هذا ما قالته عضو المكتب الوطني لحزب(جيل جديد)مريم سعيدانى ردا على النائب البرلماني عن حزب(جبهة التحرير الوطنى)عبد الوهاب بن زعيم الذى أعلن أن الجبهة تدعم الحراك الوطني(المظاهرات),,علينا هنا ان نعلم بأن الجزائر 40 مليون نسمة نصفهم تقل أعمارهم عن سن ال20. حزب الجبهة هو حزب الرئيس(وهو يشبه في مصر زمان الحزب الوطنى أو حزب مصرأو الاتحاد الاشتراكي أو هيئة التحرير أو 23 يوليو)حزب جبهة التحريرالوطني الحاكم كان حتى(أول إمبارح)من أشد الداعمين لترشح الرئيس لولاية خامسة وهو ما كان سببا مباشرا لاشتعال المظاهرات السلمية الحاشدة فى مختلف أنحاء البلاد,, صاحبنا قال:حزب الجبهة يبارك الحراك الشعبي كما بارك رئيس الجمهورية ولن يتخلى أبدا عنه ونحن ماضون في الحوار الوطني الذي أطلقه بوتفليقة..نحن معه في تصوره لحل الأزمة عبر ندوة وطنية خلال الحوار مع كافة الأطراف بما في ذلك المعارضة والأحزاب والشعب. لكن الرد جاء قاسيا من حزب(جيل جديد)على لسان مريم التى قالت:ما يتحدث عنه القائمون على حزب(جبهة التحرير الوطنى)هو أمرغير أخلاقي لأنهم بالأمس القريب كانوا يقولون إنهم يساندون الرئيس وجمعوا له التوقيعات وكانت هناك كلمات تبجله اليوم أداروا ظهورهم للرئيس بهذا الشكل..هذا أمرغير معقول! الشعب يقول لهم لقد تأخرتم كثيرا لركوب الحراك (وهو غير قابل للركوب) وأضافت هذه التصريحات مرفوضة تماما وجاءت متأخرة وتثبت بأنهم غير أهل للثقة لأنهم ساندوا الرجل وانقلبوا عليه فجأة عندما رأوا أنه في آخر أيام حكمه .. إنها محاولة بائسة للقفز من السفينة الغارقة،هم يعلمون تماما أن إرادة الشعب ستنتصر ويسعون للحصول على دور في المرحلة المقبلة،ولكن هذا لن يحدث.. هؤلاء الانتهازيون يريدون أن يركبوا على موجة التظاهرات التي خرجت أصلا ضدهم وضد النخبة الحاكمة التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه. كلام مريم يشير الى أن المرأة الجزائرية ليست أقل بأسا وشدة من الرجل الجزائرى وسيتأكد ذلك من بلاغ تقدمت به جزائرية تقيم في سويسرا الى محكمة سويسرية متخصصة وطلبت الوصاية على الرئيس أثناء وجوده في المستشفى بجنيف لأن هناك من يستفيدون من غياب (وعيه )وعجزه ويعملون ضده وضد مصالح الشعب. وبالفعل تقدمت محامية سويسرية(ساسكيا ديتيشايم)وهى أيضا رئيس قسم الحقوقيين في منظمة(محامون بلا حدود)وكيلةعن المواطنة الجزائرية الشجاعة بطلب إلى محكمة سويسرية مختصة تطلب فيها وضع بوتفليقة تحت وصاية من أجل حمايته _الالتماس لم يكن باسم المنظمة_ وقالت أن الحالة الصحية الهشة للرئيس جعلته عرضة للاستغلال من جانب المحيطين به. الشعب الجزائري الذى بلغ درجة كبيرة من الوعي والنضج لم يطلب الكثير.. لم يريد سوى تغييرالرئيس شبه الميت إكلينيكيا منذ 5سنوات..