بتكلفة 9.5 مليون جنيه.. افتتاح الجامع الشرقي بقرية العامرة بمنوف    لموظفي الحكومة ..إجازة خاصة بأجر كامل فى 5 حالات    ننشر تفاصيل نجاح "مشروع رأس المال الدائم" في مدارس التعليم الفني بمصر    تحرك برلماني لإجبار أصحاب المخابز على خفض أسعار الخبز السياحي    وزير المالية: مصر تتحرك لبناء نظام قوي للتأمين الصحي الشامل    باستثمارات 800 مليون دولار..اقتصادية قناة السويس تشارك بمؤتمر التعاون بين مصر والصين    5.7 تريليون جنيه حجم توظيفات الحكومة فى الأوراق المالية    وزير خارجية إسبانيا يؤيد انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة ويدافع عن الاعتراف بها    بلينكن: مجموعة السبع ستتبنى حزمة عقوبات أخرى ضد إيران    CNN : إسرائيل ستحتاج لدعم من الحلفاء للدخول بحرب شاملة    فتح ممر إنساني نهاية إبريل.. إعلام عبري: عملية رفح محسومة والسؤال عن توقيتها    قبل مواجهة مازيمبي.. الرباط الصليبي يهدد أحلام الأهلي في الصفقة المنتظرة    استمرار غياب رونالدو.. جدول مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    مصطفي يونس: إخفاء الكرات ليست سببا في هزيمة الأهلي من الزمالك    روديجر: رسالة بيريز سبب انتقالي لريال مدريد    شخص يعتدي على آخر بالضرب حتى الموت بالدقهلية    إدارة الخارجة التعليمية تنهي استعداداتها لامتحانات نهاية العام الدراسي    القبض على مسلح أثناء التنقيب عن الآثار داخل عقار في الوايلي    الحكومة تنفي عودة العمل بنظام "أون لاين" للموظفين يوم الأحد من كل أسبوع    ضبط عاطل وراء سرقة مبلغ مالي من إحدى الصيدليات بالقليوبية    نشر خدمات مرورية بمدينة نصر ومحور شنزو آبي لتوصيل الصرف الصحي    بني سويف.. حملة تفتيش لمتابعة توافر السلع والالتزام بتخفيض الأسعار بالمطاعم والمخابز    هتوحشنا ياخال.. أحمد السقا ينعي الفنان صلاح السعدني    إيرادات السينما أمس.. شقو في المقدمة وأسود ملون يتذيل القائمة    المسرح وأهدافه ضمن نقاشات قصور الثقافة بالأقصر    إبراهيم السمان: تحمست لدور محسن فى مسلسل حق عرب بسبب السيناريو    خطيب الأوقاف يؤكد: الصدق صفة المتقين وطريق الفائزين.. والأيمانات الكاذبة للباعة لترويج السلعة تمحق البركة.. فيديو    لماذا خلق الله الخلق؟.. خطيب المسجد الحرام: ليس ليتعزز بهم من ذلة    فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة.. أفصل الصيغ لها    حياه كريمه.. قافلة طبية مجانية بقرية صنعاء بالوادي الجديد    الصحة: فحص 432 ألف طفل حديث الولادة ضمن الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    رئيس جامعة القاهرة: تخصص الصيدلة وعلم الأدوية تقدم ل 64 عالميًا بالتصنيفات الدولية    ضبط عاطلين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالإسكندرية    بولندا تعلن إقلاع مقاتلات لتأمين مجالها الجوى خلال هجوم روسى على أوكرانيا    وزير الإسكان: صندوق الإسكان الاجتماعي نفذ أكثر من 900 حملة ضمن منظومة الضبطية القضائية    "الانتداب البريطاني انتهى".. رسائل نارية من محمود عاشور لبيريرا    بمشاركة وزير الشباب.. الجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يطلقان أكبر ماراثون رياضي    توريد 799 طن قمح لصوامع وشون القليوبية وحصاد 15 ألف فدان    أعراض التهاب الجيوب الأنفية على العيون.. تعرف عليها    مصر تجدد قلقها تجاه التصعيد الإيراني الإسرائيلى وتحذر من عواقبه    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    "الزمالك مش أول مرة يكسب الأهلي".. إبراهيم سعيد يهاجم عمرو الجنايني    مخرج «العتاولة» عن مصطفي أبوسريع :«كوميديان مهم والناس بتغني المال الحلال من أول رمضان»    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة    خريطة إعلامية تعزز المهنية والمصداقية    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    أخبار الأهلي : موقف مفاجئ من كولر مع موديست قبل مباراة الأهلي ومازيمبي    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    السفير نبيل فهمي: مصر ركيزة أساسية لأمريكا وأوروبا في ظل اشتعال الصراع بالمنطقة    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    فيتو أمريكي يُفسد قرارًا بمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استقلال الوظيفة القضائية
نشر في المصريون يوم 21 - 04 - 2019

تقوم الدولة الحديثة على وجود سلطات ثلاث تمارس أدواراً مختلفة بحسب ما تنص عليه نصوص الدستور من اختصاصات ومهامها بيد أن تلك المهام قد تبدو متداخلة حيناً ومتقاطعة حيناً آخر. ومن شأن هذا التداخل أو التقاطع أن يزيل التمايز بين السلطات ممّا قد يضعف من أهمية توزيع الاختصاصات القائمة على أسس كثيرة لعلّ أهمها هو الوصول إلى حسن الأداء الحكومي في الدولة وضمان سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات.
