عقب ساعات من إعلان حزب النور، رفضه للتعديلات الدستورية المقترحة، تراجع الحزب في اللحظات الأخيرة عن موقفه معلنًا موافقته عليها، رغم تضمنها لفظ «مدنية الدولة» الذي أعلن معارضته له من قبل. وكان الدكتور أحمد خليل، ممثل الهيئة البرلمانية للحزب، أعلن خلال الجلسة الصباحية التي خصصت لمناقشة التعديلات الدستورية قبل جلسة التصويت النهائي، رفض الحزب للتعديلات اعتراضًا على لفظة «مدنية الدولة». وأضاف قائلًا: «نرفض التعديلات الدستورية لسبب واحد فقط، وهو كلمة مدنية الدولة، وإذا كانت كلمة مدنية في التعديلات تعني أنها ضد الثيوقراطية والعسكرية البوليسية فنحن نوافق عليها ولكن إذا كان معناها علمانية فنحن نرفضها». لكن الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، أكد لممثل الهيئة البرلمانية، أن كلمة مدنية لا تعني إطلاقًا العلمانية ولا الدينية ولا العسكرية، قائلًا: «آمل في أن تعدل رأيك خلال التصويت، لأنني وعدت بأن مدنية ليست مقابلة للعلمانية». ليعود بعدها «خليل»، خلال جلسة التصويت نداءً بالاسم على التعديلات الدستورية، معلنًا موافقة الحزب، مبررًا قراره بأنه جاء «بعد تأكيد رئيس المجلس، على اللاءات الثلاثة، لا للدولة العلمانية، لا للدولة العسكرية، لا للدولة الدينية». «المصريون»، تواصلت هاتفيًا مع عدد من نواب حزب «النور»، لتوضيح موقف الحزب، ومعرفة أسباب الرفض ثم التأييد، غير أنهم جميعًا رفضوا الحديث، بزعم أنه غير مخول لهم الحديث في وسائل الإعلام. وقال سامح عبد الحميد، الداعية السلفي، إن «النور» رفض التعديلات لاشتمالها على لفظة «مدنية الدولة»؛ لأن الحزب يتخوف من التفسير الخطأ للكلمة، ويخشى أعضاءه على الأجيال القادمة من وجود نص بمدنية الدولة في الدستور. وخلال حديثه ل«المصريون»، أضاف: «لكن عندما حدثت الطمأنة من رئيس المجلس باللاءات، قال ممثل الحزب إنه بعد تأكيد رئيس المجلس على اللاءات الثلاثة في مفهوم كلمة مدنية، لا علمانية، ولا دولة ثيوقراطية، ولا دولة بوليسية، يعلن نواب حزب النور الموافقة على التعديلات». الداعية السلفي، أوضح أنه «تم عمل تفسير مكتوب للمدنية بالمضبطة بأنها لا تعني العلمانية، ثم التصويت علي هذا التفسير من المجلس بالموافقة على أنها لا تعني العلمانية، فتم بذلك نفى هذا التفسير المحتمل لها بكونها تعني علمانية، وتوجهت معانيها إلى مدنية بمعنى لا عسكرية أو لا بوليسية أو لا ثيوقراطية بمعنى الحق الإلهي». أما، إسلام الكتاتني، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، قال إن موقف حزب النور غريب ويشير إلى أنهم غير ثابتين على مبادئهم، مضيفًا أنهم في الصباح رفضوا التعديلات لاشتمالها لفظ مدنية الدولة، ثم في المساء وافقوا عليها رغم تضمنها لنفس اللفظ. وأضاف ل«الكتاتني»، ل«المصريون»، أن هذه التغيير في الغالب جاء بعد ضغوط تعرض لها الحزب، أو إملاءات أو أنه لموائمات سياسية، متابعًا «هذا هو التفسير لموقف الحزب». الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أشار إلى أن النور تخلى عن ثابت من ثوابته وليس أمر فرعي، منوهًا بأن ذلك تكرر منه و كثيرًا منه خلال الفترة الماضية. من جانبه، كتب الدكتور خالد الزعفراني، القيادي السابق بجماعة الإخوان عبر «فيس بوك»: «لقد تحرك حزب النور في المتاح تحركًا سياسيًا ناضجًا وحقق هدفه في رفض العلمانية مما سيجعله قدوة ومثلا لكثير من الأحزاب في الدول العربية». وأمس، وافق مجلس النواب رسميًا خلال جلسته العامة، على التعديلات الدستورية، حيث وافق 530 عضوًا بينما رفض 22 عضوًا، وامتنع عضو واحد بإجمالي مشاركة من الأعضاء 554. وخلال جلسات الحوار المجتمعي التي عقدها مجلس النواب، منذ أسابيع، أعلن طلعت مرزوق، مساعد رئيس حزب النور للشئون القانونية، موافقتهم على تعديل المادة 140 من الدستور والمتعلقة بتعديل مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، فيما تحفظ في الوقت ذاته على «مدنية الدولة» و«كوتة المرأة» بالتعديلات. وحينها، قال «منصور»: «نحن ننطلق جميعًا كأحزاب وقوى سياسية ومؤسسات الدولة من منطلقات مشتركة حين نتكلم في الدستور خصوصًا، وما يخص بلدنا عمومًا، كلنا أسرة واحدة، المجتمع والوطن، نبحث عن أن تنطلق مصر انطلاقة توافقية، ومن هنا لا يحق لي ولا لأي أحد من حزب النور أن يزايد على وطنية أحد من المتحدثين ولا موقف أحد، مؤيد أو رافض، كلنا نعتز بهذا البلد وبهويته». وأعلن مساعد رئيس حزب النور للشئون القانونية، تحفظ الحزب على مصطلح «الدولة ومدنيتها» بنص الفقرة الأولى من المادة 200، لافتًا إلى أن رئيس مجلس النواب، أكد بنفسه أن الدستور وحدة واحدة، قائلًا «مع احترامي الشديد لكل الأساتذة، فديباجية الدستور نصت على مدنية الحكومة، والتعديلات المُقترحة تضيف المدنية إلى الدولة، لماذا عدل المشرع الدستوري عن النص الذي أسند المدنية للحكومة في ديباجية الدستور وأسندها للدولة».