مصطلح الكتلة الحرجة للإنطلاق أو الإنفجار يطلق علي أقصي وزن يصل إليه عنصر مستقر مثل اليورانيوم 235 يصل إليه العنصر دون أن يتسبب في إنفجار، وهو مستقر طالما لم يتجاوز الكتلة الحرجة لذا فإنه إذا صنعت منه قنبلة ذرية توضع في جزأين-قطعتين-منفصلتين بحيث كل قطعة يجب أن تكون أصغر من الكتلة الحرجة، وعندما يراد تفجيرها تضغط الكتلتين معاً بحيث تتجاوز الكتلة الحرجة، في تلك اللحظة تبدأ سلسلة من التفاعلات يتبعها إنفجار مدمر. بعض الحكومات في سياساتها مع مواطنيها قد تتجاوز الكتلة الحرجة من الضغوط وتتعامل معهم بمفهوم أن عليهم أن يتحملوا مهما كانت الضغوط، وخاصة المواطنين الفقراء، لكن وما إن أن تتجاوز ضغوط المعيشة الكتلة الحرجة، تتجه الأمور وتأخذ منحي خطيربينهما قد لا تحمد عقباه، خاصة إذا إستولت المشاعر الإندفاعية علي زمام الأمور والتي فيها يغيب العقل بحيث لا أحد يستطيع أن يوقف التسونامي المدمر. في سياق كتلة الضغوط الحرجة، حكي لنا رجل فاضل رحمه عن جيرانه وكانت أسرة الأب فيها مستبد برأيه وديكتاتور في أوامره ويتحكم في كل صغيرة وكبيرة تخص الأسرة فضلاً عن قسوته في التعامل مع أفراد الأسرة، وكان له إبن متزوج ويعيش معه في نفس المنزل، وكان الأب يردد علي إبنه منذ الصغر يجتزأ كلمات "ولا تقل لهما إف" التي جاءت في الأية الكريمة من سورة الإسراء "وَقَضَى? رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ? إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" ونظراً لخوف الإبن من معصية الله فكان يتحمل قسوة وإهانة من أبيه، لأنه يلوح له عندما يبدو منه أو يري من إبنه أي تبرم أو إعتراض مؤدب علي قراراته التي كان معظمها دوجمائية ومبنية علي الإستبداد بالرأي تحت شعار "إذا تحدث الرجال الكبار فعلي الآخرين أن يطيعوا". مع كثرة الضغوط التي تعرض لها الإبن، ونظرأ لما يراه من معاملة كريمة وإنسانية يتلقاها أصحابه من أباءهم حيث يتشاورون في الأمور التي تخص مصالحهم، فضلاً عن قدر كبير من الإستقلالية والخصوصية في حياتهم، فنظر الإبن لنفسه فرأي أنه ميت يعيش بين الأحياء، فقرر أن يعبر عن نفسه ويتكلم ويعترض،بعدما تجاوزت بكثير ضغوطه للكتلة الحرجة، وعند أول صدام مع أبيه إنفجر فيه منهاراً ومندداً بكلمات أبيه ومهدداً ومنذراً أمام الجيران "هتقولي ولا تقل لهما إف" لا لا ، وليس هناك من يستطيع أن يردعه أو يوقفه عن التعبير، فإنقلبت الأمور ونظر الأب فوجد نفسه في موقف لا يحسد عليه نظراً لأن حسابات الغلبة في الأمور في صف الإبن، فما كان من الإب إلا أنه بدأ طواعية في تسليم إبنه مقاليد الأمور وكانت نهاية لجبروته وطغيانه، لكن ما حدث صاحبته حسرة الأب وأي حسرة علي تلك النهاية المأساوية.