منظّر "الجماعة الإسلامية": الحركات الإسلامية تبالغ في استخدام النساء سياسيًا فقط في مصر المنتصر سياسيًا هو مَن يكتب الدستور لن يمحو دستور 2013 الهوية الإسلامية من مصر التيار الإسلامي يحتاج إلى أربع نقاط رئيسية للخروج من محنته.. و"النور" ليس له دور مؤثر في الحياة السياسية لن أتولي أي منصب في أي حزب وفي أي جماعة وأرفض أي منصب في الدولة حوار - رويدا خالد "لن أعود قائدًا في أي تنظيم أو حزب، ولن أتولي أي منصب في أي حزب وفي أي جماعة وأرفض أي منصب في الدولة ولا أريد الاقتراب من أي حاكم؛ لأن مهمة الداعية أن يضمك إلى ربك، بينما مهمة السياسي أن يضمك إلى حزبه".. هكذا بدأ الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، حواره مع "المصريون"، والذي أكد فيه أن تيار الإسلام السياسي يحتاج إلى مراجعات في عدة نقاط؛ حتى يعود كما كان ويصبح مؤثرًا في الشارع السياسي، وأن الدستور المصري أصبح مادة للصراع السياسي في مصر، وأنه على الحركة الإسلامية ألا تتوسع في استخدام النساء في الصراع السياسي، وهناك حالة من الإفراط في استخدام النساء في السياسة وبشكل يضر مهمتها الرئيسية كأم وزوجة وابنة صالحة، وأن حبس المستشار محمود الخضيري يعد سابقة خطيرة لم تحدث من قبل حتى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. والى نص الحوار .....
*في البداية ما رأيك في تخفيف الحكم على فتيات 7 الصبح إلى سنة مع إيقاف التنفيذ؟
**لقد آلمني القبض على فتيات تنظيم "7 الصبح" ألمًا شديدًا لأنني أعرف السجن وقسوته وشدته، فقد مكثت فيه قرابة ربع قرن كامل، ولولا الله والقرآن ثم شغل نفسي في كل لحظة بعمل أو علم مع رعاية الله لأمثالي من الغلابة المفتقرين إليه ما صبرت وما رضيت، لقد كنت راضيًا عن الله طوال سجني لم أسخط عليه سبحانه ولا على قدره بل وفقني الله لحب هذا القدر والتعايش معه، لقد آلمني أن يوضعوا في نفس السجن الذي مكثت فيه عدة سنوات ولقد ذهلت من هذا الحكم على الفتيات الصغيرات، خصوصًا أن منهن إحداث سيذهبن إلى دار الرعاية وما أدراك ما دار الرعاية. *هل تقع مسئولية على الحركة الإسلامية في الاستخدام المبالغ للمرأة في المظاهرات والاشتباكات؟
*أناشد الحركة الإسلامية ألا تتوسع في استخدام النساء في الصراع السياسي، فقد لاحظ الجميع أن هناك حالة من الإفراط في استخدام النساء في السياسة وبشكل يضر مهمتها الرئيسية كأم وزوجة وابنة صالحة، وقد ندمت السيدة عائشة على خروجها في موقعة الجمل في الصراع السياسي ضد سيدنا علي، وأذكر الجميع "رفقًا بالقوارير" فإن لم ترفق الحكومة ببناتنا فلنترفق نحن بهن وإذا لم ترحمهن الحكومة فلنرحمهن نحن.
*ما رأيك في القبض على المستشار محمود الخضيري؟
**حبس المستشار محمود الخضيري يعد سابقة خطيرة لم تحدث من قبل حتى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، فكيف يقبض على رجل من كبار رجال القضاء المصري الشوامخ الذين أثروا الحياة القضائية وكان من أقطاب تيار الاستقلال وهو سياسي متميز كان عضوًا سابقًا بالبرلمان، ثم كيف يقبض على رجل جاوز السبعين من عمره لآراء سياسية تخالف الدولة أو تصطدم مع توجهاتها، وكيف يتهم بتعذيب محامٍ وهو يتحرك ويمشي بصعوبة، فالحكومة بذلك تحشد الأعداء وتجمع الخصوم وتتبع سياسة الأرض المحروقة، وهذا يضرها قبل أن يضر خصومها، وإذا كانت النيابة تحتاج إلى سؤال واستفسار من المستشار الخضيري، فليذهب بنفسه إلى القضاء معززًا مكرمًا ليدلي بأقواله ثم ما هذا الصمت المريب لنادي القضاء ومجلس القضاء الأعلى على هذا الأمر المخجل والعدل أساس الملك.
