قابلني زميل في الجامعة يسألني عما إذا ما كنت قد وقعت إلكترونياً علي الطلب المقدم من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات المصرية، لكنني ساءلت نفسي أليست تلك أساليب عاجزة من المفروض أننا نسيناها أوتجاوزناها؟ ومجيباً زميلي هذا: وهل يحتاج أستاتذة الجامعة أن يقوموا بعمل فئوي وتجميع توقيعات بأسلوب أقرب للإذلال والمهانة منه لأخذ أو الحصول علي حقوقهم بعزة وكرامة تليق بمكانتهم وسمو رسالتهم في تعليم وتوجيه الأجيال الشابة الذين تعقد عليهم الآمال في النهوض ببلدنا الحبيب، وكلنا ثقة بأنه إذا وصلت الصورة الحقيقية للسيد الرئيس عما وصل إليه حال أساتذة الجامعة فسوف يستجيب لطلباتهم بما يليق بهم. منذ أيام والدكتور خالد منتصر يكتب في مقالاته بجريدة الوطن عن بعض شكاوي وهموم أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية وآخر مقالاته اليوم 19/4 عنوانه "هل تسمعون صرخات أساتذة الجامعة؟" في مقالاته تلك يتحدث عن مئات الرسائل التي وصلته من أساتذة الجامعة والتي تملأ صندوق بريده بعضها مأساوي ويذكرنا بمقولة المتنبي من مئات السنين (وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا). شكاوي أساتذة الجامعة لو عرفها الذين لا يزالون ينظرون لهم النظرة التي فيها غبطة أو إجلال وتقدير، هؤلاء سوف يتعجبون ويندهشون عندما يعرفون الحقيقة العارية وهو أن أغلب أساتذة الجامعة أصبحوا وفي ظل غلاء الأسعار أقرب للفقراء منهم للطبقة الوسطي حيث يخضعون لقانون تنظيم الجامعات لسنة 1972، كان وقتها ما يتقاضاه أستاذ الجامعة يجعله يعيش بكرامة بل هي أقرب للرفاهية منها للتقشف، هذا المستوي من المعيشة لأساتذة الجامعة وقتها وقبل مآسي وسلبيات الإنفتاح، وضعهم في مكانة كريمة ومميزة في المجتمع للدرجة التي كان يطمح أي طالب بمجرد دخوله أي كلية أن يتفوق أويحرز المركز الأول ليكون معيداً فيها لما يراه في أساتذته والمعيدين من مستوي لائق سواء في الشكل والمضمون. تغيرت المفاهيم وتبدلت الأحوال بل ساءت للدرجة التي أكبر الظن أن معظم طموح الطلاب أن يصبحوا فنانين أو لاعبي كرة أو أي من الوظائف ذات السلطة والبريق المادي والمعنوي، ولا يفضلون بعد تخرجهم أن يعملوا معيدين فيها بإستثناء الذين لا حيلة لهم، نظراً لما يرونه في متوي وأحوال أستاتذتهم والتي تتمثل في صراعهم ولهاثهم كي يبقوا مستورين، يسعي معظمهم للسفر للإعارة وبعضهم يتحايل بشتي الطرق كي يظل في إعارته لما يرونه من تردي أحوال زملائهم الذين يخدمون في البلد. إنقذوا أساتذة الجامعة من الإنحدار في كل شيء وقوة مصر الناعمة، وسوف ينعكس إيجابياً علي إبنائنا وبالأخص شبابنا وتتغير أحوالنا للأحسن بمشيئة الله.