النظام الجديد يغنى عن الدفاتر والأوراق.. أزهريون: الأخطاء واردة بهذا النظام ولا نشجعه.. و«دينية النواب»: يعالج الأخطاء البشرية فى التوثيق ولا يخالف الشريعة. لم يعد عقد الزواج يتم بالطريقة التقليدية المعتادة في عصر باتت فيه التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية تسيطر على كل شيء، بعد أن شرعت مصر مؤخرًا في إبرام عقود الزواج بشكل إلكتروني، ما أثار جدلًا واسعًا بين المعنيين بالأمر. وقال إبراهيم علي، رئيس صندوق المأذونين الشرعيين في تصريحات تليفزيونية، إن "التوثيق الإلكتروني يعد نقلة حضارية ونوعية في تسجيل عقود الزواج؛ لأنه يواكب التطور التكنولوجي في توثيق عقود الزواج والحفاظ عليها، إضافةً إلى أنه يمنع وقوع أي خطأ في الزواج، ويمنع تسجيل أي حالات للفتيات الأقل من 18 عامًا، ويكشف بيانات الحالة الاجتماعية للزوجين"، موضحًا أن "العقد مطابق تمامًا لشروط الشريعة الإسلامية". ويتم توثيق البيانات إلكترونيًا بشكل كامل والاستغناء عن العقود الورقية، عن طريق المأذون الإلكتروني، وتستهدف المنظومة الجديدة القضاء على زواج القاصرات؛ بحيث لا يمكن توثيق العقود إلا من خلال بيانات الرقم القومي الذي يتم فيه إثبات تاريخ الميلاد، إضافةً إلى التحقق من عدم وجود مانع يحول دون الزواج مثل النسب، أو أن تكون الزوجة على ذمة رجل آخر أو لم تتجاوز فترة العدة، أو أن يكون الزوج في عصمته أربع سيدات، كما تساعد المنظومة في تحديث البيانات بشكل سريع، وتكوين قاعدة بيانات حديثة عن نسب الزواج والطلاق. ويقتضي العمل بهذه المنظومة تدريب المأذونين على استخدام "التابلت" البديل عن الدفاتر الورقية، والذي من خلاله يتم إدخال بيانات الرقم القومي للزوجين والشهود عبر برنامج متصل عبر الإنترنت. ويحصل الزوجان على عقد الزواج المميكن، وفقًا لما صرح به المهندس خالد العطار، نائب وزير الاتصالات، على هامش افتتاحه 5 مراكز تموينية متطورة في بورسعيد، وهى المحافظة الوحيدة التي شهدت تطبيق المنظومة الجديدة على مستوى الجمهورية. وأعلنت وزارة العدل في أكتوبر الماضي، إعداد وثائق زوج وطلاق جديدة مميكنة ومؤمنة بنسبة 100% من التزوير أو التقليد أو التحريف، بما يساهم تطبيق نظام وثيقة الزواج المؤمنة إلكترونيًا في أن يحصل المواطن على نسخ إضافية لوثيقة الزواج الخاصة به كشهادات الميلاد. وقالت الوزارة آنذاك إن من شأن توثيق الزواج إلكترونيًا القضاء على تزوير الوثائق، ومنع زواج القاصرات التي لم يبلغن ثمانية عشر عامًا، والتحقق من عدم وجود مانع يحول دون الزواج. وقال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، إن "الزواج الشرعى يتطلب وجود ولى للزوجين وشهود، وتوثيق وإعلان، وعقد قران فى مسجد، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أعلنوا الزواج وأجعلوه فى المساجد"، لذلك لابد من وجود هذه الشروط، والتوثيق الإلكترونى أو غيره، باطل صريح، لأن النبى أعلن أن الزواج من السنة وما خالف السنة ليس منها". وأضاف ل"المصريون"، أن "القرآن الكريم أعطى للمرأة المسلمة حقها: "وأتوا النساء صدقاتهن نحلة"، لكن الزواج الإلكترونى لا يعطى نحلة ولا غيرها، وهذا تعالٍ وتكبر على شرع الله، فمعنى ذلك أن الشرع أمر ولى الزوجة وهو الأب أو الأخ أن يستشيرها ويعرض عليها بأن المتقدم لها صفاته معينة ويمتاز بكذا وكذا، ولكن عند تطبيق الزواج الإلكتروني لا يتم فعل ذلك". ورأى عضو هيئة كبار العلماء، أن "زواج القاصرات ليس له علاقة بقريب أو بعيد بالتوثيق الإلكترونى