لم يطلب الشعب سوى ألا يكون( هزؤه)أمام دول العالم بالسماح لرئيس لايستطيع الكلام !! أن يصبح رئيسًا لفترة خامسة. السلطة التى سعت إلى فرض الأمر الواقع بإصرارها على ترشح جديد للرئيس عبد العزيز بوتفليقة رغم أنها كانت تستشعر حجم الرفض تريد أن تبقى في المرحلة الانتقالية وأن تختار من يكون مشاركا فيها وهذا سيشعل الدنيا أكثر لكن إذا قررت البحث عن شخص أو مجموعة أشخاص في إطار توافقي فسيتأكد الشعب أنها تريد انتقالا سلميا وسلسا. على الجانب الأخر سنجد أن المعارضة لم تنجح في الاتفاق على مرشحٍ يمثلها. قائد الجيش الفريق( قايد صالح) بدأ يأخذ منحا جديدا فبعد التهديد بسنوات الجمر(وسنوات الجمر التى يهدد بها قائد جيش شعب الوطن الذى يحميه هذا الجيش ..سنوات الجمر هذه غير_ ثواني جمرات في دمى _التى شدت بها السيدة أم كلثوم في الاطلال)..الفريق قايد صالح الأن موقفه يتسم بالحذر الشديد إزاء التطورات ذلك أن الحراك سلميا وحضاريا الى ابعد ما يكون وبالتالي تدخل الجيش لن يكون مقبولا طالما أن الممتلكات العامة والمؤسسات والمرافق العمومية مصانة..كما أن تدخله الأن يعد خرقا للقوانين..وهو ما سيضعه في موقف بالغ الحرج ليس فقط أمام الشعب بل أمام العالم كله الذى ينظر باهتمام شديد لتطورات الوضع في الجزائر . الملفت للنظر هنا هو ما نشرته الصحف الفرنسية عن بوتفليقة عندما شغل منصب وزيرا للخارجية(1963-1979) وحديثها عن تجاوزاته واستغلاله لنفوذه و للمال العام .. بوتفليقة هرب من الجزائر عام 1981 بعد اتهامه بعدة عمليات وصلت إلى ملايين الدولارات وصدر أمر قضائي باعتقاله وقد أثيرت حينها قضية ارتباطه بالفساد ثم أسدل الستارعلى تلك القضية.حتى عفى عنه الرئيس الشاذلي بن جديد عام 1986 ولم يعد إلى الجزائر إلا في 1987وشارك في مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني في عام 1989 (بعد ثورة الخبز في اكتوبر 1988)وانتخب عضواً للجنة المركزية. في ديسمبر 1998أعلن عن نيته لدخول المنافسة الرئاسية كمرشح حر وقبل يوم واحد من إجراء الانتخابات انسحب جميع المرشحين المنافسين الآخرين(حسين آيت أحمد/ مولود حمروش/ مقداد سيفي/أحمد طالب الإبراهيمي/عبد الله جاب الله/ يوسف الخطيب) أسماء من ذوات الوزن الثقيل جدا.. وليبقى هو المرشح الوحيد للانتخابات. وسينجح كاشفاً بهذا النجاح الأعور عن قدر الخلل العميق في السلطة. اختيار فرنسا هذا التوقيت لطرح فساد (الصفوة الحاكمة) اذا شئنا القول وليس بوتفليقة يطرح عدة تساؤلات قد يكون منها أن فرنسا تؤيد ضمنيا موقف غالبية الشعب الجزائري وطبعا سيكون تأييد مدروس درسا دريسا.. الصفوة الحاكمة سترسل رمطان العمامرة الى روسيا وإيطاليا .. سنعرف بعدها ان فرنسا وأمريكا يتخذان موقف مخالف لهذه الصفوة ..وقلت قبلا أن السفارة الأمريكية في باريس تعمل على هذا الموضوع المركب 24ساعة. النظام الأن في حيرة حائرة محورة ..فإما اللجوء الى قوة القمع وهو رأي يتزعمه بعض الجنرالات و يشاركهم فيه بعض المدنيين وهو ما سيجعل الجزائر تقترب من حالة ليبيا مع بعض الاختلاف بطبيعة الحال ..لأن القمع سيكون خارج الملعب الذى اتخذ كل فريق فيه مكانه الصحيح سيكون ايضا خارج الزمان بعد شهر من الحشود الشعبية السلمية تماما ..