*هل الدستور أصبح مادة للصراع السياسي في مصر ؟
**نعم فالدستور في كل الأمم هو باب لتوحدها وتآزرها واجتماع شملها، ولكننا في مصر يعد بابًا من أبواب الصراع السياسي، وسببًا من أسباب الاستقطاب السياسي الحاد وكلما قام فصيل سياسي مصري بكتابة الدستور أقصى الفصائل الأخرى، لقد أصبح الدستور ككل شيء في مصر كمادة خصبة للاستقطاب والصراع السياسي، فإذا كتب الإسلاميون الدستور في مصر وافق عليه كل الإسلاميين وحلفائهم حتى دون أن يدققوا فيه أو يعرفوا ما فيه وحشدوا له الجميع ليقولوا "نعم" فالمهم الثقة فيمن كتبه، أما أنصار القوى المدنية وحلفاؤها وخصوم الإسلاميين فإنهم يرفضونه أيضًا دون أن يقرءوه أو يدققوا فيه أو يعرفوا عنه شيئًا أو يفحصوا إيجابياته وسلبياته، وذلك لمجرد كراهيتهم وعدم ثقتهم فيمن كتبه كما حدث مع دستور مصر سنة 2012. أما إذا كتبت القوى المدنية الدستور فإن الإسلاميين وحلفاءهم جميعًا يعقدون العزم على رفضه ومقاطعته قبل الشروع في كتابته أو دون أن يقرأوه أو يدققوا فيه أو يفحصوا إيجابياته وسلبياته كراهية لمن كتبوه بصرف النظر عن المكتوب نفسه وتقوم القوى المدنية وأنصارها وحلفاؤها بالتأييد والحشد له "بنعم" حتى دون أن يقرءوه حشدًا لصفهم ونكاية في خصومهم باعتباره معركة من المعارك الفاصلة بينهم وبين خصومهم.
*لماذا يكتب المنتصر سياسيًا الدستور في مصر دون سواه؟ أليست هذه ظاهرة سلبية؟
**الدساتير في كل أمة يكتبها الممثلون عن الأمة والمختصون في هذا الشأن للأمة كلها دون استثناء إنهم يكتبونها للمنتصر والمهزوم سياسيًا وللفقير والغني والعامل والفلاح ورجل الأعمال الغني يكتبونها للجميع بلا استثناء، ولكن في مصرنا المضحكة المبكية يكتب الدستور دائمًا المنتصر سياسيًا ليكرس سلطته وانتصاره ويدعم القوى والمؤسسات التي تتحالف معه دون سواها إنه يكتب الدستور لنفسه وأعوانه مع أن الأصل أن المنتصر الذي يكتب الدستور عليه أن يراعي المهزوم سياسيًا لعله يكون مثله بعد حين ويراعي الفقير قبل الغنى لعله يلحق بالفقراء بعد حين ويراعي السجين قبل الحر لعل كاتبيه يدور بهم الزمان ويزورون السجون كما زارها من كتبوا الدساتير من قبل ولا يعطى مؤسسة فوق حقها ولا يهضم الآخرين حقهم ولا تخضع لآخرين يريدون اكتساب ما لا يستحقونه لأنهم أقوياء أو يهضم آخرين حقهم لأنهم ضعفاء وقت كتابة الدستور.
**هل تعتقد أن دستور 2013 سيلغي الهوية الإسلامية لمصر كما يردد البعض؟
* البعض هلل أثناء دستور سنة 2012 أن هذا الدستور سيحيي الإسلام في مصر والبعض الآن يبكي ويصرخ قائلا: إن دستور سنة 2013 سيضيع الإسلام ويمحوه من مصر وسيلغي الهوية الإسلامية لمصر! والحقيقة أن الإسلام كان قبل الدساتير وسيكون بعدها وسيبقى حتى دونها والإسلام أعظم من الدساتير وأكبر منها ولن يحدد أي دستور حاضر الإسلام أو مستقبله في مصر أو بقائه أو حياته أو موته أو ازدهاره أو انكماشه، فالإسلام لا يوجده ولا ينشره دستور كتب فيه اسمه ولا يلغيه دستور لم يكتب فيه اسمه وشريعته ولو كتب عن الإسلام وشريعته في كل مادة من مواد الدستور ولم تتشرب النفوس والقلوب والضمائر هديه وتعاليمه وشريعته ما أغنت مواد الدستور شيئًا وما نفعت الإسلام في شيء ولا أفادته قيد أنملةً، فالإسلام ليس كسائر النظم الوضعية، فالإسلام جاء ليخاطب الضمائر والنفوس والقلوب في المقام الأول فإن استقر فيها استقر في الكون كله وقاد الدنيا بأسرها وإن لم يستقر فيها فلا قيمة لوجوده في الدساتير أو القوانين وهذا لا يقلل من قيمة وجود الإسلام كدين رسمي للدولة في الدساتير والقوانين وهذا لا يقلل من قيمة كتابة النص على أن الشريعة الإسلامية أو مبادئها هي المصدر الأساسي للتشريع، ولكن وجود هذه النصوص لا تصنع الإسلام وغيابها لن يضيع الإسلام والإسلام يزدهر وينمو بوجود القدوة والدعوة التي تحمل رسالة السماء بحق وصدق وتحسن نشرها بين الناس وتحبب الخلق في الحق سبحانه.
