في إطار المبادرات المتلاحقة التي تصدر من أشخاص أو أحزاب أو مؤسسات أو علماء لمحاولة إنقاذ مسار الوطن والثورة من الانسداد الخطير الذي قسم الوطن ومزق الدولة ووضعنا جميعًا على حافة الخطر، أصدر مركز الحضارة للدراسات السياسية مبادرة جديدة لمحاولة الخروج من الأزمة، ومركز الحضارة هو مركز بحثي وعلمي يقوم عليه نخبة فكرية وعلمية من أمثال الدكتورة نادية مصطفى والدكتور سيف عبد الفتاح والدكتورة هبة رؤوف، وهي شخصيات تحظى باحترام لدى التيار الإسلامي، ولكنها مستقلة ولا تنتمي ظاهرًا أو باطنًا إلى حزب أو جماعة أو أي حساب سياسي مباشر، والمبادرة أو خريطة الطريق كما أسماها المركز تقوم على ثلاثة مستويات، المستوى الأول: إعلان السيد الرئيس عن اتخاذ حزمة من القرارات تعكس إرادة الشعب أهمها: * الإعلان عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني يشارك فيها الجميع; لتحقيق التوافق اللازم لإدارة الدولة, واختيار رئيس وزراء قوي, يتمتع بحنكة سياسية وخبرات اقتصادية وقانونية وإدارية. - الاتفاق على تكوين لجنة لمتابعة وتنسيق الجهود بصدد حصر خريطة أو تعديل المواد المختلف عليها في الدستور لتحقيق توافق وطني حول الدستور. الإسراع بالإعلان عن موعد إجراء انتخابات مجلس النواب, بعد الاتفاق على تعديل قانون الانتخابات وقانون مباشرة الحقوق السياسية, وعدم التأخير في عقد الانتخابات تحت أي ذريعة. - العمل على تمكين الشباب من ممارسة دورهم المحوري في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية, وعلاج محاولات التهميش والإقصاء التي سادت المرحلة السابقة. - عدم احتكار فصيل واحد لإدارة الدولة وتهميش وإقصاء باقي التيارات, وإعمال مبدأ المشاركة وتوزيع المسئوليات, والاعتماد على أهل الكفاءة والخبرة. - إعادة بناء الثقة بين سلطات الدولة, وبناء جسور الحوار والتعاون حول مشروعات تعديل قانون السلطة القضائية, وإرجاء ذلك لمجلس النواب عند انتخابه, على أن يقدم مشروع التعديل من المجلس الأعلى للقضاء. وحل مشكلة النائب العام, من خلال إجراء حوار بين جميع الأطراف المعنية به من أجل التوصل إلى ما يحقق مصلحة الوطن من خلال وضع منظومة متكاملة للعدالة الناجزة. المستوى الثاني: حال تعذر قيام الرئيس باتخاذ القرارات التي يتطلبها المسار الأول يتم الاحتكام إلى الدستور، وخاصة المادتين (5 و150) اللتين تؤكدان أن السيادة للشعب يمارسها ويحميها, وأن لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل المهمة التي تتصل بمصالح الدولة العليا. وهنا يتعين على الرئيس استفتاء الشعب وأخذ رأيه في استكمال الرئيس مدة رئاسته من عدمه، وفي حال موافقة الشعب يجب أن يحترم الجميع إرادة الشعب, وفي حال رفض الشعب يقوم الرئيس بإدارة الانتخابات الرئاسية المبكرة وتسليم السلطة; وهو ما يقي مصر وشعبها سقوط أي ضحايا أو وجود فراغ سياسي في السلطة أو انهيار اقتصادي أو أمني. المستوى الثالث: حال تعذر المسارين الأول والثاني, فهناك خطورة أن يستمر تحالف وتحريك بعض قوى الثورة المضادة لقوى أخرى، من أجل الاستمرار في الوقفات والاعتصامات والإضرابات والعصيان المدني, والإعلان عن خطط الانقلاب على الشرعية والنظام القائم. ولا شك أن مرور الوقت دون قرارات رشيدة، فإنه يمنح الفرصة لمثل هذه المسارات المعوجة أن تثير الأوضاع أكثر بما لا تحمد عقباه. إن من أوجب الواجبات تغيير المناخ الذي يمنح مثل هذه الممارسات الفرصة لمزيد من العنف والفوضى. هذه هي خريطة الطريق التي يقدمها مركز الدراسات السياسية، وقد لاحظت أنها تتقاطع مع مبادرات إسلامية عديدة نشطت خلال الأيام الماضية، وبعضها لم يكتب له الإجماع بسبب التردد والقلق من المزايدات والاتهامات، وكان المحور الأساس فيها جميعًا هو دعوة الرئيس لاستفتاء شعبي حول بقائه من عدمه، وعلى مسؤوليتي الدينية والأخلاقية والوطنية، فإن هذا الاختيار الآن يتعاظم بين النخبة المحيطة بالرئيس وحلفائه من غير الإخوان حتى أكثرهم تشددًا، وعند علماء كثر، وتدور حوارات عديدة غير معلنة تفضي جميعها إلى هذا الاختيار، ولذلك أرجو أن يكون هناك تفكير جدي وشجاع من مؤسسة الرئاسة ومن الإخوان المسلمين في هذا المقترح وتلك المبادرات، لأن التأخر أو التردد أو التحجر السياسي ضرره أكثر من نفعه، ويجعل فرص الحل أقل وخيارات إنقاذ الوطن أضيق، وقد كان حزب النور قد طرح مبادرة قبل عدة أشهر سقفها أخفض من ذلك بكثير، وقبلتها جبهة الإنقاذ، وكان يمكن أن تحل المشكلة من جذرها، ولكن رفضها الإخوان بغضب وعصبية وانشغلوا بهجاء حزب النور والتشهير به واتهامه بأنه يضع يده في يد الفلول والجبهات المعادية، وأظن أن مسارات الأحداث الآن بعيدًا عن أي مجاملات لم يعد لها مكان ولا معنى أصلًا تعيد الاعتبار الأخلاقي والسياسي والوطني لحزب النور ومبادرته الشجاعة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.