ولا يساعد فى الحد منه"، قائلاً في الوقت ذاته إن "زواج القاصرات باطل بكل ما يتم به، لأن المأذون يكتب إيصال أمانة على والد الزوجة أو على أخيها، وهذا مخالف لإرضاء ولى الأمر ومضيع لحقوق البنت ومستقبلها، والمسئول عن هذا الزواج أولًا وأخيرًا المأذون، وإذا خالف وقام بعقده يجب سجنه". وأيده الرأي الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مستنكرًا فكرة الزواج الإلكتروني، قائلاً إنه قد يترتب عليه أخطاء؛ لأن "هذا الزواج لا يتفق مع الأصول التى نص عليها الدين فى الزواج". وأضاف ل "المصريون": "ما أدى إلى نشر هذه الفكرة هو التغافل عن تعاليم الدين وانعدام الثقافة، فضلاً عن أن المجتمع المصرى يحب التجارب ويلتف حول كل ما هو غير تقليدي". فيما رأت لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب أن الزواج الإلكتروني لا يخالف الشريعة الإسلامية. وقال النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة، إن "فكرة توثيق عقد القران إلكترونيًا عن طريق "اللاب توب" لن تؤثر على الإطلاق فى القواعد والإجراءات الطبيعية التي يعمل بها المأذون". وأضاف ل"المصريون"، أن "التغيير سيكون في ميكنة العقد لتسهيل الأمر وتسريعه، كما أن المأذون سيضع البيانات إلكترونيًا أثناء عقد القران، ما يمكنه من اكتشاف المشكلات فورًا التي قد تواجهه بعد ذلك أثناء توثيق العقد ورقيًا". وقال النائب حسام الصيرفى، عضو اللجنة: "الزواج الإلكتروني لا يزال في مرحلة التجربة ولم يُعمم بعد، وأي إشكاليات ستظهر مستقبلًا من الممكن معالجتها، لكن تنفيذ الفكرة إلكترونيًا سيقلل الأخطاء المرتبطة بالموظفين في الشهر العقاري، وهذا القرار ليس به أى مخالفة للشريعة الإسلامية، لأن التوثيق إذا كان مرتبطًا بقاعدة بيانات دقيقة ومُفعلة يساهم في توفير أي معلومات يحتاجها الطرفان". وتابع: "علينا الردع بوسائل أخرى للحد من زواج القاصرات؛ لأن الميكنة لن تكون حلًا نهائيًا، لأن الأمر مرتبط بظروف مالية وثقافية وتعليمية، وتطوير الإجراءات لا يعني القضاء على الظواهر الخاطئة ولكن التصدي لها يترتب عليه معالجة الظواهر من الأساس". وقال نبيل الجمل، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، على الأمر، إن "هذا الزواج قائم على استبدال الدفاتر الورقية بالتابلت ويساهم في اختصار الإجراءات والوقت والمجهود لا يعد مخالفًا للشرع، ولا يخل بأركان عقود الزواج، ويحصل الزوجان على قسيمة ورقية". وأضاف: "هذا التوثيق الإلكتروني يحتاج إلى تعديل لائحة المأذونين، التي تنص على إجراءات معينة لتسجيل عقود الزواج، ليس من بينها التوثيق الإلكتروني". وتابع في تصريحات إلى "المصريون"، أن "توثيق الزواج إلكترونيًا يمنع التلاعب بالقوانين الخاصة بالأحوال الشخصية وخاصة المتعلقة بزواج القاصرات، وتعدد الزوجات لأكثر من أربعة بالنسبة إلى المسلمين، أو زواج الثانية للمسيحي". من جهته، قال النائب عفيفى كامل، عضو اللجنة، إن "التحول إلى الدولة الرقمية أمر في غاية الأهمية، لكن مقترح المأذون بالتابليت بحاجة إلى ضوابط لتطبيق مقترح الزواج الإلكتروني أو المأذون بالتابلت". وأضاف أن "المقترح جيد للغاية، حيث إنه يقلل من عملية التزوير ومشاكل الزواج والتلاعب في عقود الزواج"، متابعًا: "لكن لابد من الإجابة عن بعض التساؤلات حول القرار، والتي تتعلق بعدم توافر شبكة الإنترنت في كافة أنحاء الجمهورية، مما يعوق عمل التابلت المتواجد بحوزة المأذون، إضافة إلى طريقة توقيع العروسين على عقد الزواج".