتسبب في التغاضي عن الفساد، الذي يحاول من سماهم "الشرفاء" مواجهته. وأضاف جنينة "الفساد مستشري في الدولة، وعندما نقوم بمواجهته نجد مقاومة شديدة منه، وتتم محاربتنا بصورة شرسة من قِبل بعض وسائل الإعلام الذي يعتبر أول حائط صد للفساد". وتابع "هناك أصحاب نفوذ وأصحاب قوى يدافعون عن نفوذهم وأصحاب سلطة يدافعون عن سلطتهم، وأصحاب هوى في استمرار الفساد يدافعون عن هذا الهوى، وكل هذا المجموع يقف عائقًا أمام الإصلاح". واستطرد جنينة "الفكر والعمل الذي قامت ضده الثورتين مازال مستمرًا، ولم يتغير أي شيء، وهو ما يشعر به رجل الشارع، وهناك عدم تكافؤ في الفرص، وهذا الفكر الذي ما زال معمولا به في مؤسسات الدولة يسبب احتقان المواطن، وهو موجود في المنظومة الأمنية والقضائية, وغيرها من المؤسسات". وفي أحدث تصريحات له, قال جنينة أيضا :" إنه أحال مئات قضايا الفساد للنائب العام، وأقل من سبعة فقط تم التحقيق فيها"، مشيرًا إلى أنه "في معظم القضايا لا يرد مكتب النائب العام على التقارير المرسلة.. لا أستطيع القول إنهم أوقفوا كافة التحقيقات، لكنهم لا يردون على طلباتنا". وأضاف جنينة في حوار مع وكالة "أسوشييتد برس" في 18 إبريل "عندما أرسل تقريرا، ينبغي عليهم الرد عليه، ولكن ما يحدث أنهم لا يفعلون ذلك، وليست لدينا أي وسيلة لمعرفة موقفهم من هذه الملفات التي أحيلت إليهم.. وإذا لم تتابع النيابة هذه الملفات، فليس لنا إلا الله".
وتابع "منذ عقود طويلة، يشتكي المصريون من فساد المسئولين، الذي كان أحد العوامل الرئيسية التي أشعلت ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالديكتاتور حسني مبارك.. كثير من المسؤولين ينظرون إلي ويقولون إنني مجنون لما أقوم به، ما أسعى للقيام به هو أن أصدم المجتمع لتصحيح الأمور ووضعها في نصابها.. مصر دولة على وشك التلاشي جراء الفساد, الذي ترتكبه الأنظمة المتعاقبة". وأبرزت "أسوشييتد برس" السيرة الذاتية للمستشار جنينة, مشيرة إلى أنه كان ضابطا بالشرطة في سبعينيات القرن الماضي، وأصبح مدعيا عاما، ثم عمل في مجال القضاء لمدة ثلاثة عقود, وتم تعيينه بعد ذلك رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات من قبل الرئيس المصري المعزول محمد مرسي. ونفى جنينة أي صلة له بالإخوان، أو أن يكون متعاطفا معهم ، وسخر من تلك الاتهامات - حسب "أسوشييتد برس"- بضحكة مكتومة : "إذا كان هناك أي دليل على انتمائي لجماعة الإخوان، سأعتبر عضوا في جماعة إرهابية الآن، وقد لا أستمر في الجهاز". واستطرد "في عهد مرسي، أجريت للمرة الأولى تحقيقات في الإنفاق الرئاسي، ووجدت أن دخل مرسي وصل إلى 100 ألف دولار، وهو ما اعتبرته مخالفة.