وهكذا نجد أنَّ السلطة التنفيذية تمارس المهام والاختصاصات التنفيذية في الدولة منها الإدارية والمالية وتنفيذ القوانين كما نجد أن السلطة التشريعية تمارس المهام التشريعية والرقابية في بعض الأنظمة السياسية وفي الوقت نفسه توجد السلطة القضائية وهي تمارس مهمة تطبيق القوانين وحسم النزاعات والرقابة.
و بالرغم من أن الدساتير عادة ما تنصّ على وجود هذه السلطات ، بيد ان الملاحظ عليها انها تولي الاهتمام و الحرص على تبيان تشكيل السلطتين التشريعية و التنفيذية وتفصل مهامهما ما خلا السلطة القضائية حيث تكتفي الدساتير بتبيان الخطوط العامة و الرئيسة في تنظيمها واختصاصاتها تاركة التفاصيل للقوانين العادية ، و بالتالي فإن الدستور يترك السلطة القضائية مرهونة بيد السلطة التشريعية من زاوية تنظيمها ، فأما تأتي نصوص القوانين مفصلة بشأن تنظيم هذه السلطة و بيان اختصاصاتها أو على العكس قد تأتي مختزلة ، و الخشية تكون أن تأتي النصوص حاملة في طياتها جوازاً لتدخل السلطة التنفيذية بتنظيم السلطة القضائية .
وهكذا نكون أمام احتمالات كثيرة بشأن تدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية بعمل السلطة القضائية. من النقطة المتقدمة يظهر مبدأ استقلال القضاء بوصفه من المبادئ الدستورية التي تجعل السلطة القضائية بعيدة عن احتمالات التدخل في اختصاصاتها من قبل باقي السلطات. لذا كان لزاماً توضيح ماهية مبدأ استقلال القضاء وتطوره وارتباطه بالحقوق والمبادئ الدستورية الأخرى، وبيان استقلال القضاء عن باقي السلطات في الدولة، ثم الاسترسال في بحث ضمانات الاستقلال.
ولكي تعم الفائدة وليكون هذا الكتيب مرجعاً للقضاء و العاملين و الحقوقيين و المهتمين و سائر الأفراد آثرنا أن نورد فيه اهم الاعلانات و المواثيق الدولية و نصوص الدساتير خاصةً العربية منها التي ركزت على مبدأ استقلال القضاء ،كما فضلنا تسمية الكتيب باستقلال الوظيفة القضائية وعدم تسميته باستقلال القضاء أو استقلال السلطة القضائية لأن تسميته – مثلاً- استقلال القضاء يفهم منه احد معنيين، فقد يعني استقلال القرارات القضائية فقط ، أو استقلال القضاة فقط، وذلك لأن كلمة قضاء قد يراد منها معنى عضوي ونعني به رجال القضاء أو معنا موضوعي يراد به قرارات القضاء مما يؤدي إلى عدم الإحاطة باستقلال السلطة القضائية ،
اما إذا سمينا الكتيب باستقلال السلطة القضائية فإننا نكون أمام معنا واسع جداً لأن هناك جهات وأفراد – من غير القضاة – يتمتعون بسلطات قضائية مما تقتضي الضرورة التعريج على اختصاصاتهم وهو خارج الموضوع الذي نريد تناوله، لذا فضلنا أن تكون التسمية (استقلال الوظيفة القضائية) حتى تشمل استقلال القضاء بمعنييه العضوي والموضوعي كما يشمل استقلال السلطة القضائية محصورة في دائرة ما يتمتع به القضاة فقط من سلطات قضائية.
