ما زال كاهن الناصرية هيكل يخرج علينا من إحدى قنوات الفلول لتحليل الأحداث وتنوير المشاهدين الغافلين عن الحقائق الكبرى التى يجود علينا بها الكاتب الأوحد وفى إطلالته الأخيرة تناول الملفين السورى والمصرى مرتدياً ثوب الحكيم الذى يحيط بأسرار الأحداث مصوراً الثورات بأنها بدأت كربيع عربى ولكنها تحولت لأمر آخر وكعادته يُظهر بعض الحقائق تبدو مهمة إلا أنه يسكت عن أخرى أكثر أهمية، ثم تطرق للشأن الداخلى مقدماً صورة سوداء لمصر، ومؤكداً أن الثورة لم تصل للحكم بل ناله من لا ينتمون لها.. ونحن نوجه للكاتب الأوحد عدة تساؤلات حول ما يطرحه من أفكار مغلوطة تخلط بين الحقائق والأوهام: 1- يصف هيكل الثورة السورية بأنها مصنوعة عبر أموال الخليج وأن مقاولى الحرب يتوجهون إلى سوريا وأن كثيرا من العمال والمزارعين العاطلين يقاتلون النظام كمرتزقة، ونحن نسأله هل من المعقول أن يخوض السوريون حرباً غير متكافئة ضد نظام فاشى فيضحى أحدهم بنفسه لقاء 100 دولار؟ أم أن هؤلاء المغدورين اضطروا لخوض حرب فى سبيل تحرير سوريا من نظام شمولى طائفى يسفك دماء شعبه ليل نهار؟ فهؤلاء البسطاء يخوضون حرباً مفتوحة بأسلحة خفيفة ضد دبابات وطائرات جيش نظامى لا يتورع عن قصف المدنيين فى البيوت والمساجد وأفران الخبز، هل هم مرتزقة كما يدعى الأستاذ؟ أم أنهم أبطال فدائيون يحررون وطنهم من الطغيان؟ 2- يرى الأستاذ أن الرئيس مرسى قد أخطأ حين أكد منذ اليوم الأول (موافقاً للموقف العربى) على ضرورة رحيل نظام بشار المجرم عن سدة الحكم فى سوريا زاعماً أن الرئيس كان يجب عليه دعوة بشار ليناقشه فيما يحدث؟! لكن الأنكى أن الرجل يزعم أن المجازر الدموية يقوم بارتكابها الجانبان على حد سواء!! ونحن نسأله لم نسمع أحداً يزعم أن المقاومة السورية ترتكب مجازر غير النظام المجرم وحلفائه، فهل تسوق لهم وتخفف من جرائمهم؟ هل تظن أن الرئيس لو استدعى بشار كان ليستجيب ويحضر للقاهرة ليتطهر من ذنوبه ويعترف بجرائمه ويتنحى عن قيادة نظام البعث الطائفى؟ وما هو البديل الذى يقدمه حكيم الزمان الناصرى للشعب السورى المقهور كى يتحرر من نظام البعث الدموى الذى يسوم السوريين الهوان منذ 40 عاماً؟ أم أنه كعادته لا يطرح حلولاً ويكتفى بلعن الواقع الذى لا يروق له لأن خصومه الإسلاميون هم من يبذلون دماءهم ويقودون الثورة السورية الأبية؟ 3- أما عن الداخل فالرجل يجزم بأن الإسلاميين قد وصلوا للسلطة وهم لا يعبرون على الثورة ولا ينتمون لها، لذا فإن الثورة قد تستكمل مسيرتها حتى يصل صانعوها الحقيقيون للسلطة!! والسؤال: هل كان للثورة اتجاه أيديولوجى معين؟ كيف تقصى الإسلاميين عن معسكر الثورة وهم من قاسوا الويلات فى معارضة نظام مبارك طوال 30 عاماً كانوا وحدهم من يقاسون ويُعتقلون ويبطش بهم أمن الدولة ويقصيهم من وظائفهم ويقتحم بيوتهم، ثم كانوا فصيلاً رئيسياً فى ثورة يناير واستشهد منهم الكثيرون قبل أن يعترف القاصى والدانى بدورهم البطولى فى موقعة الجمل؟ هل يستطيع الأستاذ أن ينكر هذه الوقائع الدامغة؟ أم أنه يحصر الثورة فى النشطاء اليساريين الوصوليين الذين يحتكرون الحديث باسمها فى إعلام الفلول؟ 4- يرى الأستاذ أن الإسلاميين ينتمون للماضى وليس للمستقبل، وبالتالى فتجربتهم محكوم عليها بالفشل لا محالة!! ولا ندرى كيف يصدر هذا الحكم المطلق؟ وما هو دليله؟ وأن الرئيس والإخوان لا يستطيعون التفريق بين الدولة والسلطة، لذا يخوضون معركة مع القضاء لأنه يعتبرونه جزءًا من السلطة! مردداً أن مقولة (لن يصلح حال آخر هذه الأمة إلا بما صلح به حال أولها) باطلة، وأن الدين مجرد نور يضىء الطريق فى خلفية المشهد دون أن يتدخل فى سياسة أمور الناس، وكلها أكليشيهات علمانية مستهلكة لن تقلل من شعبية الإسلاميين، والغريب أن من يستمع للسيد هيكل يظن أن الرئيس مرسى والإسلاميين هبطوا لمصر من عصور الإسلام الأولى عبر آلة الزمان الأسطورية!! فهم لا ينتمون لهذا العصر ولا يفهمون معنى الدولة بسلطاتها الثلاثة المستقلة، أليس منهم أستاذة العلوم السياسية وأساتذه القانون؟ (رحم الله الشهيد عبدالقادر عودة الفقيه الدستورى الذى أعدمه صديقك ناصر). وختاماً، نسألك لماذا اندثر الفكر القومى والناصرى الذى تمثله وانطلقت الفكرة الإسلامية التى حاربتموها عقوداً طويلة بالتضليل الإعلامى والبطش الأمنى؟ لماذا يمثل الإسلاميون القوة الحقيقية فى الشارع المصرى والعربى، بينما العلمانيون والناصريون لا وزن لهم رغم كل ما تنسبه لتجربة ناصر من مجد زائف وزعامة مزورة عبر استفتاءات ال99.9%.. هلا خبرتنا يا حوارى الزعيم الأوحد؟ [email protected]