إذا حدثت الاولى سيكون الخسار على الأجمعين .. أو أن تحدث الثانية و تتدخل السياسة بحل وسطي ينهي الوضع الحالى بترشيح شخص اخر يمثل النظام و يعرض على الشعب وفى الأغلب سيكون رمطان العمامرة . الخوف الحقيقى من وجه القسوة والعنف داخل النظام والتى قد تٌقدم على عمليات قتل تنسبها إلى إرهابيين أو المتظاهرين و تعيد سيناريو العشرية السوداء(سنوات الجمر) خاصة أن قادة الجيش ليسوا فيما يبدوعلى قلب رجل واحد وإذا قرر قايد صالح دعم المظاهرات منذ الغد فمن غير المستبعد أن يرفض باقي قادة الجيش قراره وتتم الإطاحة به بسهولة .. ذلك أن الجيش يسيطرعلى السلطة في الجزائر منذ نحو 60عاما تقريبا البداية افتتحها القومى العريق بوميدين(1932-1978)و كانت عام 1962 عندما كان وزيرا للدفاع وحكم البلاد بصورة شخصية عام 1965 بعدما عزل حليف الأمس بن بلة خشي بومدين أن يلقى مصير سابقه على يد رفاق السلاح فاحتفظ لنفسه بمنصب رئيس مجلس قيادة الثورة والحكومة ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة والاستخبارات واستمر رئيسًا حتى وفاته وخلفه وزير الدفاع الشاذلي بن جديد الذى ظل في منصبه 14 عامًا ثم أجبره قادة الجيش على الاستقالة عام 1992 بسبب نيته التعايش مع الإسلاميين ومع بدأ حرب الجيش والإسلاميين (العشرية السوداء) استدعى الجيش محمد بوضياف أحد أبرز وجوه ثورة التحرير الجزائرية ليتولى مسؤولية رئاسة البلاد..سيتم اغتيال بوضياف 1992 وسيخلفه الرئيس المؤقت(علي كافي) الذي تولى الرئاسة حتى عام 1994وسرعان ما عاد الجيش إلى الحكم المباشر(وزير الدفاع الأمين زروال) الذى أصبح رئيسا للجمهورية وسرعان ايضا ما دب الخلاف بين زروال وباقي قادة الجيش بسبب الرؤية الخاصة بالتعامل مع الإسلاميين وتمت انتخابات مبكرة عام 1998. دعم الجيش فيها عبدالعزيز بوتفليقة مما دفع باقي المرشحين إلى الانسحاب احتجاجًا وهكذا أصبح بوتفليقة رئيسًا للجزائر باسم الجيش واستمر دعم أغلب قادة الجيش والمؤسسات الأمنية لوجود بوتفليقة في الحكم خلال الانتخابات التي أجريت أعوام 2004 و2009 و2014 .. لا يمكن القول إنه يوجد حاليًا من يسيطر سيطرة تامة على الجيش لكن بشكل عام يمكن القول أن هناك توازنًا هشًا للقوة بين رئيس الأركان أحمد قايد صالح من جهة والدائرة المقربة من بوتفليقة بزعامة أخيه سعيد من جهة أخرى. لكن الموقف كله الأن يسير في اتجاه افضل كثيرا لصالح الشعب وخياراته .. إلا إذا أُريقت الدماء واتخذت الاحتجاجات طابعا عنيفا وهو أمر مستبعد بعد أن ثبت الحراك القوى أقدامه في أخطر مكان: الشارع . المشكلة الطريفة اذا جاز الوصف أن أكثر من 70% من الجيل الحالى الذى يقوم بالحراك ولدوا بعد العشرية الدموية و بالتالي فاستراتيجية الصدمة والرعب التي مارسها النظام في التسعينات ضد أباءهم لن تكون ناجعة ..مواليد 1995 عمرهم الأن 24 سنة يعنى انهوا دراستهم الجامعية. هنا سنجد أنفسنا بحق وحقيق أمام استحقاق تام لبيت أبو القاسم الشابي ابن الجارة القلقة مما يحدث (تونس الخضراء ): إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر/ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.. لتتأكد مقولة مريم سعيدانى(الحرك غير قابل للركوب)