*وما المشكلة الحقيقية في الدساتير المصرية؟
*أغلب الدساتير المصرية قديمًا وحديثًا جيدة ولكن لا قيمة لهذه الدساتير إلا إذا طبقت فمشكلة مصر والعالم الثالث ليست في الدساتير والقوانين ولكن في عدم تطبيق هذه الدساتير على أرض الواقع، فالدستور كان يحرم ويجرم التعذيب في عهد مبارك ولكنه ظل منهجًا متواصلاً طوال عهده رغم ذلك، فالمهم حمل الحكام على تطبيق وتنفيذ الدساتير قبل أن يشعل بعضنا النار في بعض كلما صنع فريق من المتنافسين سياسيًا دستورًا لمصر.
*ما أهم المراجعات التي يحتاجها تيار الإسلام السياسي لينجو من محنته؟
تيار الإسلام السياسي يحتاج إلى مراجعة في عدة نقاط وهي على النحو التالي؛ أولا التضخم المرضي للذراع السياسية للحركة الإسلامية على حساب الذراع التربوية والدعوية والاجتماعية، وثانيًا لابد من الفصل بين الجماعات مثل جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية والدعوة السلفية وبين أحزابها السياسية، بحيث لا تتدخل الجماعات في عمل الأحزاب السياسية ولا تتدخل الأحزاب في عمل الجماعات الدعوية، وثالثًا التمييز بين فقه الجماعة وفقه الدولة، فالكارثة التي حدثت في الفترة الماضية كانت نتيجة قيادة الدولة بعقلية الجماعة، ومحاولة إلغاء مؤسسات الدولة لحساب الجماعة، ورابعًا التمييز بين العقائدي الثابت والسياسي المتغير، والاعتقاد عملاً وسلوكًا بأن الإسلام المعصوم يختلف عن الحركة الإسلامية غير المعصومة، وأن الإسلام المعصوم يختلف عن الإسلامي غير المعصوم، وأن الإسلام المعصوم يختلف عن الفكر الإسلامي غير المعصوم. وإذا حدثت مراجعات من قبل أبناء الحركة الإسلامية في كل هذه النقاط، فبلا شك سوف يستمر تيار الإسلام السياسي، وسوف يتجاوز محنته الراهنة.
* هل يكون لحزب النور دور مؤثر في الحياة السياسية القادمة؟
حزب النور ليس له دور مؤثر في الحياة السياسية ولكن له دور مؤثر في مجالي الدعوة والتعليم، وأعتقد أنه سيظل كذلك في المرحلة القادمة.
* ما صحة ما يقال عن عودتك لصفوف الجماعة الإسلامية وقيادتها خلال الفترة القادمة؟
** لن أعود قائدًا في أي تنظيم أو حزب ولن أتولي أي منصب في أي حزب وفي أي جماعة وأرفض أي منصب في الدولة ولا أريد الاقتراب من أي حاكم فالدعاة أكبر من الحكام وأجل وأنا أريد فقط أن أكون كتابًا مفيدًا بلا عنوان، وأن أعيش داعية، وأموت داعية أحبب الخلق في الحق، أدعو الجميع إلى الحق والعدل ودعوة الإسلام الحقيقية دون أن أنتمي لأي حزب أو جماعة، فالداعية ملك للجميع، وأب للجميع، ومهمة الداعية أن يضمك إلى ربك، بينما مهمة السياسي أن يضمك إلى حزبه.