إذا كان مبدأ استقلال القضاء يعني تحصين السلطة القضائية من التدخل، فهل هذا المبدأ يعني الانفصال التام للقضاء أو التحرر المطلق له عن باقي السلطات؟ ربما تسهل الإجابة إذا ما حددنا فيما إذا كان استقلال القضاء وسيلة ام غاية بحد ذاتها، فإذا ما قلنا إنها غاية – جدلاً – فإننا قد نسمح بالتحرر المطلق أو الانفصال التام للقضاء مما ينذر باستبداد محتمل للقضاء أو ما يعرف بنشوء حكومة القضاة، أما إذا قلنا إن الاستقلال وسيلة توصل لتحقيق أهداف اخرى من أبرزها سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات فإن استقلال القضاء بهذا الوصف لا يتعدى حدود عدم التدخل بشؤونه من قبل باقي السلطات من دون ان يصل الى الانفصال أو الانعزال. فالاستقلال يعني عدم خضوع القضاء في تنظيمه إ
لا لسلطة القانون بحيث يكون عمل القضاء في سبيل إقرار الحقْ والعدل خاضعاً لما يمليه عليه القانون وضمير القاضي واقتناعه الحر السليم. استناداً لهذا فأن استقلال القضاء لا يلغي علاقة السلطة القضائية بغيرها من السلطات، سيما ان السلطة التشريعية تمارس دوراً مهماً في تنظيم القضاء من خلال اصدار التشريعات، كما أن السلطة التنفيذية تمارس دوراً غير قليل بما يختص بالشؤون الإدارية لأعضاء الهيئات القضائية •
ان السلطة القضائية تقف ازاء سلطتين أقوى منها فالسلطة التشريعية تمثل إرادة الشعب ، وتصدر تشريعات ملزمة للسلطة القضائية و لغيرها ، اما السلطة التنفيذية فتزاول اختصاصاتها من خلال إصدار قرارات تنظيمية وتكون مسؤولة عن تنفيذ القوانين فضلاً عن دورها في التدخل بتنظيم الجهاز القضائي ، وبالتالي نجد ان اختصاص السلطة التشريعية و التنفيذية ايجابياً في حين ان اختصاص السلطة القضائية سلبياً في الأعم الأغلب ، فهو يقتصر على تطبيق القانون في حالة الطلب من احد المتنازعين ، أي بمناسبة إقامة الدعاوى ، وبالتالي يتبين ضعفها إزاء باقي السلطات .
•إن طبيعة الوظيفة القضائية قائمة على تحقيق العدالة وحماية حقوق الافراد وحرياتهم واحترام القانون توجب عدم التدخل في عمل القضاء حتى يتمكن من تحقيق وظيفته وبخلافه فإن القضاء سوف يحقق أغراضه مما يؤدي إلى حدوث الاضطراب في المجتمع وزعزعة الثقة بالقانون لدى الافراد.
•مادام القانون يمثل قوة إلزام لأفكار سامية وموضوعية حيادية ولا تميل أي ميل طبقي أو عشائري أو حزبي أو شخصي، إلا ان هذه الأفكار الملزمة لا تستطيع تطبيق نفسها بنفسها، مما يتطلب وجود جهاز قضائي يتمتع بالمواصفات نفسها التي يتمتع بها القانون من سمو وموضوعية وحيادية، مما يستوجب التركيز والمناداة بضرورة استقلال القضاء.
•وكون القضاء يمثل الوسيلة المتاحة والسهلة للمواطنين للجوء إليه في عرض ظلماتهم بمعنى أن القضاء يمثل في نظر الأفراد الجهة الحيادية لذا فإن الإصرار والمناداة باستقلاله يعزز ثقة المواطنين بالدولة من جهة ومن جهة أخرى يولد الشعور لهم بالأمان والطمأنينة والتفاؤل بوجود جهة مستقلة قادرة على حمايتهم سواءً من الحكومة أو المؤسسات أو الأفراد.
ولكن هل المناداة بهذا المبدأ تتوقف عند حد عدم تدخل باقي السلطات في عمل القضاء، أم أنَّه يحمل معنى متوازن ومتقابل أي وجوب عدم تدخل القضاء في عمل باقي السلطات؟
أن القضاء يتمتع بالولاية العامة على الاشخاص والمنازعات في الدولة كافة، لذا فأن وظيفته هذه تستوجب مراقبة عمل السلطة التشريعية حيناً فيما يعرف بالرقابة على دستورية القوانين، أو النظر بعمل السلطة التنفيذية حيناً اخر عند الفصل في الخلافات التي تكون فيها الحكومة ومن يمثلها طرفاً فيها أو طرفاً وحيداً فيها كالقضايا المتعلقة بالفساد الاداري على سبيل المثال.
إن مبدأ استقلال القضاء يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمبدأ الفصل بين السلطات لأن مقتضى هذا المبدأ أن يقوم القضاء بوصفه سلطة تقف على قدم المساواة بجانب السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأنّ تكون مستقلة عنها كي تمارس اختصاصاتها بحماية حقوق الأفراد وحرياتهم بوصفها ضامناً على تلك الحقوق والحريات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.